تشكل الأذن أهمية خاصة بالنسبة للوجه فبالإضافة إلى الجانب الوظيفي المتمثل في جمع الأصوات؛ ليتمكن الإنسان من السمع تعد الأذن إطارًا جانبيًا للوجه,وتقوم الأذن بدور تجميلي مهم إما بذاتها,أوبتعليق الحلي فيها, وأي تشوه يصيبها يكون ظاهرا في العادة,وهذه التشوهات التي قد تصيب الأذن تنقسم ثلاثة أقسام:
الأول:تشوهات خلقية أو طبيعية تولد مع الإنسان كظهور صيوان الأذن مفلطحًا, أوكبيرًا, أومتضخمًا, أو منبعجًا, أو متقلصًا عن جدار الأذن,ويصحب ذلك أحيانًا انسداد في القناة الخارجية للأذن.
الثاني:تشوهات مرضية فكثير من الأمراض مثل الجذام, والزهري والسل,تأكل غضروف صيوان الأذن,فيتغير شكله, وفي هذه الحالة يجب علاج أو استئصال المرض أولا,ثم عمل العملية الجراحية التجميلية اللازمة.
الثالث: تشوهات تحدث بسبب الحوادث الطارئة مثل الحروق,أو الإصابات المختلفة الناتجة عن الحوادث,وهذه التشوهات يمكن إخفاؤها بالنسبة للسيدات عن طريق تسريحات الشعر,أو غطاء الرأس,أما عند الرجال فيصعب إخفاؤها.
ومن أشهر العمليات التجميلية التي تتم للأذن ما يلي:
1. جراحة الأذن البارزة: وتعد هذه الجراحة من أشهر الجراحات التي تجرى للأذن,وعادة ما يتم إجراؤها للأطفال لعلاج الأذن التي تكون مائلة إلى الأمام مبتعدة عن الجمجمة مما يجعل الشخص مثارا للسخرية,ويسبب له الأذى النفسي,والانطواء خاصة عند الأطفال,وتهدف هذه العملية إلى تصحيح وضعها وإعادتها قرب الرأس.
2. جراحة الأذن الضامرة: ضمور الأذن يعني: صغرها والتصاقها بالرأس,وحالات الضمور تتفاوت,فقد يكون الضمور شديدا,وقد يكون يسيرا.
3. جراحة الأذن الكبيرة: وهي جراحة يراد منها تصغير الأذن التي تظهر في حجم أكبر من المعتاد بحيث تلفت الأنظار,وتعد من العمليات الدقيقة,وتتم بقطع جزء مثلث الشكل من أعلى صيوان الأذن بما في ذلك الغضروف وذلك من الجلد الأمامي والخلفي.
4. جراحة تمزق شحمة الأذن: ويحدث تمزق شحمة الأذن لعدة أسباب منها:
1. لبس الأقراط الثقيلة لمدة زمنية طويلة.
2. الشد الشديد الناتج عن حادث.
ويمكن علاج هذا التمزق عن طريق إجراء جراحة ترميمية صغيرة تحت التخدير الموضعي,ويراعى في هذه الجراحة علاج التمزق بصورة جمالية بحيث لا يظهر أثرها لاحقا.
5. جراحة تعويض الأذن:
ففي بعض الأحيان يلجأ الجراح بسبب فقد الأذن أو بعضها إلى تعويضها عن طريق الترقيع بجلد وغضاريف من أماكن أخرى,وهذا التعويض قد يكون جزئيا,وقد يكون كليا في حالة الفقد الكامل للأذن، حيث تؤخذ الغضاريف من منطقة الأضلاع,ويتم نحتها وتجميلها على شكل الأذن,كما يتم في بعض الأحيان تعويض الأذن المفقودة كليا عن طريق تثبيت أذن صناعية يتم تصنيعها من مواد مختلفة.
اتضح مما سبق أن جراحات تجميل الأذن لا تجرى إلا لتصحيح التشوهات التي تظهر على شكل الأذن,وهذه التشوهات إما أن تكون خلقية منذ الولادة,كما في حالات الأذن البارزة أو الضامرة,وإما أن تكون مَرَضية كما في تآكل الأذن,وإما أن تكون طارئة نتيجة الحروق والحوادث,كما في قطع الأذن جزئيا أو كليا,وتمزق شحمة الأذن,ولا تجرى هذه الجراحات لأذن صحيحة لا تشكو من تشوه.
وهذه الجراحات يجوز إجراؤها للأدلة الآتية:
- حديث عرفجة بن أسعد,وفيه أنه قال: (قطعت أنفي يوم الكلاب في الجاهلية,فاتخذت أنفا من ورق فأنتن علي,فأمرني رسول الله rأن أتخذ أنفا من ذهب).أخرجه أبو داود (ح4234) والترمذي (ح 1770),وقال: حديث حسن غريب,وحسنه الألباني.
ووجه الدلالة من الحديث أن فيه جواز اتخاذ أنف صناعي لعلاج تشوه الأنف,ولو من الذهب,مع أن أصل الذهب التحريم بالنسبة للرجال,فيقاس عليه علاج الأذن المشوهة بجامع علاج التشوه في كل أوضاعه في حال تعرضت الأذن الأصلية لحادث طارئ.
- أن تشوهات الأذن الخلقية تؤثر على قوة السمع ودقته؛ لأن الأذن الخارجية تجمع الصوت، وتكون وسيلة لإيصاله للأذن الوسطى والداخلية حيث يحصل السمع،وفي علاج هذه التشوهات تقوية وتركيز لوظيفة السمع، لذا فعلاجها يندرج ضمن المصالح الحاجية على أقل تقدير,وقد جاء الشرع بالمحافظة على المصالح الحاجية وعلى الأخص ما يتعلق منها بالحواس,والمنافع في جسم الإنسان,وقد اتفق الفقهاء على إيجاب الدية كاملة في الجناية التي يترتب عليها زوال منفعة السمع,فإذا أمكن تقوية هذه المنفعة بالجراحة فإن ذلك موافق لمقصود الشارع بالمحافظة على هذه المنافع.
- أن ظهور الأذن بمظهر مشوه فيه ضرر نفسي يؤثر على صاحبها في الغالب ولو كانت حاسة السمع سليمة,وقد جاء الشرع كما مضى برفع الضرر ودفعه,وهذا الضرر يرتفع بالجراحة فتكون جائزة، ويتأكد الجواز إذا كان الضرر معيقا للإنسان عن أداء الواجبات.
- أن في جراحة تجميل الأذن إعادة للخلقة إلى أصلها,لاسيما أن الجراحة لا تجرى إلا لأذن مشوهة,والجراحة التي تجرى لإعادة العضو إلى خلقته الأصلية جائزة,وليست من تغيير الخلق المحرم.
وفي سؤال للشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن عدد من العمليات التجميلية كان منها” تتميم الأذن الناقصة” أجاب الشيخ بقوله: “لا حرج في علاج الأدواء المذكورة بالأدوية الشرعية,أو الأدوية المباحة من الطبيب المختص الذي يغلب على ظنه نجاح العملية,لعموم الأدلة الشرعية على جواز علاج الأمراض والأدواء بالأدوية الشرعية,أو الأدوية المباحة”.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه لو تم إجراء عملية جراحية لأذن سليمة ليس فيها تشوه ظاهر لمجرد زيادة الحسن,فإن حكم هذه الجراحة التحريم لما في ذلك من تغيير خلق الله تعالى مع ما في العملية من التخدير المحرم دون حاجة.
1. مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز،جمع وطبع محمد بن سعد الشويعر، دار المؤيد، الرياض، 9/419، فتوى رقم 2060.
2. الجراحة التجميلية، عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة، د. صالح الفوزان,دار التدمرية، الرياض,ط.1، 1428.
3. عمليات تجميل الوجه بين الشريعة والواقع، د. شفيقة الشهاوي رضوان محمد، بحث منشور في مجلة السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني، قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المجلد الثالث، 1431.