• الفسخ لفسق الزوج.
• طلب الطلاق لفسق الزوج.
من المشكلات التي عمت بها البلوى، وكثر السؤال عنها، واضطربت الأسر بسببها: أن المرأة قد تبتلى بزوج يتهاون في العبادات المفروضة ويفعل الكبائر والموبقات (مما لا يخرجه عن دائرة الإسلام) كالتكاسل في أداء الصلوات وأكل الربى وحلق اللحى ونحو ذلك، فهل للمرأة حينئذ أن تطلب الطلاق من هذا الزوج؟ وهل لها اللجوء للقضاء عند رفضه للفرقة؟
اتفق الفقهاء – رحمهم الله – على اعتبار الكفاءة في الدين، وعلى ثبوت الفسخ بفوات هذه الكفاءة([1])، واللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية باعتبار الفسق عيباً شرعياً يبيح الفسخ .
الأدلة على ذلك:
1) قول الله – تعالى –: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ (١٨) ) [السجدة].
وقوله: ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ) [القلم].
وجه الدلالة: أن وجود الفسق مُخل بالمساواة فلا تتحقق معه الكفاءة.
2) قول النبي ﷺ: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه” ثلاث مرات. [رواه الترمذي (1085) وقال: حديث حسن غريب، والبيهقي 7/82، والترمذي عن أبي هريرة (1084)، وحسنه الألباني في الإرواء 6/266].
وجه الدلالة: في الحديث اعتبار الاستقامة والخلق عند اختيار الكفء في النكاح.
قال ابن القيم في زاد المعاد: “فالذي يقتضيه حكمه ﷺ اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر”.
3) حديث زوجة ثابت بن قيس – رضي الله عنهما –: “يا رسول الله، ثابت لا أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام” [أخرجه البخاري (5273)].
وجه الدلالة: مفهوم الحديث يدل على أنها لو عابته بخلق ودين لكان لها الحق في طلب الفسخ.
ومن الفقهاء من ضبط الفسق المخل بكفاءة النكاح ولم يطلقه :
فمحمد بن الحسن لم يعتبر إلا الفسق الفاحش، بأن يكون الفاسق ممن يسخر منه ويضحك عليه.
ورأى أبو يوسف أن الفاسق إذا كان معلناً لا يكون كفأ، وإن كان مستتراً يكون كفأً([2]).
وذلك أن التدين من أمور الآخرة، والكفاءة من أحكام الدنيا.
وفرق الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – بين الفسق المتعدي وغيره، فرأى أن الفسق الذي يضر الزوجة والأولاد كشرب الخمر مثلا يبيح الفسخ بخلاف الفسق الذي لا يصل ضرره لغير الفاسق كالنمص وحلق اللحية مثلا، وهذا التفريق هو ما قال به المجلس الأوروبي للإفتاء.
الملاحق:
المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء:
جاء في فتاوى المجلس الأوروبي ما يدل على اعتبار الفسق المتعدي دون غير ما نصه:
“فهل يكون فسق الزوج موجباً أو مجيزاً للمرأة طلب الطلاق؟
لا ريب أن الفساق يختلفون في مدى فسقهم وفي معاشرتهم لنسائهم، فمنهم من يريد من امرأته أن تعينه على فسقه، بأن تقدم له الخمر مثلاً، وهو حرام عليها، فيجوز لها أن تطلب الطلاق تفادياً لما يمكن أن يصيبها من الإثم.
ومنهم من يسيء عشرته لامرأته ويضرها ويؤذيها، فهذا يعطيها الحق في طلب الطلاق وخصوصاً إذا استمر في ذلك، ولم ترج منه التوبة ولا استقامة حال، ومنهم من لا يفعل هذا ولا ذاك، وهو حسن العشرة معها، فهذا هو الذي يختلف فيه.
والذي نرجحه هنا: أن المرأة إذا كانت تأمل في رجعة زوجها إلى الله، وأنه يمكن أن تؤثر فيه النصيحة والموعظة، وأن حاله يمكن أن يتحسن، فعليها أن تصبر عليه، وإن كان فاسقاً بترك الصلاة وبشرب الخمر، وخصوصاً إذا كان معها أولاد من ذلك الرجل، وتخشى عليهم التشتت والضياع، وهذا بشرط ألا يستحل ترك الصلاة وشرب الخمر، فينتقل بذلك إلى الكفر الصريح المفرق بين المرء وزوجه، والله أعلم”.
([1]) ينظر: المبسوط 5/22، بدائع الصنائع 2/320، بداية المجتهد 3/42، روضة الطالبين 7/80، أسنى المطالب 3/137، المغني 9/391، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 15/317، وقد أجاز ابن حزم كما في المحلى 10/24 زواج العدل من الفاسقة والعكس بشرط عدم الزنا 53.
– فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، (516) (18509) (2513).
– فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء islamtoday.net .
– موقع الإسلام سؤال وجواب (21592).islamqa.info
– موقع الألوكة – الاستشارات – الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي. Aludah.net
– موقع الإسلام ويب – مركز الفتوى (192545) (37112) (8622) (116133) (222529) (272593). fatwa.islamweb.net
– الشرح الممتع، الشيخ محمد بن عثيمين، 12/101 – 106.
– موقع رسالة الإسلام، الملتقى الفقهي مذاهب الفقهاء في أنواع الكفاءة المعتبرة. Figh.islammessage.com