بيع القرض العقاري
يقدم صندوق التنمية العقاري في المملكة العربية السعودية قرضا حسنا بدون فوائد، ميسر السداد، طويل الأجل ومتوسطه، يكون لبناء المساكن الخاصة للمواطنين، فيقوم من أخذ القرض ببيع هذا القرض لشخص آخر.
وتتم عادة إجراءات بيع القرض العقاري كما يلي:
أولا: يقوم المشتري ببيع صاحب القرض قطعةَ أرض بيعا صوريا، ويقوم بإفراغها له في المحكمة بشكل نظامي تام.
ثانيا: يقوم البائع بتقديم قطعة الأرض التي أصبحت نظاميا باسمه للصندوق العقاري لنقل القرض عليها.
ثالثا: يتم تنزيل دفعات القرض باسم البائع، الذي هو المدين الفعلي للدولة.
رابعا: يقوم البائع باستلام أول دفعة من دفعات القرض باسمه، ثم يدفعها إلى المشتري.
خامسا: يقوم البائع بتوكيل المشتري وكالة نظامية في استلام بقية دفعات القرض من البنك.
سادسا: بعد الانتهاء من استلام جميع الدفعات وانتهاء العمارة، يقوم البائع بتسديد قسطين للدولة، يأخذهما من المشتري؛ حتى يتمكن فعليًّا من نقل القرض.
سابعا: بعد تسديد القسطين يقوم الطرف الأول بإعادة الأرض ثانيةً للمشتري، وذلك عن طريق بيعه إياها، بيعا نظاميا عن طريق المحكمة، وبذلك يكون المشتري هو المدين للدولة بالقرض( ).
للعلماء اتجاهان في المسألة:
الاتجاه الأول: الجواز بشرط ألا يكون مخالفا لتنظيم الصندوق، وهذا اختيار عبد الله بن منيع، وجماعة من المعاصرين.
الاتجاه الثاني: عدم الجواز، وهو اختيار ابن باز، وابن عثيمين، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة، ولجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي.
الأدلة:
أدلة الجواز:
- أن صندوق التنمية إذا وافق فهو صاحب الصلاحية.
- أن المعاوضة هنا من قبيل المعاوضة عن الحق الذي قد عده الناس مالاً وتمولوه فيما بينهم؛ وذلك من وجهين:
الأول: أن بيع قرض صندوق التنمية العقاري هو في حقيقته معاوضة عن حق التقدم لا عن ذات القرض، وهي حقوق جرت أعراف الناس بالمعاوضة عنها، وأصبحت لها قيمة مادية على مختلف طبقاتهم وبلداتهم.
الثاني: أنه حق يتعلق بعين مادية قائمة وهي الأرض التي تقدم صاحب الطلب بتقديم اسمه عليه، والحقوق المتقررة يجوز المعاوضة عنها([1]).
أدلة المنع:
- أنه مخالف لنظام ولي الأمر، والذي وُضع في المرتبة الأولى من أجل مصلحة الناس، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59].
- أن في ذلك مخالفة لأنظمة صندوق التنمية العقاري، مع اشتماله على الكذب والتدليس والغش والخداع وإيهام الجهات الرسمية أن الأرض مملوكة لصاحب القرض وليست كذلك، وما في ذلك من إجراءات عقد البيع الصوري، وحصول شهادة زور عليه، والتحايل على الدولة باستلام دفعات القرض لغير من هو باسمه.
- عدم تحقق ملكية المقترض لبيع حقه في القرض، فإن حق القرض لا يخول صاحبه التصرف فيه، بل يلتزم بما في عقده المبرم مع صندوق التنمية العقاري؛ فإذا باعه فقد باعه ما لا يملك.
- أنه مدعاة للخصومة والنزاع، وقد وقع في المحاكم الشرعية نزاع كبير بين المشترين وورثة البائعين.
- اشتماله على الربا، فالبيع معاوضة على نفس القرض بزائد عليه، فالمشتري يدفع لصاحب القرض مبلغا لمستحق القرض مقابل تنازله عنه.
- أنه قرض جر نفعا، فهو يقرضه ما يستحقه من قرض الصندوق، ويأخذ فائدة عليه، وقد أجمعوا على تحريم كل قرض جر نفعا قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا).
- أن القرض عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة فقد أخرجه عن موضوعه.
- أن حق المقترض من البنك العقاري حق انتفاع، فإما أن ينتفع به وإما أن يتركه([2]).
المخرج الفقهي للمسألة:
في حال ما إذا نزل القرض، ولم يكن بصاحبه حاجة إليه، وأراد أن يستفيد منه، فإن له أن يعقد مشاركةً بينه وبين الراغب في شراء القرض، على أن يقوم الأول بدفع الأرض، والقرض الذي نزل عليها، ويقوم الآخر بالعمل عليها، أو إضافة مبلغ من المال مع العمل ونحوه، ثم بعد الانتهاء من البناء، فهما بالخيار: إما أن يتخارجا، وإما أن يقوما ببيع المبنى ويتقاسما الربح([3]).
([1]) نوازل الإسكان ص 428، ندوة “المعاوضة على الحقوق والالتزامات وتطبيقاتها المعاصرة”.
([2]) المغني لابن قدامة (4/ 240)، مجموع فتاوى ابن باز (19/ 292)، نوازل الإسكان ص 428 – 430.
1) نوازل الإسكان دراسة فقهية تطبيقية، حسين بن سليمان بن راشد الطيار، رسالة دكتوراه في الفقه المقارن، المعهد العالي للقضاء 1435 – 1436 هـ.
2) القول الراقي في حكم بيع القرض العقاري محمد بن فنخور العبدلي، 1431هـ. نسخة إلكترونية:
http://www.saaid.net/book/13/5652.doc
3) ندوة “المعاوضة على الحقوق والالتزامات وتطبيقاتها المعاصرة ” تاريخ: 12/5/1431هـ، نظمها موقع الفقه الإسلامي بالتعاون مع الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، بمشاركة: عبد الله الطيار، يوسف الشبيلي، محمد الزحيلي، إبراهيم الدبو، قيس آل الشيخ مبارك، هاني الجبير، محمد عبد اللطيف البنا، سليمان الماجد، عبد الرحمن الجرعي، خالد المزيني، عقيل المقطري. ينظر: http://www.saaid.net/fatwa/f71.htm
4) فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، نشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء – الإدارة العامة للطبع – الرياض.
5) مجموع فتاوى ابن باز، أشرف على جمعه وطبعه: محمد بن سعد الشويعر.
6) لقاء الباب المفتوح ( اللقاء رقم 52، 204)، محمد بن صالح العثيمين، لقاءات كان يعقدها الشيخ بمنزله كل خميس. بدأت في أواخر شوال 1412هـ وانتهت في الخميس 14 صفر، عام 1421هـ.