قسم الأقليات المسلمةباب الزواج

تعدد الزوجات في بلاد الأقليات المسلمة

مسألة رقم 37

العناوين المرادفة

الزواج من أربع نسوة.

صورة المسألة

تمنع بعض القوانين الغربية تعدد الزوجات، أو تدعو بعض المؤسسات إلى تقييد تعدد الزوجات، والاحتجاج في ذلك بحفظ حقوق الإنسان، وأن هذا التعدد يتعارض معها فما حكم ذلك بالنسبة لمن يعيشون في تلك الدول ويحكمون بتلك القوانين؟.

حكم المسألة

أباح الإسلام تعدد الزوجات، وحَدَّه بأربع نسوة، واشترط لذلك العدل بين الزوجات، بالإضافة لشروط الزواج الأخرى التي منها القدرة على الباءة، ونفقة الزواج.

ودليل ذلك قوله تعالى (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا) [النساء3].

 

وممن نص على هذا الحكم:

1– المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث:

قرار المجلس:

كان الناس قبل الإسلام يتزوجون من شاءوا من النساء، بغير قيد ولا شرط، حتى جاء الإسلام فوضع لهذا التعدد حدّاً، وشرط له شرطاً.

فأما الحد فجعل أقصى العدد أربعًا لا يزاد عليهن بحال، (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا) [النساء3]، ولما أسلم رجل من ثقيف ومعه عشر نسوة، أمره الرسول ﷺ أن يختار منهن أربعاً، ويطلق الباقي.

وأما الشرط، فيتمثل في ثقة الرجل في نفسه بالعدل، وإلا حرم عليه الزواج بالمرأة الأخرى، (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) [النساء3]، وهذا إلى جوار توافر الشروط الأخرى لأي زواج، مثل: القدرة على الإنفاق، والقدرة على الإحصان.

وإنما أباح الإسلام ذلك؛ لأنه دين واقعي، لا يحلّق في مثاليات حالمة، ويترك مشكلات الحياة دون علاج مقدور عليه. فالزواج الثاني قد يحل مشكلة عند الرجل الذي لا تنجب امرأته، أو تطول عندها فترة الحيض، وهو قوي الشهوة، أو يصيبها المرض، ويستمر معها، ولا يريد أن يطلقها، إلى غير ذلك.

وقد يحل مشكلة عند المرأة الأرملة التي يموت زوجها ولا تطمع في الزواج من شاب لا زوجة له، ومثلها المطلقة وهي شابة، وخصوصًا لو كان لها طفل أو أكثر، وقد يحل مشكلة عند المجتمع كله، عندما يزيد عدد النساء الصالحات للزواج عن عدد الرجال القادرين على النكاح، وهذا قائم باستمرار، ويزداد تفاقمًا بعد الحروب ونحوها، فماذا نفعل بالعدد الفائض من النساء؟

 

إنها واحدة من ثلاث:

إما يقضين العمر كله محرومات من حياة الزوجية والأمومة، وهذا ظلم لهن.

وإما أن يشبعن غرائزهن من وراء ظهر الدِّين والأخلاق، وهذا ضياع لهن.

وإما أن يقبلن الزواج من رجل متـزوج قادر على النفقة والإحصان، واثق بالعدل، وهذا هو الحل المناسب.

أما سوء استعمال هذه الرخصة أو هذا الحق، فكم من حقوق يساء استخدامها، ويتعسف في استعمالها، ولا يؤدي ذلك إلى إسقاطها وإلغائها.

الزواج الأول نفسه كم يساء استخدامه، فهل نلغيه؟

الحرية كم يساء استخدامها، فهل نلغيها؟

الانتخابات يساء استخدامها، فهل نلغيها؟

السلطة أيّاً كانت يساء استخدامها، فهل نلغيها وندع الحياة فوضى؟

إنّ الأولى – بدل أن ننادي بإلغاء الحق- أن نضع الضوابط لاستخدامه، ونعاقب من يسيء في ذلك، قدر ما نستطيع([1]).

 

2- مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي([2]):

فقد جاء في الفقرة الثانية من قرار الدورة التاسعة عشرة لا يعد عنفاً أو تمييزاً في المنظور الإسلامي: تعدد الزوجات المبني على العدل.

من فتاوى العلماء المعاصرين:

 

3- قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:

إن الكتاب العزيز والسنة المطهرة جاءا بالتعدد، وأجمع المسلمون على حله، قال الله تعالى:(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا) [النساء 3].

وقد جمع النبي ﷺ بين تسع من النساء، ونفع الله بهن الأمة وحملن إليها علومًا نافعة، وأخلاقًا كريمة، وآدابًا صالحة، وكذلك النّبيان الكريمان داود وسليمان عليهما السلام، فقد جمعا بين عدد كثير من النساء بإذن الله وتشريعه، وجمع كثير من أصحاب رسول الله ﷺ وأتباعهم بإحسان.

وقد كان التعدد معروفًا في الأمم الماضية ذوات الحضارة وفي الجاهلية بين العرب قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحدّد ذلك وقصر المسلمين على أربع، وأباح للرسول ﷺ أكثر من ذلك؛ لحكم وأسرار ومصالح اقتضت تخصيصه ﷺ بالزيادة على أربع، وفي تعدد الزوجات – مع تحري العدل – مصالح كثيرة، وفوائد جمة، منها عفة الرجل وإعفافه عددًا من النساء، ومنها كثرة النسل الذي يترتب عليه كثرة الأمة وقوتها، وكثرة من يعبد الله منها، ومنها إعالة الكثير من النساء والإنفاق عليهن، ومنها مباهاة النبي ﷺ بهم الأمم يوم القيامة، إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها، وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة، أما الجاهل أو الحاقد الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود، وينظر إلى الغرب والشرق بكلتا عينيه، معظمًا مستحسنًا كل ما جاء منهما، فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها، ورعايتها لمصالح العباد رجالًا ونساءً.

وقد ذكر علماء الإسلام أن تعدد الزوجات من محاسن الشريعة الإسلامية، ومن رعايتها لمصالح المجتمع وعلاج مشكلاته، وقد تنبه بعض أعداء الإسلام لهذا الأمر، واعترفوا بحسن ما جاءت به الشريعة في هذه المسألة، رغم عداوتهم لها إقرارًا بالحق واضطرارًا للاعتراف به. ([3])..

4-فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

– يباح تعدد الزوجات لمن قدر على القيام بواجبهن، ولم يخَف من الجور، والعدل بينهن في المبيت.

– من كره تعدد الزوجات ونصح بعدمه، ورأى لنفسه أو لغيره عدم التعدد -ولو ترتب على ذلك الزنا- فقد أخطأ في زعمه، وأثم في قوله ومشورته لغيره، وعليه أن يتوب إلى الله ويستغفره، ويرجع عن قوله ذلك ومشورته به ([4])

5- فتاوى الشيخ عطية صقر:

قال اللّه تعالى: ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ ) [النساء 3]، ولقد كان تعدد الزوجات معروفاً وسائداً في الشرائع الوضعية والأديان السماوية السابقة، والإسلام أقره بشرط ألا يزيد على أربع، وألا يخاف عدم العدل بينهن، وفى مشروعيته مصلحة.


([1]) قرار المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء رقم 4/4.

([2]) في دورته التاسعة عشرة المنعقدة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) بتاريخ 1-5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26-30 نيسان (إبريل 2009م).

([3]) مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز 21/240..

([4]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى رقم 8774، 19/189..

المراجع

• المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.
• مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي.
• مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز.
• مجلة البحوث الإسلامية.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
• فتاوى الشيخ عطية صقر.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى