قسم العباداتباب الزكاة

حكم احتساب الضريبة من الزكاة

مسألة رقم 98

صورة المسألة

تطلق الضريبة في الاصطلاح الفقهي على أنواع، منها: الخراج والجزية وعشور التجارة والمكوس، وليست هذه هي المقصودة في هذا المبحث، وإنما المقصود الضريبة في الاصطلاح المعاصر والتي تعني المقدار من المال الذي تلزم به الدولة الأشخاص والشركات بدفعه لتغطية النفقات العامة لها دون نفع معين لكل ممول بعينه.
وتقوم معظم الدول في الوقت الحاضر بفرض هذه الضريبة وفق قواعد معينة، سواء كانوا من أهلها أو من الوافدين للإقامة فيها, وباعتبار أن المسلم واجب عليه شرعا دفع الزكاة وهي أحد أركانه الخمسة.. فهل يجوز احتساب المسلم للضريبة التي يدفعها للدولة من مال الزكاة؟

حكم المسألة

تكلم بعض العلماء السابقين عن هذه المسألة لوجود الضرائب بمسمياتها المختلفة في زمانهم، وقد نقل قولان عن الفقهاء فيها([1]):

القول الأول: جواز احتساب الضريبة من الزكاة إذا نواه الباذل من الزكاة, وهو رواية عن أحمد واختاره النووي وأبوالعباس ابن تيمية في أحد قوليه.

ودليله: التيسير على الناس ودفع المشقة عنهم حتى لا يلزموا بدفع المال مرتين مرة للضريبة ومرة أخرى للزكاة.

 

القول الثاني: عدم جواز احتساب الضريبة من الزكاة وهو قول جمهور الفقهاء، واختاره أبو العباس ابن تيمية في الرواية الثانية عنه، وهو ما عليه عامة الفقهاء المعاصرين، وقد صدرت به فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية, وقد أفتت به الندوة الرابعة لقضايا الزكاة المعاصرة.

واستدل أصحاب هذا القول بأن الزكاة عبادة مفروضة لها صفات وشروط تختلف كثيرا عن صفات الضرائب وشروطها، مما يمتنع معه إعطاء الضريبة حكم الزكاة، ثم إن الضرائب قديما وحديثا لا تصرف في مصارف الزكاة بل تصرف في نفقات الدولة ومتطلباتها هذا إن سلمت من الظلم والجور، ولو سلمنا بإنفاق الضرائب على الفقراء في زمان أو مكان معين، فإن احتساب الضرائب من الزكاة عندئذ مؤداه انحسارها عن مصارفها الأخرى، وهذا لا يتفق مع الأدلة والمقاصد الشرعية القاضية بصرف الزكاة في مصارفها المنصوصة ما أمكن لما في ذلك من منافع عظيمة للإسلام والمسلمين، بل ربما أدى ذلك إلى انحسار الزكاة برمتها كما هو الحال في كثير من بلاد الإسلام التي زاحمت الضريبة فيها الزكاة، ثم إن المسلم مأجور على ما يصيبه من مشقة إثر اجتماع الضريبة مع الزكاة إن هو احتسب ذلك عند الله كما أن المال لا تنقصه الزكاة والصدقة بل تطهره ويبارك فيه.

جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية فتوى رقم (6573): (لا يجوز أن تحتسب الضرائب التي يدفعها أصحاب الأموال على أموالهم من زكاة ما تجب فيه الزكاة منها، بل يجب أن يخرج الزكاة المفروضة ويصرفها في مصارفها الشرعية، التي نص عليها سبحانه وتعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) الآية. [التوبة: 60].


([1]) المجموع (5/478), مطالب أولي النهى (2/133)، اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي ص(155), مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/93).

المراجع

1. الزكاة والضريبة للدكتور عبد الستار أبو غده ضمن أبحاث الندوة الرابعة ص(400).
2. فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزكاة المعاصرة ص(70).
3. فقه الزكاة للقرضاوي (2/1054, 1181).
4. مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 285).
5. المحاسبة الضريبية والزكاة الشرعية ص(17).
6. نوازل الزكاة للغفيلي ص(325-336).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى