تقلد المسلم الولايات خارج ديار الإسلام

لا بأس أن يتقلد المسلم من الولايات خارج ديار الإسلام ما يرجو به تحقيق الصالح العام بتقليل ما يمكن تقليله من المفاسد، وإقامة ما يمكن إقامته من العدل، على أن يحافظ على هذا المقصود ابتداء ودواما، لكي يكون وكيلا عن المظلوم في رفع مظلمته أو تقليلها، وليس وكيلا عن الظالم في إعانته على ظلمه.

ويراعى في هذا ضوابط العمل السياسي التي تقدم ذكرها ضمن مصطلح (المشاركة السياسية ).

 

وقد أخذ بهذا مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا^([1])، وأخذ بهذا أيضاً الشيخ خالد عبد القادر في كتابه: فقه الأقليات المسلمة^([2])، واشترط للجواز الشروط التالية:

أن يكون العمل في حد ذاته مباحا.

ألا يعين الكافر على ما يعود ضرره على المسلمين.

ألا يترتب عليه ركون أو موالاة للذين كفروا.

أن يكون المتولي ذا شخصية قوية، بمعنى أن يكون قويا أمينا بصيرا بعمله.

دليل هذا الحكم:

تولي يوسف عليه السلام الوزارة في دولة كافرة، فقد قال للملك: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف 55)، والأصل عند الجماهير أن شرع من قبلنا شرع لنا مالم يثبت نسخه، ولم يثبت ما ينسخه.

قال البيضاوي^([3]): ” فيه دليل على جواز طلب التولية، وإظهار أنه مستعد لها، والتولي من يد الكافر إذا علم أنه لا سبيل إلى إقامة الحق، وسياسة الخلق إلا بالاستظهار به “.

وقال الألوسي^([4]): ” فيه دليل على جواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل، وإجراء أحكام الشريعة، وإن كان من يد الجائر أو الكافر، وربما يجب عليه الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلا، وكان متعينا لذلك”.

أن هذا يدخل في باب السياسة الشرعية، والأخذ بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة، والشريعة قد جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا ثبت أن في ولاية ما مصالح محققة تربو على المفاسد جازت وإلا فلا.

---

([1]) مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في قراره رقم 1 / 4.

([2]) فقه الأقليات المسلمة ص 615.

([3]) تفسير البيضاوي 3/168.

([4]) روح المعاني 7/7.