العمل في المطاعم والمحال التي تقدم الخمور ولحم الخنزير ونحوها
مسألة رقم 125
• العمل في المحال التي تقدم بعض المنتجات المحرمة.
• العمل الذي يترتب عليه مباشرة المحرمات.
عمل المسلم خارج ديار الإسلام في المحال التي تقدم بعض المحرمات مثل البقالات والمطاعم التي تقدم الخمر، ولحم الخنزير إلى جانب الأشربة واللحوم الأخرى، وقد يتضمن هذا العمل غسل الأواني التي يعد فيها الخنزير ونحوه، وقد لا يجد عملا إلا في مثل هذه المحال التي فيها هذه المحرمات، فهل يجوز كسب الرزق من هذا العمل؟
اختلف فقهاء العصر في هذه المسألة على اتجاهين:
الاتجاه الأول: لا يحل للمسلم العمل في البقالات والمطاعم التي تقدم فيما تقدم المحرمات، وإذا لم يجد المسلم عملا مباحا شرعا فيجوز العمل بشرط ألا يباشر بنفسه سقي الخمر أو حملها أو صناعتها أو الاتجار بها، وكذلك غيرها من المحرمات كالخنزير ونحوه على أن ينكر بقلبه هذا العمل، ويعقد عزمه على التحول عند أول القدرة على ذلك ويجد في السعي للحصول على بديل مشروع.
وهذا رأي مجمع الفقه الدولي، وكذلك مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا([1]) وأضاف: أنه لا حرج في مثل أعمال الحراسة والنظافة ونحوها في هذه البقالات والمطاعم، و يكره للمسلم العمل في غسل الأطباق والأكواب التي تستعمل في المحرمات.
أهم أدلة هذا القول:
استندوا في أصل المنع إلى ما في هذا العمل من الإعانة على الإثم والعدوان، وهو محرم، واستندوا في الجواز عند عدم وجود العمل المباح إلى الضرورة والحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، وقاعدة: الضرورة تقدر بقدرها “، فإذا جاز هذا العمل للضرورة فإنه يقتصر فيه على ما تندفع به الضرورة أو الحاجة.
استدل مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا لجواز أعمال الحراسة والنظافة في هذه المحال، بأن العمل فيها لا يتضمن مباشرة شيء من المحرمات ببيعها أو حملها أو إعدادها أو تقديمها، وأما كراهة العمل في غسل الأطباق والأكواب ونحوها مما يستعمل في المحرمات فلأن في ذلك إعانة غير مباشرة على المعصية.
الاتجاه الثاني: لا يجوز العمل في المحال التي تبيع الخمور أو لحوم الخنزير ونحوها، وكذلك العمل في غسل الأواني التي تستعمل في هذه المحرمات، ولا يوجد ضرورة تضطر إلى ذلك، فأرض الله واسعة وبلاد المسلمين كثيرة، والأعمال المباحة فيها شرعا كثيرة أيضاً، فعلى المسلم أن يكون مع جماعة المسلمين في البلد الذي يتيسر فيها العمل الجائز.
وهو قول اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية كما في فتاوى اللجنة، وقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله كما في فتاوى الدعوة لابن عثيمين([2]).
أهم أدلة هذا القول:
أن هذا العمل داخل في التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عن ذلك بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدو 2)، ولا يوجد ضرورة تضطر المسلم إلى ذلك، إذ يمكنه الانتقال إلى البلاد التي يتيسر فيها العمل الجائز، وقد قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2)وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق 2-3)، وقال تعالى: ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق 4).
ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله r يقول عام الفتح وهو بمكة: ” إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام” متفق عليه.
([1]) قرار مجمع الفقه الدولي رقم 23(11/3)، ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا قرار 12/5.
([2]) فتاوى اللجنة 22/ 100، ، وفتاوى الدعوة لابن عثيمين 3/ 158.
• قرارات مجمع الفقه الدولي.
• فتاوى الدعوة للشيخ: محمد بن عثيمين إصدار: مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية.
• إسعاف المغتربين بفتاوى العلماء الربانيين إعداد متعب بن عبد الله القحطاني.
• فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش.
• صناعة الفتوى وفقه الأقليات للشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه. دار المنهاج للنشر والتوزيع – بيروت الطبعة الأولى 1428هـ.
• فقه الأقليات المسلمة للشيخ خالد عبد القادر.