قسم العباداتباب الطهارة

الماء المتغير بالمنظفات المستجدة

رقم 1

العناوين المرادفة

1. الماء المتغير بالمنظفات الكيميائية.
2. الماء المخالط للمطهرات المائعة المستحدثة.
3. الماء المتغير بالمائعات المطهرة.

صورة المسألة

من الوسائل المستجدَّة في تنظيف الأوساخ والأدران استعمال مواد تتفاعل كيميائيا وفيزيائيا سائلة أو صلبة أو مزيجاً بينهما، صابونية مثل الصابون العادي أو غير صابونية مثل الشامبو الذي يستعمل للاستحمام وغير ذلك.

فما حكم الطهارة بالماء المختلط بهذه المنظفات؟

حكم المسألة

هذه المسألة مبنية على ما ذكره الفقهاء في الماء المطلق إذا خالطه شيء من الطاهرات قصداً كهذه المنظفات، وله ثلاث حالات:

الأولى: إذا اختلط الماء بطاهر ولم يغير لونه ولا طعمه ولا ريحه فقد اتفق الفقهاء على جواز الطهارة به؛ وحجتهم أن الماء في هذه الحالة باقٍ على طهوريته.

الثانية: إذا اختلط الماء بطاهر فتغير تغيرا يخرجه عن اسم الماء فإن جمهور الفقهاء على عدم جواز التطهر به خلافا للحنفية؛ لزوال اسم الماء المطلق عنه.

الثالثة: إذا اختلط الماء بطاهر فتغير تغيراً يسيراً بحيث لا يضاف إليه فيقال: ماء كذ، فقد اختلف الفقهاء في هذا على اتجاهين:

الاتجاه الأول: أن الماء طاهر غير مطهر، وهو مذهب مالك والشافعي والحنابلة في رواية عندهم اختارها أكثر متأخريهم.

ومن أدلتهم: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا۟ مَآءً فَتَيَمَّمُوا۟} النساء:43.

وجه الاستدلال: أن الماء المتغير بالطاهر تغيراً يسيراً- وإن بقي على اسمه- ليس ماء مطلقاً، فلا يدخل في عموم الآية ؛ لأَنَّهُ قد زال عنه اسم الماء المطلق ، فلا يقال له : ماء على سبيل الإطلاق.

الاتجاه الثاني: أن الماء المتغير بالطاهر تغيراً يسيراً ماء طاهر مطهر، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية ثانية عند الحنابلة، وقول ابن حزم، واختاره ابن المنذر وابن تيمية، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، ودار الإفتاء المصرية، والشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيرهم.

واستدلوا بأدلة منها:

1- قول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨].

وجه الدلالة: أن كلمة ﴿مَاءً﴾ وردت في الآية نكرة في سياق الامتنان فتعم جميع أنواع المياه.

2- قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا۟ مَآءً فَتَيَمَّمُوا۟} [النساء: ٤٣].

وجه الاستدلال: أن قوله: “ماء” نكرة في سياق النفي فيعم كل ما كان ماء، ولا فرق في ذلك بين نوع ونوع.

نوقش:

أن الماء المتغير تغيراً يسيراً غير داخل أصلا في اسم الماء، فلا يتناوله اسم الماء المطلق المذكور في الآية؟ .

أجيب:

1- أن التغير الحاصل في الماء، سواء كان أصليا أو طارئا لا أثر له في تخصيص مسماه من جهة اللغة بالماء المطلق بدليل ما ثبت في الحديث:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في ماء البحر: “هو الطهور ماؤه، الحل ميتته”.[رواه مالك في موطئه، (2/29)، رقم الحديث: (1819) وأصحاب السنة الاربعة و غيرهم].

وجه الدلالة: أنه ثبت في الحديث طهورية ماء البحر، مع أن البحر متغير الطعم تغيراً شديداً لشدة ملوحته، فدل هذا على أن ما كان أخف منه ملوحة أولى أن يكون طهوراً، وإن كان الملح وضع قصداً، إذ لا فرق بينهما في الاسم من جهة اللغة.

2- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- اغتسل من قصعة فيها أثر العجين، [رواه أحمد(26887) والنسائي(240) وابن ماجه(378)].

وجه الدلالة: أن اغتسال النبي –صلى الله عليه وسلم- بماء فيه أثر العجين دليل على أن الماء باق على طهوريته وإن تغيّر تغيُّرا يسيرا بطاهر خالطه؛ لأن من المعلوم في العادة تغير الماء بالعجي، واستعماله –صلى الله عليه وسلم- له دليل الجواز وعدم الاعتداد بهذا التغيُّر.

3- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أمر بغسل المحرم بماء وسدر فقال: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا».[ صحيح البخاري: (2/ 76) رقم الحديث:(1265)]

4- أن النبي- صلى الله عليه وسلم-أمر بغسل ابنته حين توفيت، فقال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر..”. [ صحيح البخاري(2/ 73)، رقم الحديث: (1253) ].

وجه الدلالة من الحديثين: أن السدر الذي يستعمل مع الماء في ذلك الغسل لا بد أن يغير الماء، فلو كان مجرد التغير يفسد الماء لم يأمر-صلى الله عليه وسلم- باستعماله، فدلّ ذلك على أن الماء إذا اختلط ببعض المنظفات الحديثة لم يخرج عن الطهورية ما لم يزل عنه اسم الماء المطلق عنه كما لم يزل وصفه بالطهورية عند اختلاطه بالسدر.

5- أنه ماء بقي على رقته وعلى اسمه فبقي على أصله، ويدل على ذلك أن الإنسان لو وكل غيره في شراء ماء، فاشترى ماء متغيراً بشيء طاهر، فقد أتى بالمطلوب فلا شيء عليه، وكذا لو حلف أن لا يشرب ماء، فشرب هذا المتغير فإنه يحنث بذلك، ولو أنه قد زالت طهوريته لم يكن كذلك.

وبناء على هذا القول، فالماء المتغير باليسير من المنظفات الحديثة كالصابون والشامبو ونحوهما يصح التطهر به.

وسبب الخلاف في هذه المسألة: أن أهل العلم اتفقوا على أن الطهارة تكون بالماء المطلق، وأنها لا تجوز بالماء المقيَّد كماء الورد ، وماء الخل ، ونحو ذلك، والماء الذي اختلط بالطاهرات وتغير بها محل تردد بينهما.

المراجع

1. إتحاف البرية فيما جدّ من المسائل الفقهية، لـ: محمد سعد سعود الحربي وتركي محمد حامد النصر، الطبعة الأولى، الإصدار 41، عام 1435-2014م، (ص:16).

2. الإجماع لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (المتوفى : 319هـ)، تحقيق : فؤاد عبد المنعم أحمد، دار المسلم للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى عام: 1425هـ/ 2004مـ (ص:34).

3. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين، أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي (المتوفى: 587هـ)، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية سنة: 1406هـ – 1986م (1/67).

4. دار الإفتاء المصريةhttp://www.dar-alifta.org/ar/ViewFatwa.aspx?ID=12134&LangID=1&MuftiType=

5. الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)، دار ابن الجوزي الطبعة الأولى عام: 1422 – 1428 هـ، (1/100).

6. فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية تأليف: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء-الإدارة العامة للطبع – الرياض(5/ 92) رقم الفتوى: ( 11108)، و(5/94-95) رقم الفتوى:(9389).

7. فقه النوازل في العبادات، لخالد بن علي بن محمد بن حمود بن علي المشيقح (ص: 6-8)، www.islamlight.net/almoshaiqeh الكافي في فقه أهل المدينة، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري (المتوفى: 463هـ)، تحقيق: محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، الطبعة الثانية عام: 1400هـ/1980، (1/155).

8. مجموع الفتاوى، لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728هـ) تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، عام: 1416هـ/1995، (21/ 25-26).

9. المجموع شرح المهذب، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، دار الفكر (1/103).

10. مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله، للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ)، أشرف على جمعه وطبعه: محمد بن سعد الشويعر(10/19)، و(29/ 7) .

11. المحلى بالآثار لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري (المتوفى: 456هـ)، دار الفكر– بيروت، (1/200).

12. المغني لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)، مكتبة القاهرة، عام : 1388هـ – 1968م،(1/21).

13. موقع إسلام ويب، رقم الفتوى: 21668 http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php

14. موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة: https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%81#.D9.85.D9.81.D9.87.D9.88.D9.85_.D8.A7.D9.84.D9.85.D9.86.D8.B8.D9.91.D9.81

15. دائرة الإفتاء العام-الأردن، فتوى سماحة الدكتور نوح علي سلمان رحمه الله (المتوفى سنة 1432هـ)، رقم الفتوى : (2109).

http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2109#.WRf59tyrfIU

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى