توضع الأجنة في ثلاجات أو غرف كيميائية صغيرة، وتوضع في تركيز خاص من الجيلسرين المختلطفي سائل، ثم يتم تبريدها إلى أن تصل إلى درجة -79 تحت الصفر، فتتجمد الخلايا تمامًا، فتتوقف فيها التفاعلات الحيوية كافة، ولإعادة الاستفادة من الأجنة مرة أخرى، ترفع درجات الحرارة تدريجيًا، فتعود التفاعلات فيها، من ثم تعود لها الحياة.
وتختلف مدة تجميد الأجنةعند الأطباءعلى ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: لا تزيد مدة التجميد على سنتين إلى 5 سنوات، ثم يُتَصَرَّفُ بها، بإعادة نموها إليها أو بالتخلص منها، وهو قول جمهور الأطباء.
الاتجاه الثاني:تجمد الأجنة لمدة 10 سنوات، ثم يعاد تنشيطها، لاستعادة نموها.
الاتجاه الثالث:تجمد الأجنة لمدة 25 سنة.
إذا كان الحال كذلك فما حكم الاحتفاظ بهذه الأجنة في بنوك خاصة بذلك، من حيث الحل والحرمة.
أما حكم إنشاء بنوك للأجنة الفائضة، فهو على النحو الآتي:
اختلف الفقهاء في بيان حكم تجميد الأجنة الفائضة في بنوك إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: عدم جواز إنشاء بنوك لتجميد الأجنة الفائضة، وهذا ما ذهب إليه بعض أهل العلم، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد بجدة في دورته السادسة.
واستدلوا بما يلي:
- أ- أن فيه فتحًا لباب بعض المحظورات الشرعية في المستقبل، إذ قد يموت صاحب المني، فيستعمل منيه استعمالًا محرمًا.
- ب- أن تجميد الأجنة يسبقه أخذ البويضة من الأم، ويقتضي ذلك كشف عورة الأم أمام من لا يحل له النظر إليها، وهذا محرم.
- ت- في التجميد حبس لحياة الجنين عن مواصلة نموه حتى تصل إلى الغاية المقدرة لها، وهذا الحبس غير جائز، إذ ليس له مبرر شرعي.
الاتجاه الثاني: إباحة إنشاء بنوك تجميد الأجنة بضوابط، وهذا ما ذهب إليه بعض أهل العلم، ولجنة العلوم الطبية الفقهية الإسلامية الأردنية.
والضوابط تتمثل في الأمور الآتية:
- أن يكون التجميد بغرض البحث العلمي، وهذا يتطلب تحقق أمرين:
– أن يكون المني معينًا، والبويضة لزوجة معينة، وصدور موافقتهما على ذلك.
– أن يتم تسلمهما للجنين بعد خروجه.
- أن يكون التجميد بغرض علاج لمرض ما، على اعتبار أن الحضانة الموجودة في البنك هي المكان الملائم للإخصاب.
- أن يكون التجميد في مراكز متخصصة، ويتم الإشراف عليها من قبل أناس موثوق بهم.
- إصدار قوانين تنظم هذه العمليات؛ لردع كل من تسول له نفسه التلاعب بالأجنة، والاتجار بها.
وقد عضد القائلون بإباحة إنشاء بنوك لتجميد الأجنة الفائضة مع توافر الشروط السابقة رأيهم بما يأتي:
أولاً: أن الأصل في الأشياء الإباحة،وإطلاق حكم شرعي بالتحريم في مثل هذه المستجدات الفقهية، يحتاج إلى المزيد من البحث والنظر، فالقول مثلًا بتحريم إنشاء هذه البنوك، لما قد يترتب على ذلك من فتح الباب أمام بعض المحظورات الشرعية، كأن يستعمل مني الزوج بعد وفاته استعمالًا محرمًا، أو أن تكشف عورة المرأة أمام من لا يحل له النظر إليها، هي مبررات غير كافية للقول بمنع إنشاء هذه البنوك.
ثانيًا: وفاة صاحب المني ليس سببًا مقنعًا وكافيًا لأن يتم استعمال منيه استعمالًا محرمًا، فأصحاب النفوس الدنيئة من الأطباء لن توقفهم حياة صاحب المني أو وفاته، من التلاعب بمنيه لأغراضٍ شخصية كانت، أم طبية عامة.
ثالثًا: كشف عورة المرأة أمام من لا يحل له النظر إليها، ليس محرمًا فقط في هذه البنوك، بل هو حكم فقهي عام في جميع الحالات، وطالما أن هذه البنوك تتم تحت إشراف أناس وأطباء موثوق بهم، فمن الطبيعي أن تكون هناك أقسام خاصة للنساء، وأخرى للرجال، إلا في بعض الحالات التي قد تستدعي فيها الضرورة لأن تعرض المرأة على طبيب رجل، وتلك حالات خاصة يندر وجودها، ويختلف حكمها الشرعي باختلافها.
رابعًا: القياس على جواز إنشاء بنوك لحفظ الدم، فكما جاز إنشاء بنوك لحفظ الدم، يجوز إنشاء بنوك لتجميد الأجنة الفائضة واستخدامها عند الحاجة.
خامسًا: إن ترجيح جواز الانتفاع بالأجنة الفائضة عن الحاجة يترتب عليه إنشاء بنوك لتجميد هذا الفائض من الأجنة؛ لأن هذه البحوث التي تجرى على هذه الأجنة، قد يحتاج بعضها إلى فترات طويلة للتوصل إلى النتيجة، وقد يفشل بعضها منذ التجربةالأولى، ويحتاج إلى إعادة التجربة، ولن يتم ذلك إلا إن وجد مخزون لهذه الأجنة، ليعاد البحث فيها من جديد.(ينظر مصطلح: تجميد الأجنة الزائدة).
1. بنوك الأجنة، بنوك الحيامن،بنوك البويضات والجينات د. ياسين بن ناصر الخطيب بحث منشور بمجلة مؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام المجلد الثاني 1431.
2. بنوك الأجنة د. ليلى بن سراج أبو العلا: بحث منشور بمجلة مؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام المجلد الثاني 1431.
3. البنوك البشرية في الفقه الإسلامي د. قمر الزمان غزال، ط دار طيبة ط.1، 1432.
4. بنوك الحيامن والبويضات دراسة فقهية د. عبد الله بن عبد الواحد الخميس، بحث منشور بمجلة مؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام المجلد الثاني 1431.
5. بنوك الحيامن وضوابطها في الفقه الإسلامي د. حسن السيد حامد خطاب بحث منشور بمجلة مؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام المجلد الثاني 1431.
6. البنوك الطبية البشرية وأحكامها الفقهية د. إسماعيل مرحبا، ط دار ابن الجوزي ط.1، سنة 1429.
7. البنوك الطبية واقعها وأحكامها د. عبد الرحمن محمد أمين طالب، بحث منشور بمجلة مؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام، المجلد الثاني 1431.
8. الجديد في الفتاوى الشرعية للأمراض النسائية والعقم، د. أحمد عمرو الجابري، ط1، دار الفرقان، الأردن، 1414.
9. حقوق الجنين في الشريعة الإسلامية والقانون والاتفاقات الدولية، خليل إبراهيم محمد إبراهيم، الجامعة الأردنية، 2005م.
10. زراعة الأجنة في ضوء الشريعة الإسلامية، د. هاشم جميل عبدالله، مجلة الرسالة الإسلامية، سنة: 1410، العدد: 230.
11. الفكر الإسلامي والقضايا الطبية المعاصرة، د. شوقي الساهي، ط1، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1411.
12. حكم العلاج بنقل دم الإنسان أو نقل أعضاء أو أجزاء منها، د. أحمد فهمي أبو سنة،مجلة المجمع الفقهي، العدد:1، سنة: 1408.
13. التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنساني، د. بكر بن عبدالله أبو زيد، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد:4، 1408.
14. المسائل الطبية المعاصرة وموقف الفقه الإسلامي منها، د. عليداود الجفَّال، دار البشير.
15. مصير الأجنة في البنوك، د. عبدالله باسلامة، ضمن ندوة: الرؤية الإسلامية لبعض المشكلات الطبية المعاصرة، المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، 1407.
16. الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخ البشري: من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، د. سعيد بن منصور موفعة، دار الإيمان، مصر.
17. أخلاقيات التلقيح الصناعي، د.محمد علي البار، الدار السعودية، جدة، ط1 1407هـ