تشغيل أشرطة القرآن الكريم وقت انتظار المكالمة
مسألة رقم 108
يحدث أن يقوم بعض الأفراد أو المؤسسات بتثبيت ملف مسجل فيه آيات قرآنية أو جزء من آية في جهاز الهاتف المحمول أو السنترال, فعند الاتصال عليه يستمع المتصل هذه المادة المسجلة مدة انتظاره الرد, وقد يكون المتصل عليه مشغولاً بمكالمة أخرى، فيقطعها ويتنقل من مكالمة إلى مكالمة والمتصل يستمع إلى المادة القرآنية المسجلة.
هناك اتجاهان في حكم المسألة:
الاتجاه الأول: منع تشغيل أشرطة القرآن الكريم وقت انتظار المكالمة؛ وبه أفتت اللجنة الدائمة.
لما في ذلك من امتهان للقرآن، واستعماله فيما ليس مقصودا منه، كالتسلية وملء الفراغ، والقرآن الكريم كلام الله تعالى، فيجب احترامه وصيانته عما لا يليق به من خلطه بهزل أو مزاح يسبق تلاوته أو يتبعها، ومن اتخاذه تسلية أو ملء فراغ، بل ينبغي القصد إلى تلاوته قصدًا أوليًّا؛ عبادة لله وتقربًا إليه، مع تدبر معانيه، والاعتبار بمواعظه، لا لمجرد التسلية والتفكه وملء الفراغ، وكذلك أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز خلطها بالهزل والدعابات، بل تجب العناية بها، وصيانتها عما لا يليق، والقصد إليها لفهم أحكام الشرع منها والعمل بمقتضاها.
الاتجاه الثاني : الجواز, وبه قال الشيخ عبدالله الجبرين, وذلك لأن شغل الوقت باستماع آيات من القرآن الكريم، أو الحديث النبوي أولى من السكوت، فإن المتصل يطول عليه زمن الانتظار إذا كان سكوتًا متواصلاً، فيضجر ويعتريه الملل والسآمة، ويوجه اللوم إلى المعنِيين، ويرميهم بالإهمال، وقلة العناية بمن اتصل بهم، بخلاف ما إذا انشغل بسماع آيات بيِّنات، وأحاديث شريفة، وأدعية فاضلة جامعة، وحِكم عربية، وفوائد، ونصائح يستفيد منها من أراد الله به خيرًا، ولا يضر ذلك انقطاع الآية أثناء الاتصال، ففي إمكان المستمع أن يسأل عن تمامها، أو يرجع إليه في المصاحف، ولا بأس حتى ولو كان المستمع كافرًا لتقوم عليه الحجة بسماع القرآن الذي هو المعجزة النبوية، وحجة الله على خلقه، ومن ضجر من سماع القرآن فلا خير فيه، والواقع أن الضجر من الصمت الطويل أولى وأكثر وقوعًا، فعلى هذا عليكم الاستمرار فيما فعلتم، فهو خير من الذين يشغلون الوقت بالموسيقى والأغاني كما هو حال كثير من أهالي السنترالات، وأحسن الكلام كلام الله تعالى.
1. فتاوى اللجنة الدائمة، الفتوى (4/84) رقم (5959).
2. موقع الشيخ عبد الله الجبرين, الفتوى (563): http://ibn-jebreen.com