لعبة يسهم فيها عدد من الناس، بأن يدفع كل منهم مبلغًا صغيرًا، ابتغاء كسب النصيب، وهو عبارة عن مبلغ كبير، أو أي شيء آخر، يوضع تحت السحب، ويكون لكل مساهم رقم، ثم توضع أرقام المساهمين في مكان، ويسحب منها عن طريق الحظ رقم، أو أرقام، فمن خرج رقمه، كان هو الفائز بالنصيب.
ذهب المجمع الفقهي الإسلامي (رابطة العالم الإسلامي), و اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, و لجنة الإفتاء العام الأردنية, و المجلس الإسلامي للإفتاء (فلسطين), إلى تحريم اليانصيب, وأنه نوع من القمار وهو الميسر، والمال الذي يؤخذ بسببه مال حرام؛ لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90].
وقد عرَّف البيجوري القمار بقوله:”هو كل لعب تردد بين غرم وغنم”([1]). فالقمار هو كل لعب على مال أو غيره بين فريقين أو أكثر، متساويين في احتمال الخسارة، يأخذه الغالب من المغلوب.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ
قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، التي بدأت يوم السبت 20من شعبان1415هـ-21/1/1995م: قد نظر في هذا الموضوع، وهو عملية اليانصيب، وهي المعرَّفة في القانون بأنها «لعبة يسهم فيها عدد من الناس، بأن يدفع كل منهم مبلغًا صغيرًا، ابتغاء كسب النصيب، وهو عبارة عن مبلغ كبير، أو أي شيء آخر، يوضع تحت السحب، ويكون لكل مساهم رقم، ثم توضع أرقام المساهمين في مكان، ويسحب منها عن طريق الحظ رقم، أو أرقام، فمن خرج رقمه، كان هو الفائز بالنصيب». وبناء على هذا التعريف، فإن عملية اليانصيب، تدخل في القمار، لأن كل واحد من المساهمين فيها، إما أن يغنم النصيب كله، أو يغرم ما دفعه، وهذا هو ضابط القمار المحرم. والتبرير الذي تذكره بعض القوانين لجواز لعبة اليانصيب، إذا كان بعضُ دَخْلها يذهب للأغراض الخيرية، يرفضه الفقه الإسلامي، لأن القمار حرام أيًا كان الدافع إليه، فالميسر – وهو قمار أهل الجاهلية – كان الفائز فيه يفرق ما كسبه على الفقراء، وهذا هو نفع الميسر الذي أشار إليه القرآن، ومع ذلك حرمه، لأن إثمه أكبر من نفعه:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ) [البقرة: 219]، ثم أنزل سبحانه قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [المائدة: 90]، ثم يوصي المجلس: بأن تقوم إدارة المجمع، بإجراء دراسة ميدانية، لأنواع الجوائز، والمسابقات، والتخفيضات المنتشرة في وسائل الإعلام والأسواق التجارية، ثم استكتاب عدد من الفقهاء والباحثين، وعرض الموضوع على المجلس في دورته القادمة إن شاء الله. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين.
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
سئلت اللجنة عن موضوع اليانصيب ([2]).
فأجابت بما يلي:
اليانصيب نوع من القمار وهو الميسر، والمال الذي يؤخذ بسببه مال حرام؛ لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [المائدة: 90].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
2/ فتوى لجنة الإفتاء العام الأردنية.
سئلت اللجنة عن موضوع اليانصيب ([3]).
فأجابت بما يلي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أشكركم على جهودكم الخيرة, التي تقومون بها في رعاية ومتابعة الجمعيات الخيرية في الأردن، التي تقوم بدعم الفقراء والمحتاجين ومراكز المعاقين, وتقديم العون والمساعدة لهم.
إلا أن ما يسمى باليانصيب الخيري هو حرام شرعًا؛ لأنه يقوم على القمار، وقد نهى الله تعالى عنه في القرآن الكريم, حيث قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [المائدة: 90]، واليانصيب الخيري جزء من الميسر، وإنفاق ريعه في الأعمال الخيرية ودعم الفقراء لا يجعله حلالًا، إذ الغاية لا تبرر الوسيلة، والذي يشتري ورقة اليانصيب إنما يشتريها بقصد الربح، ثم يكون في النتيجة رابحًا أو خاسرًا، وهذا هو الميسر المحرم.
ويمكن أن يكون هناك وسيلة شرعية تكون بديلًا عن اليانصيب، وتتفق مع الغاية التي يهدف إليها الاتحاد العام للجمعيات الخيرية في الأردن، وأكثر ثوابًا عند الله عز وجل، وذلك بأن يتم طرح أوراق في السوق بسعر دينار مثلًا، يشتريها المواطن على سبيل التبرع، وهو يطلب الأجر والثواب من الله تعالى، ولا يطلب ربحًا في الدنيا، وتكون بديلًا شرعيًّا لأوراق اليانصيب، والناس في بلدنا يُقبلون على أعمال الخير، ويسارعون لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وقد قال الله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [المائدة: 2]، وقال النبي ﷺ : (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، [مسلم (2699) ] والله أعلم.
3/ المجلس الإسلامي للإفتاء (فلسطين).
سئلت لجنة الفتوى عن موضوع اليانصيب ([4]).
فأجابت بما يلي:
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وبعد:
المشاركة في ألعاب اليانصيب بكافة أشكالها وأنواعها حرام شرعا؛ لأنها صورة من صور القمار. قال الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) [المائدة:90-91]. والميسر هو القمار. والتحريم ظاهر بقوله تعالى:( فَاجْتَنِبُوهُ )، أي لا يجوز اللعب والمشاركة في صور القمار، ويجب الابتعاد عن الأماكن, التي تمارس فيها مثل هذه الألعاب([5]).
والسنة النبوية أكدت تحريم القمار بقوله صلى الله عليه وسلم:”من قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق” [أخرجه البخاري (رقم 4579) ومسلم (رقم 1647) ].
وعن جابر بن عبد الله ؓ أن النبي ﷺ قالLلا يدخل الجنة لحم نبت من سحت). [أخرجه ابن حبان (1723) والترمذي (614) وحسنه ].
جاء في فتاوى الأزهر(7/259):”أوراق اليانصيب حرام, لأنها نوع من أنواع القمار”.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى(15/205):”اليانصيب نوع من القمار وهو الميسر، والمال الذي يؤخذ بسببه مال حرام”.
[1]) حاشية البيجوري (2/521).
[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (17628) .
[3]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (1303) .
[4]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (492) .
[5]) ينظر : زاد المسير (2/260).
1/ المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي , قرار رقم (7) الدورة الرابعة عشرة.
2/ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, السؤال الخامس من الفتوى رقم (17628).
3/ لجنة الإفتاء العام الأردنية (سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان) , فتوى رقم (1303).
4/ المجلس الإسلامي للإفتاء (فلسطين) الفتوى رقم (492).
5/ الجوائز وأحكامها الفقهية وصورها المعاصرة, (رسالة ماجستير)، باسم أحمد عامر, الجامعة الأردنية, عمان / الأردن.
6/ القمار حقيقته وأحكامه (رسالة دكتوراه)، للدكتور سليمان بن أحمد الملحم , جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , كلية الشريعة.