لم يزل المسلمون يسعون جاهدين في المحافظة على كتاب الله في صدور أبنائهم، ولكل جهة من جهات العالم الإسلامي أساليبها التي تناسبها في القيام بتلك المهمة، وقد طورت بعض الجهات من أساليبها فوجدت حلقات مرتبة منظمة يعين لها رجال أكفاء يقومون بإدارتها وتسييرها والتعليم والإقراء فيها إلى غير ذلك من الأعمال التي يفرضها عليهم التطور في أساليب التربية الحديثة والتعامل مع الأطفال، فهل يجوز صرف الزكاة في دعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم؟
هذه المسألة ترجع لمسألة أخرى وهي المراد بمصرف (في سبيل الله)، وقد اختلف العلماء فيه فمنهم من خصه بالجهاد في سبيل الله وهم جمهور العلماء، ومنهم من جعله عاما في جميع وجوه البر، ثم الذين خصوه بالجهاد اختلفوا هل يختص الجهاد بالجهاد بالسلاح أو يشمل الجهاد بالسلاح وجهاد الدعوة إلى الله، وينبني على على هذا الخلاف الخلاف في دعم حلقات تحفيظ القرآن من أموال الزكاة من هذا المصرف (في سبيل الله)، فمن خص مصرف (في سبيل الله) بالجهاد بالسلاح رأى أنه لا يجوز دعم حلقات تحفيظ القرآن من أموال الزكاة، ويمكن تمويلها من الصدقات العامة والتبرعات الأخرى، أما بقية العلماء – سواء من يرى أن مصرف (في سبيل الله) يشمل جميع وجوه البر أو خاص بالجهاد لكن الجهاد يشمل الجهاد بالسلاح وجهاد الدعوة- فيرون أنه يجوز دعم حلقات تحفيظ القرآن من أموال الزكاة باعتبارها داخلة في مصرف (في سبيل الله)، وجهاد الدعوة بالقرآن الكريم هو من أعظم ما يكون من الجهاد كما قال الله تعالى (وجاهدهم به جهادا كبيرا) [الفرقان: 52].
وقد درس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي هذا موضوع، وكذلك الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة على ما سبق بيانه في المسألة السابقة.
1. فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزكاة المعاصرة ص(25)، بحث بعنوان (مصرف في سبيل الله) للدكتور سعود الفنيسان.
2. قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة، العدد:3 ص(211), قرار (4).
3. مصرف في سبيل الله، مجلة البحوث الإسلامية، الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، العدد الثاني (23-57).