قسم العباداتباب الحج

تناول المحرم للطعام أو الشراب الذي وضع فيه الطيب

مسألة رقم 144

صورة المسألة

وضع الزعفران وغيره من الطيب في الطعام وجد قديماً, وما جدَّ في هذا العصر هو كثرة دخول الطيب والروائح الزكية الصناعية في كثير من الأطعمة والمشروبات التي قد يتناولها المحرم فهل يجوز له ذلك؟

حكم المسألة

اتفق أهل العلم على أن الزعفران وغيره من الطيب إذا خلط بمأكول أو مشروب ثم طبخ فذهب لونه وريحه وطعمه فإنه يجوز للمحرم أكله وشربه, ولا فدية في ذلك.

واختلفوا في الطعام أو الشراب إذا وضع فيه الطيب وبقيت صفاته أو شيء منها هل يجوز للمحرم تناوله أو لا؟ على ثلاثة أقوال([1]):

القول الأول: إذا وضع الطيب في الطعام والشراب فذهب ريحه؛ جاز للمحرم تناوله ولو بقي لونه سواء طبخ أو لا. وهو مذهب الشافعية والحنابلة, واختيار ابن عثيمين. واستدلوا بأدلة منها:

الدليل الأول: ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (لا بأس بالخبيص والخشكنانج (نوعان من الحلوى) المصفر يأكله المحرم) [البيهقي (5/58), ابن أبي شيبة (3/167)].

وجه الاستدلال: أن ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه محمول على ما ذهب ريحه وطعمه وبقي لونه من الزعفران ونحوه من الطيب.

الدليل الثاني: أن الطيب إذا خفي طعمه وريحه فإنه يصبح مستهلكاً في الطعام, وهذا يستوي فيه المطبوخ وغيره.

الدليل الثالث: أن المحرم منع من الطيب لمنع الترفه به, والترفه بالطيب إنما يكون بالرائحة؛ فإذا زالت الرائحة زال الترفه.

 

القول الثاني: أن الزعفران وغيره من الطيب إذا وضع في الطعام أو الشراب, فطبخ جاز تناوله سواء ذهب ريحه أو لا. وهو مذهب الحنفية والمالكية. واستدل له:

الدليل الأول: أن قصده بهذا الطعام المطيب التغذي لا التطيب؛ لأن الزعفران ونحوه في الأصل لا يتغذى به, وإنما يجعل تبعاً للطعام؛ بخلاف ما إذا أكل الزعفران ونحوه بدون طعام.

الدليل الثاني: أن النار غيرت فعل الطيب, وصار طعاماً بعد أن كان طيباً, فلذلك كان الطبخ مؤثراً دون سواه.

القول الثالث: أن المحرم لا يحل أن يتناول الطعام الذي وضع فيه الطيب على كل حال إذا بقي شيء من صفاته. وهو قول عند الشافعية. واستدل له:

بما رواه ابن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال في المحرم: (ولا تلبسوا ما مسه ورس ولا زعفران)، [البخاري (5469), مسلم (1177)].

وجه الاستدلال: أن النبي ﷺ نهى عن لبس الثوب الذي مسه الورس والزعفران, مما يدل على أنه اعتبر الزعفران طيباً, ومنع من مسه, واستعماله في الطعام إذا بقي لونه أو طعمه أو ريحه من مسه فيوجب الفدية, لأن النهي عنه مطلق.


([1]) المبسوط (4/124), حاشية ابن عابدين (2/281), المدونة (1/342), الذخيرة (3/312), الأم (2/152), الحاوي (4/110), المغني (5/147), كشاف القناع (2/430).

المراجع

فتاوى ابن عثيمين (22/160).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى