التصكيك: جعل الدين المؤجل في ذمة الغير في الفترة ما بين ثبوته في الذمة وحلول أجله، صكوكا قابلة للتداول في سوق ثانوية، وبذلك: يمكن أن تجري عليه عمليات التبادل والتداول المختلفة.
ولها ثلاث طرق:
الطريقة الأولى: بيع المصدر الأصلي “البنك مثلا” الدَّين برمته إلى مالك جديد.
الطريقة الثانية: بيع الفوائد المتوقعة من القرض مع بقاء ملكية الدَّين للمصدر الأصلي.
الطريقة الثالثة: إصدار سندات مضمونة بتلك الديون، ثم بيعها، فتكون الديون الأصلية ضمانا لتلك السندات فقط.
المسألة لها ثلاث أحوال:
الحال الأولى: تصكيك مديونية النقود:
إذا كان الدين الثابت في الذمة المؤجل السداد نقودا، فقد اتفقت كلمة الفقهاء على عدم جواز توريقه، وامتناع تداوله في سوق ثانوية.
سواء بيعَ بنقد معجل من جنسه: حيث إنه يكون من قبيل حسم الكمبيالات، وينطوي على ربا الفضل والنساء باتفاق الفقهاء.
أو بيع بنقد معجل من غير جنسه: لاشتماله على ربا النساء، وذلك لسريان أحكام الصرف عليه.
ولا فرق في ذلك الحكم: بين ما إذا كان سبب وجوب الدين النقدي في الذمة قرضا أو بيعا أو إجارة أو غير ذلك.
وبناء على ذلك: فلا يجوز توريق دين المرابحة “المصرفية” المؤجل، وتداوله من قبل المصارف الإسلامية أو الأفراد في سوق ثانوية أو عن طريق البيع المباشر بنقد معجل أقل منه، كما يجري في عمليات توريق الديون المختلفة وتداولها في سوق الأوراق المالية حيث إن ذلك من الربا باتفاق أهل العلم.
الحال الثانية: تصكيك مديونية السلع:
أن تكون موجودات وعاء المضاربة سلعا عينية، فهذا لا حرج شرعا في بيع صكوكها بنقود معجلة أقل من قيمتها السوقية أو أكثر أو مساوية، ولا حرج أيضا في شراء المساهم الجديد حصة المساهم الخارج؛ لأن ذلك كله من قبيل بيع الأعيان بالنقود المعجلة، ولا ينطوي على صريح الربا أو شبهته، وهو خال أيضا من الغرر المحظور شرعا، والأصل فيه الحل والمشروعية.
الحال الثالثة: تصكيك مديونية السلع والنقود:
أن تكون موجودات وعاء المضاربة خليطا من سلع عينية ونحوها من المنافع، وديون مرابحات وفي هذه الحالة يفرق بين صورتين:
الصورة الأولى: أن تكون قيمة الأعيان “ونحوها من المنافع” أكثر من مقدار الدَّين الموجود في الوعاء، وعندها يسري على هذه الصورة حكم الحالة الأولى، وهو الحل والجواز؛ إذ الأقل تبع للأكثر، وللأكثر حكم الكل، كما هو مقرر في قواعد الفقه، ولأنه يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها.
الصورة الثانية: أن تكون قيمة الأعيان والمنافع أقل من مقدار دين المرابحة، وعندها يسري على هذه الصورة حكم الحالة الثانية، وهو الحرمة والحظر إذ الأقل لا يزاحم الأكثر، ولأن إقامة الأكثر مقام الكل أصل في الشرع.
وبالتفصيل السابق صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي.
الملاحق:
قرار مجمع الفقه الإسلامي:
قرار رقم 178 (4/19)بشأن الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها.
“إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26-30 نيسان (إبريل) 2009م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الصكوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يأتي:
أولاً: المقصود بالتوريق، والتصكيك:
التوريق التقليدي تحويل الديون إلى أوراق مالية (سندات) متساوية القيمة قابلة للتداول، وهذه السندات تمثل ديناً بفائدة لحاملها في ذمة مصدرها ولا يجوز إصدار هذه السندات ولا تداولها شرعاً.
أما التصكيك (التوريق الإسلامي) فهو إصدار وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية موجودات (أعيان أو منافع أو حقوق أو خليط من الأعيان والمنافع والنقود والديون) قائمة فعلاً أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وتصدر وفق عقد شرعي وتأخذ أحكامه.
ثانياً: خصائص الصكوك:
ثالثاً : أحكام الصكوك:
رابعاً: لا يجوز أن يتخذ القول بالجواز ذريعة أو حيلة لتصكيك الديون وتداولها كأن يتحول نشاط الصندوق إلى المتاجرة بالديون التي نشأت عن السلع، ويجعل شيء من السلع في الصندوق حيلة للتداول” ([1]).
([1]) موقع مجمع الفقه الإسلامي http://www.iifa-aifi.org/2300.html.
1. النوازل في القرض، صالح بن علي الجوعي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،1432هـ-1433هـ.
2. قضايا فقهية معاصرة في المال والاقتصاد، د. نزيه حماد، دار القلم – دمشق، الدار الشامية- بيروت، الطبعة الأولى 1421هـ- 2001م.
3. الأسواق المالية. د. محمد علي القري. دار حافظ – جدة، الطبعة الأولى 1416هـ – 1995م.
4. موقع مجمع الفقه الإسلامي http://www.iifa-aifi.org/2300.html