المعاملات الآجلة
أن يتفق البائع والمشتري على عقد شيء معين، أو موصوف في الذمة مؤجل, بثمن مؤجل.
إن للعقود الآجلة والمستقبليات أشكال عديدة, فهناك عقود آجلة للسلع, أو لأذونات الخزانة, أو السندات, أو القروض, أو حتى أسعار الفائدة كما أن هناك مستقبليات للسلع, والأوراق المالية والعملات والمؤشرات وأسعار الفائدة.. إلخ، وبالرغم من وجود اختلافات بين العقود الآجلة والمستقبليات, فإنه يجمع بينها الاتفاق على تسليم أصول معينة في تواريخ محددة مستقبلا.
ومن المؤكد أن بعض هذه العقود واضح الحرمة كمستقبليات أسعار الفائدة والمؤشرات, وبعضها يمكن أن يكون جائزا بمراعاة الضوابط الشرعية, ولذا يختلف الحكم على عقود المستقبل وفقا لاختلاف العقد وبنوده، فمن ذلك التالي:
أولًا: الحكم الفقهي للعقود المستقبلية على السلع:
لا يجوز إبرام العقود المستقبلية على السلع, سواء كان الغرض منها الاحتياط لتقلبات الأسعار, أو المضاربة, وذلك لما يأتي:
1/ أن في العقود المستقبلية تأجيل تسليم الثمن والمثمن، وهذا لا يجوز.
2/ أن في هذه العقود من الربا المجمع على تحريمه، وهو ربا النسيئة، وذلك في حالة العقود المستقبلية على الذهب والفضة.
ثانيًا: الحكم الفقهي للعقود المستقبلية على الأدوات المالية:
1/ الحكم الفقهي للعقود المستقبلية على الأسهم:
لا يجوز إبرام العقود المستقبلية على الأسهم؛ وذلك للأدلة الآتية:
أ/ أن في العقود المستقبلية من تأجيل تسليم الأسهم، وفي ذلك تأجيل المبيع المعين وهو غير جائز شرعًا.
ب/ إن في العقود المستقبلية يتم تأجيل تسليم الثمن والمثمن، وهذا لا يجوز؛ لأنه من بيع الدين بالدين المجمع على تحريمه.
ج/ لا يملك البائع في الغالب الأسهم التي أبرم عليها عقدًا مستقبليًا، فيكون بائعًا لما هو مملوك لغيره.
2/ الحكم الفقهي للعقود المستقبلية على الأوراق المالية ذات الدخل الثابث:
وتعرف أيضًا بالعقود المستقبلية على أسعار الفائدة، والحكم الفقهي لها هو التحريم؛ وذلك لما يأتي:
أ/ إن في ذلك من بيع الدين لغير من هو عليه بثمن مؤجل، وهو غير جائز؛ لما فيه من بيع الدين بالدين المنهي عنه.
ب/ الدين الذي تمثله هذه الأوراق من النقود، وإذا بيعت بنقود، كما هو الحال في العقود المستقبلية, كان ذلك صرفًا لم تتوفر فيه شروطه، فكان حرامًا.
ثالثا: الحكم الفقهي للعقود المستقبلية على مؤشرات الأسهم:
الحكم الفقهي لهذا النوع من العقود هو التحريم، وذلك لما يأتي:
أ/ أن في هذه العقود من وقوع العقد على ما ليس بمال، ولا يؤول إلى المال، وذلك لا يجوز؛ لأن مؤشرات الأسهم أرقام مجردة، يقع العقد عليها، وليس على الأسهم الممثلة في تلك المؤشرات.
ب/ أن في هذه العقود من الرهان المحرم بإجماع المسلمين، لأن حقيقة العقود المستقبلية على مؤشرات الأسهم: المراهنة على هذه المؤشرات من حيث بلوغها رقمًا معينًا، أو عدمه، على أن يدفع من يخسر الرهان إلى الطرف الآخر الفرق بين الرقم المعين المراهن عليه المسمى بـ (سعر التنفيذ)، وبين الرقم الذي يصل إليه المؤشر فعلًا في الأجل المضروب.
رابعًا: الحكم الفقهي للعقود المستقبلية على العملات الأجنبية:
العقود المستقبلية على العملات محرمة شرعًا؛ للأدلة الآتية:
أ/ أن العقود المستقبلية يتم تأجيل تسليم الثمن والمثمن، وهذا لا يجوز؛ لأنه من بيع الدين بالدين المجمع على تحريمه.
ب/ أن في هذه العقود من الربا المجمع على تحريمه، وهو ربا النسيئة.
ج/ أن هذه العقود من القمار إذا كانت تنتهي بالتسوية النقدية، والمحاسبة على فروق الأسعار، دون أن يكون التسليم والتسلم منويًا للعاقدين.
قرارات المجامع الفقهية وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/ قرر المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي, في دورته الثالثة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة , والتي بدأت يوم السبت 5 شعبان 1412 الموافق 8/2/1992 م. وقد نظر في موضوع: بيع العملات بعضها ببعض, وتوصل للنتائج التالية:
أولًا: إن بيع عملة بعملة أخرى يعتبر صرفًا.
ثانيًا: إذا تم عقد الصرف بشروطه الشرعية , وخاصة التقابض في مجلس العقد, فالعقد جائز شرعًا.
ثالثًا: إذا تم عقد الصرف مع الاتفاق على تأجيل قبض البدلين أو احدهما إلى تاريخ معلوم في المستقبل بحيث يتم تبادل العملتين معا في وقت واحد في التاريخ المعلوم, فالعقد غير جائز, لأن التقابض شرط لصحة تمام العقد ولم يحصل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا, والحمد لله رب العالمين.
2/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412 الموافق 9 – 14 أيار (مايو) 1992م، وبعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: “الأسواق المالية” الأسهم، الاختيارات، السلع، بطاقة الائتمان، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:…
3/ التعامل بالمؤشر:
المؤشر هو رقم حسابي يحسب بطريقة إحصائية خاصة يقصد منه معرفة حجم التغير في سوق معينة، وتجري عليه مبايعات في بعض الأسواق المالية.
ولا يجوز بيع وشراء المؤشر لأنه مقامرة بحتة وهو بيع شيء خيالي لا يمكن وجوده.
1/ قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي, الدورة الثالثة عشرة, القرار الأول.
2/ مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السابع قرار رقم: 63 (1/7) مجلة المجمع (العدد السادس، ج2 ص1273 والعدد السابع ج1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5).
3/ أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة, (رسالة دكتوراه) للدكتور مبارك بن سليمان آل سليمان, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة.
4/ الأسواق المالية في ميزان الفقه الإسلامي للدكتور علي محيي الدين القره داغي , مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي،ع7، ج1، ص191.