قسم الأسرةباب النكاح

دبلة الخطوبة

المسألة رقم 70

العناوين المرادفة

خاتم الخطوبة.

صورة المسألة

دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم، والخاتم في الأصل ليس فيه شي إلا أنه قد يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس حين يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه، زعما منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين.
وهي عادة نصرانية مصحوبة باعتقاد ن هناك عرقا توجد في الأصبع البنصر يتصل بالقلب مباشرة، وأنها أي الدبلة تورث محبة بين الزوجين.
ويعود تاريخ خاتم الخطوبة إلى التقاليد الفرعونية، وأول من اتبع ذلك هم قدماء المصريين، والسبب في ذلك أن النقود التي كانوا يتعاملون بها على هيئة حلقات ذهبية، وكون الخاطب يضع هذه الحلقات في أصبع مخطوبته يعني أنه قد وضع كل ما يملك تحت تصرفها ( ).
قال الشيخ عطية صقر: ” خاتم الخطوبة أو الزواج له قصة ترجع إلى آلاف السنين، فقد قيل: إن أول من ابتدعها الفراعنة، ثم ظهرت عند الإغريق، وقيل إن أصلها مأخوذ من عادة قديمة، هي أنه عند الخطبة توضع يد الفتاة في يد الفتى ويضمهما قيد حديدي عند خروجهما من بيت أبيها، ثم يركب هو جواده وهى سائرة خلفه ماشية مع هذا الرباط حتى يصلا إلى بيت الزوجية، وقد تطول المسافة بين البيتين، ثم أصبحت عادة الخاتم تقليدا مرعيا في العالم كله.
وعادة لبسها في بنصر اليسرى مأخوذة عن اعتقاد الإغريق أن عرق القلب يمر في هذا الإصبع، وأشد الناس حرصا على ذلك هم الإنجليز. وقيل: إن خاتم الخطوبة تقليد نصراني.
والمسلمون أخذوا هذه العادة، بصرف النظر عن الدافع إليها، وحرصوا على أن يلبسها الطرفان، ويتشاءمون إذا خلعت أو غير وضعها، وهذا كله لا يقره الدين ” انتهى.

حكم المسألة

صدرت عدة فتاوى لعلماء المملكة العربية السعودية بعدم مشروعية هذه الدبلة، وأنه ليس لها أصل في دين الإسلام، ولم تكن من عادة المسلمين، بل هي من عادات النصارى، وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة مايلي([1]):” ما ذكرت من لبس الخاطب والمخطوبة أو الزوجين خاتم أو دبلة الخطوبة أو الزواج على الوصف المذكور- ليس له أصل في الإسلام، بل هو بدعة، قلد فيها جهلة المسلمين وضعفاء الدين الكفار في عاداتهم، وذلك ممنوع، لما فيه من التشبه بالكفار، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم”.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل، وذكر الشيخ الألباني رحمه الله: أنها مأخوذة من النصارى، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى، لا أعرف الكيفية لكن يقول: إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى، لئلا نتشبه بغيرنا. أضف إلى ذلك: أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما، وهذه العقيدة نوع من الشرك، وهي من التِّوَلَة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، فهي بهذه العقيدة حرام.

فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان:
الشيء الأول:
أنها مأخوذة عن النصارى.

والشيء الثاني: أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك.. لهذا نرى أن تركها أحسن “([2]).

أما لبس خاتم الفضة للرجل من حيث هو خاتم لا باعتقاد أنه دبلة تربط بين الزوج وزوجته، فهذا لا بأس به، لأن الخاتم من الفضة جائز للرجال، والمحرم عليهم هو الذهب فقط.

ولا يجوز للرجل أن يلبس مخطوبته خاتمها، لأنها لا تزال أجنبية عنه.

 

وفي فتوى مفصلة لمفتي الديار السعودية في زمنه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في جواب عن دبلة الخطوبة قال:

أولاً: لا يخفي أن هذا الشيء لم يكن معهودًا لدى الناس في هذه البلدان، وإنما تسربت هذه العوائد من بعض البلدان المجاورة، ولا ينبغي الانصياع معهم وتقليدهم التقليد الأعمى بكل ما يأتون به سواء كان غثًّا أو سمينًا، مع أن هذا من قسم الغث الذي لا خير فيه ولا نفع يعود على الزوج ولا على الزوجة منه.

ثانيًا: إن كانت هذه الدبلة التي يلبسها الرجل من الفضة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من فضة، وقد اتخذه صلى الله عليه وسلم لمصلحة شرعية، وكتب عليه اسمه ((محمد رسول الله)) فمحمد سطر أسفل، ورسول سطر وسط، والله سطر أعلاه. وأخذ العلماء من هذا أنه يجوز للرجل اتخاذ الخاتم من الفضة.

ثالثًا: أما إن كانت الدبلة من الذهب، فما كان منها في حق النساء فإن الشارع الحكيم أباح للنساء التحلي بما جرت به عادتهن، لأن المرأة خلقت ضعيفة ناقصة محتاجة إلى جبر نقصها بالتحلي والتبهي والتجمل للزوج، قال الله تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ فيباح لها التحلي بما جرت به عادة نساء زمانها ولو كثر.

وما كان من ذلك في حق الرجال فقد ثبت في الأحاديث الصريحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم الذهب على الرجال من أمته، ونهاهم عن استعماله، وغلظ في ذلك بقوله وفعله.

فمما ورد من قوله حديث علي رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله

في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي رواه أبو داود والنسائي، وفي الباب أحاديث كثيرة تركناها اختصارًا. ومما ورد من فعله حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها في يده، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك وانتفع به، فقال: لا آخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

(ص ف 1982 – 1 في 22 / 7 / 1385هـ)

 

وسئل سماحة الشيخ ابن باز مفتي الديار السعودية في زمنه: هل لبس دبلة الخطبة من الكبائر أم من الصغائر؟

فأجاب: لا شك أنها مكروهة ولا أصل لها فيما نعلم، وينبغي تركها، وأما كونها من الكبائر أو الصغائر فهي محل نظر، لكن بكل حال لا ينبغي تعاطيها لأنها مستوردة من الكفرة، فلا وجه لاستعمالها ولا حاجة إليها، متى تم العقد، فالحمد لله، ولا يحتاج دبلة يلبسها.


([1]) فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش 19/147

([2]) اللقاء الشهري 46/1

المراجع

1. فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الأولى، جمع: أحمد بن عبد الرزاق الدويش.
2. فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
3. مجلة البحوث الإسلامية.
4. موقع ابن باز.
5. اللقاء الشهري للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
6. النوازل المعاصرة في فقه الأسرة المسلمة. تأليف مجموعة من الأساتذة وهم: معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، أ.د. عبدالله بن محمد الطيار، د. محمد بن إبراهيم الموسى. مدار الوطن للنشر. ط أولى 1433هـ.
7. الضوابط الشرعية لحفلات الخطبة والعقد الزفاف، حنان عيسى الرباع، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، الأردن.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى