نظراً لتطور وسائل المواصلات في العصر الحديث، فإن من الحجاج من ينطلق من عرفة أول الناس، ويصل مزدلفة بعد غروب الشمس بقليل؛ فهل يجوز أن يصلوا الجمع قبل العشاء أم لا؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين([1]):
القول الأول: يجوز جمع التقديم في مزدلفة وإن كان الأولى جمع التأخير. وهو مذهب الشافعية, والحنابلة, واختيار ابن عثيمين من المعاصرين. واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول: عموم قوله تعالى: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ) . [النساء: 103]. وقوله ﷺ: (فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل). [البخاري (328), مسلم (521)].
وجه الاستدلال: أن وقت المغرب قد دخل, وكل صلاة دخل وقتها صح أداؤها فيه, ووقت المغرب وقت للعشاء؛ لأن الجمع يجعل وقت الأولى وقتاً للثانية.
الدليل الثاني: أن المغرب والعشاء صلاتان مجموعتان للسفر فجاز تقديمهما كما يجوز تأخيرهما.
القول الثاني: لا يجوز جمع التقديم في مزدلفة ولو فعل وجب عليه الإعادة. وهو مذهب الحنفية والمالكية. واستدلوا:
الدليل الأول: حديث أسامة رضي الله عنه حين أردفه النبي ﷺ في طريقه من عرفة إلى مزدلفة, وفيه تذكير أسامة للنبي ﷺ بالصلاة فيجيبه: (الصلاة أمامك). [البخاري (139), مسلم (1280)].
وجه الاستدلال: يدل الحديث على تحديد زمان الصلاة في مزدلفة وأنه بعد دخول وقت العشاء كما فعل النبي ﷺ.
الدليل الثاني: أن وقت الصلاة لم يدخل بعد؛ لأن المغرب مؤخر إلى العشاء؛ والعشاء لم يدخل وقته.
([1]) بدائع الصنائع (2/154), الذخيرة (3/262), المجموع (8/134), التعليق الكبير (2/706).
1. الجمع بين الصلاتين للتميمي ص(125).
2. الشرح الممتع، لابن عثيمين، (7/337).
3. فتاوى ابن عثيمين (23/54).
4. النوازل في الحج علي بن ناصر الشلعان ص(420).