قسم الجنايات والقضاء والعلاقات الدوليةباب الحدود

تمويل الإرهاب

مسألة رقم 228

العناوين المرادفة

1. دعم الإرهاب.
2. مساندة الإرهاب.
3. المشاركة في تمويل الإرهاب.

صورة المسألة

سبق بيان مفهوم الإرهاب، وأنه جريمة تستهدف زعزعة الأمن العام بإتلاف النفوس المعصومة والممتلكات الخاصة والعامة، وما ينتج عنهما من آثار، وتبين حكمُه وآثاره في قسم الجنايات من الإصدار الأول للموسوعة، ويرد السؤال هنا المشاركة في تمويله؟

حكم المسألة

أجمع المعاصرون على تحريم تمويل الإرهاب؛ سواء كان ذلك بالتبرع المباشر أو بالسعي لتحصيله من الجهات الداعمة، ومن فعل ذلك فقد ارتكب جريمة نكراء بحق الإنسانية، ويجب على الحاكم تعزيره بما يراه محققا لمصلحة الزجر.

ومن الأدلة الدالة على قطعية تحريمه:

  1. قول الله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف:56]. وجه الدلالة: أن تمويل الإرهاب وسيلة مفضية إلى الإفساد في الأرض بقتل الأنفس المعصومة، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، وترويع الآمنين، فكان محرما سدا للذرائع.
  2. قوله تعالى [المائدة: ٢] وتمويل الإرهاب من جملة صور التعاون على الإثم والعدوان؛ فيدخل في عموم النهي.
  3. ما رواه مسلممن حديث علي- رضي الله عنه – أن رسول الله- ﷺ- قال:(لعن الله من آوى محدثًا….). ]أخرجه مسلم برقم : (1978) 3/1567]. وفي الحديث دلالة على تحريم دعم ما يفضي إلى الفساد، وفي تمويل الإرهاب فسادٌ ظاهر؛ فيدخل في النهي.
  4. حديث أبي بكرة –رضي الله عنه- : (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام….). [أخرجه البخاري برقم: (1739) 2/176، ومسلم برقم: (1679) 3/1306]. وجه الدلالة: أن الأصل في الأموال والأنفس والأعراض الحرمة، فلا يجوز التعدي عليها بغير حق، وتمويل الإرهاب يفضي إلى تفويت هذه المقاصد الضرورية، وما يفضي إلى تفويتها على سبيل القطع يكون محرما تحريما قاطعا.
  5. ولأن تمويل الإرهاب اجتمع فيه حرمتان قطعيتان، حرمة الوسيلة، وحرمة الغاية.

 

ملحق المسألة: قرار هيئة كبار العلماء رقم: (239) بشأن تمويل الإرهاب.

الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن هيئة كبار العلماء في جلستها العشرين الاستثنائية المنعقدة في مدينة الرياض بتاريخ 25/4/1431هـ، تشير إلى ما سبق أن صدر عنها من قرارات وبيانات فيما يقوم به المفسدون في الأرض بما يزعزع الأمن، ويهتك الحرمات في البلاد الإسلامية وغيرها ؛ كالقرار المؤرخ في 12/1/1409هـ. والبيان المؤرخ في 22/6/1416هـ. والبيان المؤرخ في 13/2/1417هـ. والبيان المؤرخ في 14/6/1424هـ .

وقد نظرت الهيئة في حكم : “تمويل الإرهاب” باعتبار: أن الإرهاب: جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة، كنسف المساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والجسور ونسف الطائرات أو خطفها والموارد العامة للدولة كأنابيب النفط والغاز، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعاً، وأن تمويل الإرهاب إعانة عليه وسبب في بقائه وانتشاره.

كما نظرت الهيئة في أدلة ” تجريم تمويل الإرهاب ” من الكتاب، والسنة، وقواعد الشريعة، ومنها قول الحق جل وعلا:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)[المائدة : 2] وقال سبحانه:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) [البقرة:204، 205]، وقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)[الأعراف:56].

وفي صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله من أوى محدثاً ) الحديث.

قال الحفظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: “وفيه أن المحدث والمؤوي للمحدث في الإثم سواء.”

ومن القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية: أن للوسائل حكم الغايات، ولما جاء في الشريعة من الأمر بحفظ الحقوق والعهود في البلاد الإسلامية وغيرها.

لذلك كله فإن الهيئة تقرر : أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعاً، سواء بتوفير الأموال أم جمعها أم المشاركة في ذلك، بأي وسيلة كانت، وسواء كانت الأصول مالية أم غير مالية، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أم غير مشروعة.

فمن قام بهذه الجريمة عالماً، فقد ارتكب أمراً محرماً، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي.

وتؤكد الهيئة أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم وعلاجهم، وتعليمهم؛ لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء.

وإن هيئة كبار العلماء إذ تقرر هذا فإنها توصي المسلمين جميعاً بالتمسك بالدين وهدي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، والكف عن كل عمل من شأنه الإضرار بالناس والتعدي عليهم.

ونسأل الله – عز وجل – لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية، وعموم بلاد المسلمين الخير والصلاح والحفظ وجمع الكلمة، وأن يصلح حال البشرية أجمعين بما يحقق العدل وينشر الفضل.

والله الموافق والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المراجع

1. الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء (www.alifta.net)، قرار رقم: (239).
2. الإرهاب وأحكامه في الفقه الإسلامي، د. عبد الله بن مطلق المطلق، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى 1428هـ.
3. قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي الدولي، قرار رقم: 154 (3/17).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى