الزواج وفق القانون المدني.
الزواج المدني هو: أن يتفق رجل وامرأة دون النظر إلى ديانتهما على إنشاء علاقة زوجية بينهما، ويقومان بتوثيق هذا الاتفاق في الدائرة المختصة بحضور شاهدين ضمن مجموعة من ذوي طرفي الاتفاق.
ويتم هذا الاقتران بينهما بحسب ما اتفقا عليه، والذي غالبا ما يكون على أساس المساواة التامة بينهما، فلا مهر لها، ولا قوامة له، ولا طاعة عليها، ولا طلاق له، بل هي حياة دائمة قائمة على الاحترام المتبادل – من وجهة نظرهم – لا تنقطع إلا بالموت، ولا يحق للزوج بموجب هذا الزواج أن يعدد من الزوجات مطلقاً، وأما النفقة والسكنى فبحسب الاتفاق الذي جرى بينهما.
من خلال النظر والتأمل في حقيقة هذا النوع من الزواج ندرك أنه يصادم أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يتفق معها بحال، ويتضح ذلك من خلال ما يلي:
لم يعتبر الآخذون بالزواج المدني الدينَ مانعاً من موانع النكاح، ولا من موانع الميراث، وكذلك الطلاق محرم عند القوانين الآخذة بالزواج المدني على تفاوت بينهم في ذلك، رغم إباحته في الشريعة الإسلامية بضوابطه الشرعية المفصلة في الكتب الفقهية، وأجازوا التبني المحرم في شريعة الإسلام، ولم يوجبوا العدة على المرأة بعد الفرقة، وحرموا تعدد الزوجات، ولم يعتبروا الرضاع مانعا من موانع النكاح، وكل ذلك مخالف لشريعة الإسلام التي أوجبت العدة على المرأة التي فارقها زوجها، وأباحت تعدد الزوجات بشرط العدل، واعتبرت الرضاع كالنسب في التحريم، وقد جاء في قرار مجمع الفقه رقم: 106 (5/18): بشأن عقود النكاح المستحدثة، ما يأتي: يؤكد المجمع أن عقود الزواج المستحدثة وإن اختلفت أسماؤها، وأوصافها، وصورها، لابد أن تخضع لقواعد الشريعة المقررة وضوابطها، من توافر الأركان، والشروط، وانتفاء الموانع.
واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية نظرت في البيانات الصادرة عن المجلس الشرعي الأعلى في لبنان، وعن مجلس المفتين برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني المتضمنة رفض مشروع قانون الأحوال الشخصية الاختياري (نظام الزواج المدني) الصادر من رئاسة الجمهورية اللبنانية، لما يتضمنه هذا المشروع من أمور كثيرة مخالفة للشريعة الإسلامية، بل وللشرائع السماوية كلها، حيث يسمح للمسلمة أن تتزوج بغير المسلم، وللأخ أن يتزوج أخته من الرضاع، ولا يسمح للرجل بالطلاق، ولا يجعل اختلاف الدين مانعا من التوارث بين الزوجين، ويمنع من تعدد الزوجات، إضافة إلى أنه لا يرجع في هذا العقد إلى حكم الشرع، وإنما يرجع فيه إلى القانون المدني.
وبناء على ذلك فإن اللجنة تؤيد ما صدر عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وعن مجلس المفتين في لبنان من رفض هذا القانون وإبطاله شرعا، وتحذر المسلمين منه، لأنه قانون مخالف للشريعة الإسلامية فلا يترتب عليه شيء من أحكام الزواج الشرعي من حل الوطء والتوارث وإلحاق الأولاد وغير ذلك([1]).
([1]) مجلة البحوث الإسلامية (55/377) الفقه الميسر ” النوازل المعاصرة في فقه الأسرة ” 11/39
1. الزواج المدني دراسة فقهية مقارنة، محمد رمضان.
2. الزواج المدني ومشروع قانون الأحوال الشخصية اللبناني. عبدالفتاح كبار.
3. عقود الزواج المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية للأستاذ الدكتور وهبة مصطفي الزحيلي.
4. عقود الزواج المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية للأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي.
5. عقود الزواج المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية للدكتور أحمد بن موسى السهلي.
[البحوث الثلاثة كلها منشورة ضمن (أعمال الدورة الثامنة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الموافق 8-12/4/2006م)، رابطة العالم الإسلامي، المجمع الفقهي الإسلامي، ط1، 1426هـ – 2005م، المجلد الثالث.]
6. الخلاصة في فقه الأقليات، جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود.
7. مجلة المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، أعمال الدورة الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12/4/2006م.