بيع الأسهم – شراء الأسهم.
أن يقوم الشريك المساهم بتحريك حصته في الشركة من الأسهم بيعًا وشراء في سوق الأسهم.
اختلف العلماء المعاصرون في حكم بيع الأسهم وشرائها إلى قولين:
القول الأول: الجواز, وإليه ذهب عامة الفقهاء والباحثين المعاصرين , منهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ, واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, ومجمع الفقه الإسلامي الدولي, وغيرهم.
أهم أدلة هذا القول:
1/عموم قوله تعالى: ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [البقرة(275)], فقد دلت الآية على إباحة كل بيع إلا ما خص بدليل , وبيع الأسهم داخل في هذا العموم؛ لعدم الدليل المعتبر على المنع منه.
2/ أن الأصل في العقود الإباحة, إلا ما دل الشرع على تحريمه, وبيع الأسهم داخل في الأصل, لعدم الدليل المحرم.
3/ السهم -بما يمثله من أموال عينية وغيرها- ملك للمساهم, ومن حق المالك التصرف في ملكه بما يشاء؛ من بيع وغيره, ما لم يترتب على بيعه إضرار بباقي الشركاء, لاسيما أن هذا الحق مشروط في نظام الشركات, ولا يصادم نصًا من كتاب أو سنة.
القول الثاني: عدم الجواز, وقد ذهب إليه بعض المعاصرين.
أهم أدلة هذا القول:
بُني القول بالتحريم على مقدمتين ونتيجة:
المقدمة الأولى: إن الأسهم تعد ورقة مالية لها قيمة معينة.
المقدمة الثانية: إن الحكم على الأوراق التجارية ينبني على معرفة ما تمثله هذه الأوراق.
النتيجة: إن أسهم الشركات المساهمة هي سندات تتضمن مبالغ من المال المخلوط من رأس مال حلال ومن ربح حرام , في عقد باطل ومعاملة باطلة, دون أي تمييز بين المال الأصلي والربح, وهي في الوقت نفسه سند بقيمة حصة من موجودات الشركة الباطلة, وقد اكتسبت هذه الموجودات بمعاملة باطلة نهى الشرع عنها, فكانت حرامًا , فتكون أسهم شركة المساهمة متضمنة مبالغ من المال الحرام, وبذلك صارت هذه الأوراق المالية –التي هي الأسهم- مالا حرامًا- لا يجوز بيعها, ولا شراؤها ولا التعامل بها.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولاً: قرارات المجامع الفقهية:
قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من7-12ذي القعدة 1412هـ الموافق 9–14 أيار (مايو) 1992 م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الأسواق المالية: الأسهم، الاختيارات، السلع، بطاقة الائتمان، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:
أولًا: الأسهم:
1- الإسهام في الشركات:
أ- بما أن الأصل في المعاملات الحل, فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز.
ب – لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم: كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها.
ج – الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات: كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة.
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/فتاوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي.
سئلت الهيئة عن موضوع تداول الأسهم ([1]).
فأجابت بما يلي:
1- الشركات المساهمة التي يكون موضوع نشاطها الاقتصادي محرمًا: كشركات إنتاج الخمور، وشركات البنوك الربوية يحرم امتلاك شيء من أسهمها وتداوله بين المسلمين والتوسط في ذلك، كما تحرم أرباحها.
2- الشركات الأخرى التي يكون موضوع نشاطها حلالًا مباحًا كسائر المشاريع الإنتاجية للسلع والخدمات… يباح امتلاك أسهمها وتداولها وأخذ عائدات الأسهم من أرباحها، ولكن بشرط أن يحسب مالك الأسهم بصورة دقيقة أو تقريبية، احتياطًا لبراءة الذمة، ما دخل على عائدات كل سهم من العنصر الحرام في ربحه, فيفرز مقداره من عائدات الأسهم, ويوزعه على أوجه الخير.
2/فتوى الهيئة الشرعية ببيت التمويل الكويتي.
سئلت الهيئة عن موضوع تداول الأسهم ([2]).
فأجابت بما يلي:
لا مانع من شراء وبيع أسهم هذه الشركات بالأجل, إذا كان مبلغ الثمن أزيد من النقد الذي لدى الشركة فيعد النقد بمقابلة النقد, وما زاد فهو بمقابلة الأعيان.
أما فيما يتعلق بالشق الآخر من السؤال, وهو الإقراض والاقتراض بفائدة, فإذا كانت معاملاتها الإقراض والاقتراض بفائدة، فهنا لا يجوز تداول أسهمها, ولكن إذا كانت هذه الأمور هي أمور عارضة, وليست غالبة على معاملاتها, فهذا جائز شرعًا, لا بأس معه من تداول أسهمها. ويكون هذا من قبيل عموم البلوى.
3/مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا:
ورد إلى المجمع سؤال عن موضوعه تداول الأسهم.
فأجاب بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن المتاجرة في الأسهم بيعا وشراء واستثمارا ومضاربة أمر جائز كسائر التجارات المباحة، وقد قال تعالى:( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) ولكن يشترط لإباحة التجارة بالأسهم في السوق ضوابط نشير إلى أهمها فيما يلي:
1/ تجنب الاستثمار في الأسهم المحرمة، وهي الشركات التي يكون نشاطها أساسا في أعمال محرمة: كالربا أو صناعة الخمور أو التأمين أو الفن أو القمار أو غير ذلك مما حرم الشرع التعامل به والانتفاع به وأكل عوضه.
2/خلو عقود الاستثمار من أسباب الفساد: كالغرر الفاحش, أو الاحتكار المحرم, أو الغش ونحوه.
أما الشركات التي تتاجر في منتجات مشروعة, ولكنها تتعامل بالربا إقراضا واقتراضا، فإن على من يتعامل معها أن يخرج من الأرباح التي يحصل عليها قدر تلك الفوائد الربوية، حتى يطيب له الباقي، ويلزمه أن يحرص على اختيار الشركات, التي لا تتعامل مع البنوك بمثل هذه المُعاملات الربوية إن وُجدت، أما خيارات الأسهم المتداولة في الأسواق العالمية، سواء كانت خيارات شراء (call options) أو خيارات بيع (put options) , فهي من عقود الغرر المنهي عنها شرعًا، وبذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام (1992م) برقم (63). ووجه ذلك أنها لا تسمح بربح كلا الطرفين، بل إن ربح أحدهما خسارة للآخر لا محالة، فالاختيارات من أدوات المجازفة على الأسعار، وهي من بين العقود التي جعلت الاقتصادي الفرنسي موريس آليه يصف البورصات العالمية بأنها “كازينوهات قمار ضخمة”، وذلك أن حقيقة القمار هي أن يربح أحد الطرفين على حساب الآخر، وهو ما يحصل بالضبط في عقود الاختيارات في الأسواق الدولية. زادك الله حرصا وتوفيقًا, وجنبنا وإياك الفتن, ما ظهر منها وما بطن، والله تعالى أعلى وأعلم .
[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (182) .
[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (334) .
1/مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي (ع 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5) قرار رقم: 63( 1/7 ).
2/فتاوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي – فتوى رقم (182).
3/فتوى الهيئة الشرعية ببيت التمويل الكويتي (334).
4/موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف و المؤسسات المالية الإسلامية 9/85، 324).
5/ مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا, الدكتور صلاح الصاوي 28/9/2009م.
6/ تداول الأسهم في سوق الأوراق المالية، دراسة فقهية تطبيقية (رسالة دكتوراه)، د. سامي بن عبدالرحمن البطي, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة – الرياض.
7/ تداول الأسهم، دراسة مقارنة (رسالة ماجستير)، محمد بن حسن عسيري, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, المعهد العالي للقضاء – الرياض.
8/ الأسواق المالية (الأسهم والسندات) ضوابطها وأحكامها من منظور إسلامي (رسالة دكتوراه), د. محمد صبري هارون, المملكة الأردنية الهاشمية (1998م).