أن يقوم أشخاص بإغراء الحيوانات بعضها ببعض، وتأليب بعضها على بعض، على وجه المغالبة والمسابقة؛ بغرض التسلية، أو بغرض الحصول على المال من جراء التنافس.
ذهب المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي, وقطاع الإفتاء بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية, وسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله إلى حرمة التحريش بين الحيوانات, وأنه لا فائدة فيها، وكون اللهو واللعب بالحيوانات على جهة التعذيب لها، وفي الحديث عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ : (لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا). [مسلم (1957)]، وحديث (دخلت امرأة النار بهرة ربطتها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت) [أخرجه البخاري (2236)]. وجاء عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «نهى رسول الله ﷺ عن التحريش بين البهائم» [أخرجه أبو داود (2562)، والصواب أنه من مراسيل مجاهد].
وكونه من الميسر, كما في الأثر: ثلاث من الميسر: الصفير بالحمام، والقمار، والضرب الكعاب. [انظر الدر المنثور للإمام السيوطي 3/155].
وجه الدلالة من الأدلة:
إنه إذا كنا قد نهينا عن أذية الحيوان مطلقًا، وتعذيبه، فمن باب أولى اتخاذها وسيلة للعب في القمار والميسر، ومن هذا يتضح جريمة إهدار الحيوان في التقامر.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية:
قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة في المدة من يوم السبت 24 صفر 1408هـ الموافق 17 أكتوبر 1987م إلى يوم الأربعاء 28صفر 1408 الموافق 12 أكتوبر 1987م قد نظر في موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة من حيث عدهما رياضة بدنية جائزة، وكذا في مصارعة الثيران المعتادة في بعض البلاد الأجنبية، هل تجوز في حكم الإسلام أو لا تجوز؟ … قرر مجلس المجمع ما يلي:…
ثالثًا: مصارعة الثيران: وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم، التي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح فهي أيضًا محرمة شرعًا في حكم الإسلام، لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيبًا بما يغرس في جسمه من سهام، وكثيرًا ما تؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثورُ مصارعَه، وهذه المصارعة عمل وحشي يأباه الشرع الإسلامي, الذي يقول رسوله المصطفى ﷺ في الحديث الصحيح: (دخَلَت امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ حبَستْها، فلا هي أَطعَمتْها وسقَتْها إذ حبَستْها، ولا هي ترَكَتْها تأكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرْضِ). فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة, فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى الموت؟
رابعًا: التحريش بين الحيوانات: ويقرر المجمع أيضًا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش، والديكة، وغيرها، حتى يقتل أو يؤذي بعضها بعضًا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية, قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية.
سئلت لجنة الفتوى عن موضوع المراهنة في التحريش بين البهائم ([1]).
فأجابت بما يلي:
يحرم التحريش بين الحيوانات وتهييج بعضها على بعض وهو ما يسمى (مصارعة الكلاب أو الديكة أو الطيور أو الكباش أو الثيران)، لأنه يؤدي إلى حصول الأذى للحيوان والتعذيب له، وربما أدى إلى إتلافه لغير مصلحة معتبرة شرعًا، وقد (نهى رسول الله ﷺ عن التحريش بين البهائم) [أخرجه أبو داود والترمذي, وقال: حسن صحيح]، وهذا يخالف ما دعت إليه الشريعة من الرفق بالحيوانات وعدم تعريضها للتلف في غير الوجوه التي سخر الله تعالى فيها الحيوانات لمصلحة الإنسان، وأمر بالإحسان في ذبحها إذا احتيج لذبحها للأكل، أو لقتلها تخلصًا من شرها.
وعليه، فإن تنظيم المصارعة بين الحيوانات على الصورة المعروفة حرام، كما تحرم المراهنات بين أصحاب الحيوانات المتصارعة وبين الجمهور (وكذا بين الجمهور بعضهم مع بعض), لأن ذلك من قبيل القمار المحرم، وعلى الجهات المسؤولة منع ذلك كله، ومعاقبة من لا يمتنع. والله أعلم.
ثالثًا: الفتاوى العلمية:
1/ فتاوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.
سئل فضيلة الشيخ رحمه الله عن موضوع المراهنة في التحريش بين البهائم([2]).
فأجاب رحمه الله بما يلي:…
الملاكمة ومصارعة الثيران من المحرمات المنكرة لما في الملاكمة من الأضرار الكثيرة والخطر العظيم، ولما في مصارعة الثيران من تعذيب للحيوان بغير حق، أما المصارعة الحرة التي ليس فيها خطر ولا أذى ولا كشف للعورات فلا حرج فيها؛ لحديث مصارعة النبي ﷺ ليزيد بن ركانة فصرعه عليه الصلاة والسلام؛ ولأن الأصل في مثل هذا الإباحة إلا ما حرمه الشرع المطهر، وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار بتحريم الملاكمة ومصارعة الثيران لما ذكرنا آنفًا.
[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى (2087).
[2]) ينظر : نص السؤال في مجموع فتاوى ومقالات سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (4/ 411 – 414) .
1/ المجمع الفقهي الإسلامي (رابطة العالم الإسلامي) القرار الثالث, الدورة العاشرة.
2/ مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز – المجلد الرابع – حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة جزء: 4 صفحة: 411 – 414).
3/ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية, قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية, فتوى رقم (2086).
4/ نوازل الحيوان دراسة فقهية(رسالة ماجستير)، لعاصم بن منصور أبا حسين, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة بالرياض,
5/ المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية- دراسة فقهية أصولية, للدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري, الناشر: دار العاصمة ودار الغيث – الرياض.