قسم المعاملات الماليةباب الذهب

بيع الذهب والفضة بالأوراق التجارية

المسألة رقم 185

صورة المسألة

بيع الذهب أو الفضة بالأوراق التجارية: (الكمبيالة، والسند لأمر، والشيكات بأنواعها)، فالبيع يشترط فيه القبض؛ فهل تقوم الأوراق التجارية مقام قبض الأموال؟

حكم المسألة

تعريف بالمصطلحات:

الأوراق التجارية: الأوراق التجارية التي اقتصر عليها قانون جنيف الموحد للأوراق التجارية الصادر عام 1349/1350 هجرية/ الموافق 1930/1931 ميلادية، وأخذت به معظم دول العالم، هي:

الكمبيالة: أمر مكتوب موقع عليه من محرره وغير مقيد بشرط موجه منه إلى شخص آخر يكلفه فيه بأن يدفع مبلغا معينا من النقود عند الطلب أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين إلى شخص معين أو لأمره أو لحامل ذلك الأمر.

السند لأمر (السند الإذني): صك يتعهد بموجبه محرره (المدين) بأن يدفع مبلغا معينا بالاطلاع، في تاريخ معين أو قابل للتعيين إلى شخص آخر (المستفيد/الدائن)، وتكييفه الشرعي أنه وثيقة بدين.

الشيك: صك يحرر وفقا لشكل معين يتضمن أمرا من شخص (الساحب) إلى شخص آخر (المسحوب عليه) لدفع مبلغ معين إلى شخص ثالث (المستفيد) بمجرد الاطلاع وتكييفه الشرعي أنه حوالة مقيدة إذا كان الساحب دائنا للمسحوب عليه، وإلا كانت حوالة مطلقة بالنسبة للساحب([1]).

 

أولا: بيع الذهب والفضة بالكمبيالة والسند لأمر:

لا يجوز بيع الذهب والفضة بالكمبيالة أو السند لأمر لأنه يشترط في بيع الذهب والفضة القبض في مجلس العقد، وهو غير متحقق في البيع بالكمبيالة أو السند لأمر لأن القبض فيه مؤجل، وبهذا صدر المعيار الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة([1]) .

 

ثانيا: الشيك:

للعلماء اتجاهان في جواز بيع الذهب والفضة بالشيك المسلم في مجلس العقد:

الاتجاه الأول: المنع: وهذا اختيار ابن عثيمين([2]).

واستدلوا بما يلي:

  • يشترط أن يكون القبض يدا بيد في بيع الذهب بالنقود، وهو لا يتحقق بالشيك، ولا يقوم مقام القبض، فالشيك قد يكون بدون رصيد، وقد يكون دون الرصيد، وقد يوقف كاتب الشيك صرفه، وقد يتأخر حامل الشيك، فيسقط حقه فيه.
  • لا يحمل الشيك قوة شرائية في ذاته، فليس نقدا ولا يدخر، وإنما هو مجرد حوالة مثبتة لوديعة في المصرف، ولهذا لو ضاع الشيك رجع على المشتري.
  • أن الذمة في العقد لا تبرأ إلا بتسلم النقد لا بتسلم الشيك.

 

الاتجاه الثاني: الجواز: وهؤلاء على طريقتين:

الطريقة الأولى: الجواز مطلقا: وبهذا صدر قرار هيئة المحاسبة والمراجعة، وبه قال الصديق الضرير، ووهبة الزحيلي، ونزيه حماد، وعبد الستار أبو غدة.

واستدلوا بما يلي:

  • لا حد للقبض في اللغة أو في الشرع، ومرجعه إلى العرف، وقبض كل شيء بحسبه، فما عده الناس قبضا فهو قبض، وقد استقر العرف على قيام الشيك مقام قبض النقود في البيع والشراء، وفي الوفاء بالديون وتسديد الالتزامات، وهو عرف متفق عليه بين الدول، وأحاطته بضمانات كبيرة، وشرِّعت له التنظيمات، وأسبغت عليه الحماية، واعتبرت التلاعب فيه جريمة.
  • يعتبر الشيك نقدا ائتمانيا؛ لأن النقود في اصطلاح الاقتصاديين هي كل ما يستخدم وسيطا للتبادل، ويلقى قبولا عاما بغض النظر عن شكله ومادة صنعه.

لا تصح الإيرادات الواردة على الشيك بأنه قد يكون قد غير مغطى أو يوقفه صاحبه بعد كتابته وقبل قبضه، فهذه حالات نادرة لا تبطل العرف، وقد يطرأ مثلها على الذهب، كالغش، والنقود كالتزييف، ولا يعرف عادة الغاش والمزيف بخلاف صرف الشيك بدون رصيد، وأيضا الأصل أنّ صاحب الشيك عنده رصيد وليس العكس، والأصل في المسلمين الصلاح.

الطريقة الثانية: الجواز إذا كان الشيك مصدقا: وصدر بهذا قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامية، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ، وفتوى اللجنة الدائمة، وهو اختيار ابن منيع.

واستدلوا بما يلي:

  • الشيك المصدق من البنك يعطي الثقة كاملة بوجود رصيد محجوز لصالح حامل هذا الشيك.
  • لا يرد على الشيك المصدق الإشكالات الواردة على الشيك الذي لم يصدق من البنك.

 

الملاحق:

مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

قرار الدورة السادسة:

أولاً: قبض الأموال كما يكون حسيًا في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتبارًا وحكمًا بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسًا. وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضًا لها.

ثانيًا: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا …. تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف([3]).

 

قرار الدورة التاسعة:

يجوز شراء الذهب والفضة بالشيكات المصدقة ، على أن يتم التقابض بالمجلس([4]).

المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي:

أولاً: يقوم استلام الشيك مقام القبض، عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف.

ثانيًا: يعتبر القيد في دفاتر المصرف، في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى، سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه([5]).

المعايير الشرعية:

  • يعتبر تسلم الشيك الحالّ الدفع، قبضًا حكميًا لمحتواه إذا كان شيكًا مصرفيا(Banker’s Cheque) ، أو كان مصدقًا CertifiedCheque))، أو في حكم المصدق بأن يحجز رصيد في حساب الساحب، وذلك بأن تسحب الشيكات بين المصارف أو بينها وبين فروعها، وبناء على ذلك يجوز التعامل بهذا الشيك فيما يشترط فيه القبض، كصرف العملات، وشراء الذهب أو الفضة به، وجعل الشيك رأس مال للسلم .
  • لا يعتبر تسلم الشيك الحالّ الدفع، قبضاً حكميًا لمحتواه إذا لم يكن مصرفيا أو مصدقا أو في حكم المصدق، فإذا لم يكن كذلك: لا يجوز التعامل به فيما يشترط فيه القبض([6]).

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

س: هل يجوز شراء الذهب أو بيعه مقابل شيكات محالة للبنك، مع العلم بأن المبلغ المحال للبنك موجود بكامله، خصوصا وأنه لا يستطيع أن يحمل معه النقود أثناء الشراء، ولا أخذها من المشتري أثناء بيعه له عدد من السبائك، خاصة إذا كان المبلغ يصل أحيانا إلى ملايين الريالات، وربما يخاف على نفسه أو على ماله لو حملها؟

ج: لا حرج في ذلك؛ لأن قبض البائع للشيك في حكم قبضه للثمن، إذا كان الشيك مصدقا من المصرف، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: عضو: عبد الله بن غديان، الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز([7]).


([1]) المعايير الشرعية: المعيار الشرعي رقم (16/3/1)، اسم المعيار: الأوراق التجارية (معيار معدل) ص 444.

([2]) الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين (ص: 119)، وله فتوى أخرى بأن الشيك المصدق قد يرخص فيه. الفتاوى الذهبية في بيع وشراء الذهب (ص: 21).

([3]) قرار رقم (55/4/6) مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/1/ 771).

([4]) قرار رقم: 88/1/د9 مجلة مجمع الفقه الإسلامي (9/1369).

([5]) قرارات المجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة ص 264.

([6]) المعايير الشرعية: المعيار الشرعي رقم (16/7/1، 2)، الأوراق التجارية (معيار معدل) ص 446.

([7]) فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى (13/ 491، 493).

([1]) المعايير الشرعية ص 443، 444.

المراجع

1) فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، نشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء – الإدارة العامة للطبع – الرياض.
2) مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، العدد السادس، العدد التاسع.
3) قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، التابع لرابطة العالم الإسلامي، نشر: رابطة العالم الإسلامي، المجمع الفقه الإسلامي.
4) المعايير الشرعية، النص الكامل للمعايير الشرعية التي تم اعتمادها حتى 1439 هـ نوفمبر 2017م. هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
5) الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين، إعداد: فهد بن عبد الله السنيد.
6) الفتاوى الذهبية في بيع وشراء الذهب: محمد بن صالح بن محمد العثيمين.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى