كان أول إنشاء لبنـوك الدم في موسكو عام 1931م، وذلك بتخزيـن الـدم أو إحدى مكوناته بإضافة بعض المواد الكيميائية، ومن ثم حفظه في ثلاجات معينة، وبدرجة حرارة تتراوح بين 2 و6 مئوية، وبذلك يبقى الدم صالحًا للاستعمال ولمدة 35 يومًا.
أهمية إنشاء بنوك للدم
تتمثل أهمية ذلكفي الأمور الآتية:
1. إجراء الفحوصات المخبرية على الدم المسحوب، للتأكد من خلوه من الأمراض.
2. تقسيم الدم بحسب مكوناته وجزئياته، كالبلازما، والصفائح الحمراء، وكريات الدم البيضاء.
3. تخزين الدم للاستفادة منه وقت الحاجة.
ذهب كثير من العلماء المعاصرين إلى القول بجواز إنشاء مثل هذه البنوك بحجة:مساعدة وإسعاف من يحتاج إلى الدم، فالدم من ضروريات الحياة، خصوصًا في الحالات التي لا يمكن فيها إنقاذ الآخرين إلا بنقل الدم إليهم، ونقل الدم يحتاج إلى معرفة فصيلة من يؤخذ منه الدم، ومدى اتحادها مع فصيلة من ستنقل إليه، وهذه الأمور يندر القدرة على تنفيذها وقت الضرورة.
ويشترط أن تكون هذه البنوك تحت رقابة الدولة؛ لحفظ الأنفس من الهلاك ومن الأضرار ولسحب تراخيص المخالف منها، وإيقاع العقوبة الجنائية في حال المخالفة.
وقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قرارًابرقم 65 بتاريخ 7/2/1399هـ ورد فيه ما نصه:
( يجوز إنشاء بنك إسلامي لقبول ما يتبرع به الناس من دمائهم وحفظ ذلك لإسعاف من يحتاج إليه من المسلمين، على ألا يأخذ البنك مقابلًا ماليًا من المرضى أو أولياء أمورهم عوضًا عما يسعفهم به من الدماء، وألا يتخذ ذلك وسيلة تجارية للكسب؛ لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين).
ومن خلال هذا القرار يتبين أن إنشاء بنك الدم مقيد بشروط:
- ألا يكون من مقاصد إنشائه الربح المادي.
- ألا يأخذ البنك مقابلا ماليا من المرضى أو أولياء أمورهم.
ويمكن تلخيص الأدلة على جواز إنشاء بنوك الدم فيما يلي:
الدليل الأول: أن في ذلك تحقيق المصلحة العامة للمسلمين في سد حاجتهم من نقل الدم الذي أصبح في هذا العصر من الحاجات الملحة.
الدليل الثاني: كون الشريعة الإسلامية جاءت لدرء المفاسد وجلب المصالح،وفي إنشاء هذه البنوك درءًا لمفسدة وفاة كثير من المرضى الذين يحتاجون إلى نقل الدم إليهم وجلبًا لمصلحة إحيائهم بإذن الله تعالى.
الدليل الثالث: الاستدلال بقاعدة رفع الحرج والمشقة، فليس كل مريض يتهيأ له دمٌ وقت الحاجة، ولو تهيأ له فلا يلزم أن يوافق فصيلته، فجاز إنشاء البنك دفعًا لهذه المشقة.
الدليل الرابع: استنادا ً إلى قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، وذلك أنه لايتم ولا يتيسر الاستفادة من نقل الدم لكثير من المرضى المحتاجين إلا إذا وجدت مثل هذه البنوك.
الدليل الخامس: أن من مقاصد الشريعة حفظ النفس، وفي إنشاء مثل هذه البنوك حفظ لأنفس كثيرة ممن يحتاج إلى الدم إن شاء الله تعالى.
1- البنوك البشرية في الفقه الإسلامي د. قمر الزمان غزال، ط دار طيبة، ط.1، 1432.
2-بنوك الدم، د. عبدالمجيد الشاعر ونزار جادالله وحكمت جبر، ط1، دار المستقبل للنشر، 1413.
3-البنوك الطبية البشرية وأحكامها الفقهية د. إسماعيل مرحبا ط دار ابن الجوزي ط.1، سنة 1429.
4-البنوك الطبية واقعها وأحكامها د. عبد الرحمن محمد أمين طالب بحث منشور بمجلة مؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام المجلد الثاني 1431.
5-الفكر الإسلامي والقضايا الطبية المعاصرة، د. شوقي الساهي، ط1، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1411.
6- حكم العلاج بنقل دم الإنسان أو نقل أعضاء أو أجزاء منها، د. أحمد فهمي أبو سنة، مجلة المجمع الفقهي، العدد:1، سنة: 1408.
7- التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنساني، د. بكر بن عبدالله أبو زيد، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد:4، 1408.
8- المسائل الطبية المعاصرة وموقف الفقه الإسلامي منها، د. عليداود الجفَّال، دار البشير.
9- نقل الدم وأحكامه الشرعية، محمد صافي، ط1، مؤسسة الزعبي، سوريا، 1392.