يتعرض الإنسان إلى ندبات، وهي الأثر الذي تتركه الإصابات والعمليات على الجلد، وكذا بعض أمراض الجلد، وهذه الندبات تشوه الجلد فيحرص الأطباء على إزالتها أو إخفائها، ومما يتعرض له الجلد كذلكالوشم، وهو تلوين موضع من الجسم تحت الجلد، ومما يتعرض له كذلك التصبغات والشامات، وهي: عبارة عن بقع جلدية تشتمل على خلايا صبغية تكسب الجلد لونًا داكنًا، وتسمى في بعض الأنحاء (حبات الخال ) وتكون أحيانًا مشوِّهة للجلد، وأحيانًا تكون محسّنة له بحسب البلدان والأعراف.
-الوشم:
للوشم ثلاثة أنواع ولكل منها حكم:
النوع الأول: الوشم الطبي، وهو ما يجريه الأطباء لعلاج تشوه طارئ، وهذا الوشم جائز، لأنه من باب علاج التشوهات وإزالة العيوب، وليس بقصد الحُسْن فلا يدخل في نصوص لعن الواشمة والمستوشمة.
النوع الثاني: الوشم الناشئ عن الحوادث والإصابات والجروح، وهذا النوع من الوشم تجوز إزالته بالجراحة أو غيرها، لأن في بقاء هذا الوشم ضرر، والضرر يزال، كما أن الإزالة هنا ليست للتحسين في الأصل، بل هي لإزالة العيب، وإن كان التحسين يأتي تبعًا، وإزالة العيوب والأذى مأذون بها شرعًا.
النوع الثالث: الوشم الاختياري، الذي يوضع بقصد الزينة أو إظهار القوةونحوذلك.وهذا النوع هو الذي نهت عنه النصوص الشرعية الدالة على تحريم الوشم ولعن فاعله مثل حديث (لعن الله الواشمات والمستوشمات ) أخرجه البخاري (ح 4886)، وأخرجه مسلم (ح 2125).
وإزالة هذا النوع من الوشم واجبة، ما لم يكن في إزالته ضرر بالغ أو مشقة كبيرة تلحق الموشوم، وألا يترتب على إزالته أثر ظاهر يشوه موضع الوشم؛وذلك لأن الوشم منكر، وقد جاءت النصوص بلعن فاعله، وتغيير المنكر واجب، وكما أنه لا يجوز فعل الوشم ابتداءً فكذلك لا يجوز استدامته.
2-إزالة الندبات والوحماتوالتصبغات:
وهذه لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يخشى من تحولها إلى أورام غير حميدة (سرطانات) فيما إذا وجدت بعض العلامات التي تدل على ذلك. وفي هذه الحالة يجوز إزالة هذه الندبات ونحوها؛لأن في بقاءها تعريضًا للجسم للضرر البالغ، وهو يتمثل في مرض السرطان، الذي قد يفضي بصاحبه للهلاك، وإزالتها في هذه الحالة إنما هو من باب العلاج، وما ينشأ عن ذلك من تجميل فهو تابع للجراحة المشروعة.
الحالة الثانية: أن يكون في وجودها تشويه للجسم خاصة إذا كان في موضع ظاهر كالوجه، وهذه أيضًا تجوز إزالتها، لما في وجودها من التشوه والعيب فتزال بالجراحة ونحوها، وإزالتها هنا نوع من العلاج المشروع، ولما في هذه الندبات من الضرر المعنوي المترتب على هذه العيوب والتشوهات، وقد تورث صاحبها مرضًا نفسيًا يصدّه عن الخلطة بالآخرين، وربما صرفه عن مصالح هامة كالزواج، والضرر يزال، كما هو متقرر في الشريعة.
الحالة الثالثة: ألا يتسبب وجودها في تشويه الجسم، إما لكونها يسيرة لا تظهر، أو لكونها تعد شيئًا طبيعيًا ومعتادًا في أعراف الناس، كالشامة اليسيرة أو الندبة غير الظاهرة.
وهذه يمنع من إزالتها، لعدم وجود الحاجة أو الضرورة، ولما في إزالتها من الضرر المتمثل في المضاعفات التي تلحق بالجلد، والأصل عدم الاعتداء على جسم الإنسان بالشق والجرح إلا لحاجة ولا حاجة هنا.
1. مجموع فتاوى ابن باز، جمع: د. محمد بن سعد الشويعر، نشر: دار المؤيد،الرياض.
2. كتاب الدعوة، فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين، مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية، الرياض،ط.1، 1414.
3. الجراحة التجميلية، د. صالح بن محمد الفوزان، دار التدمرية، الرياض، الطبعة الثانية 1429 هـ.
4. الفتاوى الطبية المعاصرة، د. عبدالرحمن بن أحمد الجرعي، دار الأمة،الرياض،ط.1، 1428.