قسم الأطعمة واللباس والزينة والآدابباب الرياضة

ذهاب النساء للصالات الرياضية

مسألة رقم 109

العناوين المرادفة

دخول المرأة الأندية الرياضية.

صورة المسألة

يوجد في بعض البلدان أندية نسائية تمارس فيها المرأة بعض أنواع الرياضة والترفيه, كأعمال اللياقة البدنية لتخفيف الوزن, والسباحة, ودخول حمام البخار (السونا), ونحو ذلك.

حكم المسألة

للفقهاء المعاصرين اتجاهان في المسألة :

الاتجاه الأول: المنع وعدم الجواز, وبه قال الشيخ عبدالعزيز بن باز, والشيخ محمد ابن عثيمين, والشيخ حسام الدين عفانة وغيرهم, وذلك لمايأتي:

  • أن النوادي المُستقلَّة التي يَذهبُ إليها النساءُ من بيوتهنَّ ليجتمعن فيها للعب الكرة, وما أشبه ذلك، قد يُفضي إلى شرٍّ كثير, فلا ينبغي تمكين النساء من ذلك, ولا من دخول نوادي السباحة، أو الألعاب الرياضية؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- حثَّ المرأة أن تبقى في بيتها, فقال وهو يتحدَّث عن حضور النساء للمساجد، وهي أماكن العبادة والعلم الشرعي:(لا تمنعوا إماءَ الله مساجد الله، وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ) [صحيح مسلم (990)] .

وذلك تحقيقاً لقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب: 33], ثمَّ إن المرأة إذا اعتادت ذلك تعلَّقت به تعلُّقًا كبيرًا؛ لقوة عاطفتها, وحينئذ تنشغل به عن مُهمَّاتها الدينية والدنيوية, ويكون حديث نفسها ولسانها في المجالس, ثمَّ إنَّ المرأة إذا قامت بمثل ذلك كان سببًا في نزع الحياء من المرأة, فلا تسأل عن سوء عاقبتها إلاَّ أن يَمُنَّ اللهُ عليها باستقامةٍ تُعيدُ إليها حياءها الذي جُبلت عليه.

  • يحرمُ على المرأة المسلمة أن ترتاد المسابح ونوادي اللياقة البدنية لتسبح أو لتقوم بتمارين رياضية لتخفيف وزنها أو ما شابه ذلك؛ لِما يترتب على ذلك من تهتك وتبذل, سواء كانت هذه الأماكن عامَّة يدخلها الرِّجال والنساء على حدٍّ سواء, أو كانت خاصة بالنساء, ودليل ذلك ما وَرَدَ من الأحاديث التي تمنع المرأة المسلمة أن تخلع ثيابها في غير بيت زوجها, ومنها: عن أبي المليح الهذلي أن نساء من أهل حمص أو من أهل الشام دخلن على عائشة, فقالت: أنتن اللاتي يدخلن نساؤكنَّ الحمَّامات؟ سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها) [رواه الترمذي, حديث رقم: (2803), وقال: حديث حسن].

وفي حديث آخر: عن أُمِّ سلمة قالت: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عنها ستره) [رواه أحمد (15/83), وصححه الألباني في صحيح الجامع (2708)], وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام …) [رواه الترمذي، حديث رقم: (2801), وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6506)] ,والمرادُ بالحمَّام في هذه الأحاديث: هو الحمَّامُ الذي يكونُ خارج المنزل, كالحمَّامات العامَّة التي كانت معروفة في المدن في فترات سابقة, ولا يقولنَّ قائل إن هذه الأحاديث قد وَرَدَت في الحمَّام فقط، ولا دليل فيها على المسابح أو نوادي اللياقة؛ لأننا نقول: إن المسابح ونوادي اللياقة البدنية في معنى الحمَّامات العامَّة, بل قد تكون أولى بالحكم من الحمَّام, ومن جانب آخر فإن التحريم في هذه المسألة له جانب آخر، وهو سدُّ الذرائع، فإن الشريعة الإسلامية تسعى دائمًا إلى سدِّ الطُرُق المفضية إلى الفساد، كما قال الله تعالى (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الأنعام: 108], فالله سبحانه وتعالى حرَّمَ سبّ آلهة المشركين لكونه ذريعة إلى سبِّ الله تعالى, وذهاب النساءِ إلى المسابح ونوادي اللياقة البدنية لو سلَّمنا أنه جائزٌ لمنعنا منه؛ لأنه يُفضي إلى الفساد.

 

الاتجاه الثاني: الجواز بضوابط وشروط, وبه قال بعض فقهاء العصر, وعللوا ذلك:

بأن الأصل عموم الأحكام الشرعية للرجال والنساء, والأصل في الرياضة الجواز, ومما يدل على أن هذا هو الأصل في ممارسة الرياضة للنساء ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني . فقال: ( هذه بتلك السبقة) [رواه أبوداود (2218)].

قال الخطابي([1]): وفي الحديث دليل واضح على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرم الأخلاق وحسن المعاشرة مع الأهل وتطييب قلوبهم.

وبناءً على هذا الأصل فإن للمرأة أن تمارس من الرياضة ما تحتاج إليه في تنشيط جسمها, فإن للرياضة أثراً في نشاط البدن وحيويته.

ويحرص الشرع على ستر المرأة، وأن تنفصل قدر الإمكان عن الاحتكاك بالرجال، وبالتالي فقد حبذ لها الشرع البقاء في بيتها، وألا تخرج إلا وهي محتشمة وغير مبدية للزينة الظاهرة وغير متطيبة مع عدم الضرب بالأرجل ليعلم ما تخفي من زينتها.

كل ذلك من أجل صيانتها عن أن تنتهبها الأعين الزائغة.

قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ).

وقال صلى الله عليه وسلم في أمر الخروج إلى الصلاة وهي شعيرة دينية: (لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن)، [رواه أبوداود: (480)].

وجعل صلى الله عليه وسلم خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها, كل ذلك لتجنب مواضع الفتنة.

 

وبناءً على ذلك فإن الأولى والأفضل للمرأة أن تمارس الرياضة المناسبة لها في بيتها، وإن احتاجت إلى ممارسة الرياضة خارج البيت فلابد من مراعاة الضوابط الآتية:

1- أن يكون المكان الذي تمارس فيه المرأة الرياضة خالياً من الرجال ومستوراً عن الأعين وأن يتأكد من عدم تركيب كاميرات التصوير التي قد يضعها بعض ضعاف النفوس؛ لأن المرأة حال ممارسة الرياضة لا تكون في حال الاحتشام غالباً.

2-عدم كشف ما لا يحل كشفه من العورات وألا تظهر المرأة مواضع الفتنة منها.

3- أن تكون الوسيلة التي توصل المرأة إلى موضع ممارسة الرياضة مأمونةً بحيث لايكون هناك خلوة وأن يكون الموصل لها-إلى مكان ممارسة الرياضة- من الثقات.

4-أن تمارس المرأة ما لا يتعارض مع طبيعة جسمها من الرياضات المناسبة لأنوثتها بعيداً عن الرياضات العنيفة التي تؤثر على جسمها وربما أفقدتها بعض الخصائص التي أودعها الله فيها.

5ـ وجوب التستر والاحتشام عند الدخول والخروج من مكان مزاولة الرياضة.

6-أن يقوم الثقات من النساء على مثل هذه المناشط مع المتابعة التامة وملاحظة التجاوزات لدفعها وتلافيها.

7- يجب أن يعلم أن مقصد الشارع من حفظ الأعراض مقصد ضروري والرياضة على العموم لا تخرج عن المقصد التحسيني، وبالتالي فإن خُشي على المقصد الضروري من الفوات فوت التحسيني في سبيل المحافظة على الضروري.


([1]) معالم السنن للخطابي 3/66.

المراجع

1. حقائق مهمة في ممارسة الرياضة, محمد راتب النابلسي.
2. حكم ممارسة المرأة للرياضة, عبدالرحمن بن أحمد الجرعي.
3. دروس صوتية مفرغة ضمن المكتبة الشاملة، للشيخ ابن باز (14/13).
4. فتاوى يسألونك، حسام الدين عفانة (2/142, 143).
5. مجلة الدعوة، فتوى الشيخ ابن عثيمين، عدد: (1765) ص54
6. موقع الفقه الإسلامي,
http://www.islamfeqh.com/Forums.aspx?g=po =302.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى