لا إشكال في الاقتداء بالإمام عن طريق الشاشات أو مكبرات الصوت ممن هم في حكم الجماعة في الصلاة، كمن يصلون في الأدوار العلوية أو السفلية، أو من هم خارج المسجد عند ضيق المكان.
ولكن ما حكم قيام الأفراد الذين ليس لهم حكم الجماعة في الصلاة بالاقتداء بالإمام اعتمادا على شاشة الرائي (التلفزة) أو المذياع (الراديو) أو مكبر الصوت، كمن هو ماكث في بيته أو مكتبه أو في مكان عام أو خاص، فإذا شرع الإمام في الخطبة أو الصلاة ائتم به من مكانه.
جماهير علماء العصر على عدم جواز الائتمام في الصلاة بإمام خلف التلفاز أو المذياع، إذا لم تتصل الصفوف وكان المقتدي في حكم المنقطع عن الإمامة حقيقة أو عرفا، لا في صلاة الجماعة ولا الجمعة.
فقد سئلت اللجنة الدائمة: ماحكم من صلى جماعة في منزله مكتفياً بسماع مكبرات الصوت من المسجد، ولم يتصل بين الإمام والمأموم ولو بواسطة وذلك واقع مكة والمدينة في الموسم؟
ج: لا تصح الصلاة، وهذا مذهب الشافعية وبه قال الإمام أحمد، إلا إذا اتصلت الصفوف ببيته، وأمكنه الاقتداء بالإمام بالرؤية وسماع الصوت، فإنها تصح، كما تصح صلاة الصفوف التي اتصلت بمنزله، أما بدون الشرط المذكور فلا تصح؛ لأن الواجب على المسلم أن يؤدي الصلاة في الجماعة في بيوت الله عزوجل مع إخوانه المسلمين، لقوله ﷺ : «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر» [أخرجه أبو داود وقال عنه الحافظ: إسناده على شرط مسلم]، ولقوله ﷺ للأعمى الذي سأله أن يصلي في بيته: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» [أخرجه مسلم في صحيحه] .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم([1]).
كما سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز للنساء أن يصلين صلاة الجمعة في بيوتهن، وكذلك جميع الصلوات على صوت الميكروفون في القرية؟ وكذلك المريض الذي لا يستطيع الصلاة في المسجد هل يجوز له متابعة الإمام من بيته بواسطة الميكرفون ؟
فأجابت: ” لا يجوز للرجال ولا للنساء ضعفاء أو أقوياء أن يصلوا في بيوتهم واحداً أو أكثر جماعة بصلاة الإمام في المسجد، رابطين صلاتهم معه بصوت المكبر فقط، سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة، جمعة أم غيرها، وسواء كانت بيوتهم وراء الإمام أم أمامه؛ لوجوب أداء الفرائض جماعة في المساجد على الرجال الأقوياء، وسقوط ذلك على النساء والضعفاء”اهـ([2]). وبه أفتى الشيخ ابن باز([3])، والشيخ ابن عثيمين([4])، وشيخ الأزهر جاد الحق([5]).
وقد ألّف الشيخ أبوالفيض أحمد بن محمد بن صديق الغماري رسالة سماها: “الإقناع بصحة صلاة الجمعة في المنزل خلف المذياع”، انتصر فيها للقول بالجواز، غير أن قوله هذا شاذ لم يتابعه عليه أحد من أهل العصر.
([1]) فتاوى اللجنة الدائمة (9/218) رقم(6744).
([2]) فتاوى اللجنة الدائمة رقم(7367).
([3]) فتاوى نور على الدرب (3/179).
([5]) فتاوى دار الإفتاء المصرية، وإن خرّج قولا بالجواز على مذهب المالكية في الفروض الخمسة دون الجمعة.
المراجع:
1. اختيارات الشيخ السعدي في قضايا فقهية معاصرة، ص(135).
2. فتاوى دار الإفتاء المصرية.
3. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، رقم: (6744)، ورقم: (7367).
4. فتاوى نور على الدرب.
5. النوازل في الطهارة والصلاة لباسم القرافي، ص(542).
6. مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين، (15/213).
7. المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ السعدي: (2/300-304).
8. مختصر فتاوى دار الإفتاء المصرية: ص(44).