زواج المتـعة.
أن يعقد الرجل على المرأة، وينص في عقد الزواج أنه متى أنجبت المرأة فإنها تطلق، فالغرض من الزواج هنا المتعة الجنسية المحدودة بأجل، سواء أكان الأجل معلوماً أم مجهولاً.
يرى جماعة العلماء المعاصرين أن الزواج المؤقت بالإنجاب باطل لا يصح، وقد نص على ذلك المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي([1]).
وقد جاءت فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالتحريم ([2]) ونصها:
الزواج المؤقت نكاح متعة، وهو نكاح باطل بالنص وإجماع أهل السنة والجماعة، ففي الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر، وفي رواية: نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وثبت في صحيح مسلم (ح 1406) أن النبي ﷺ قال: إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا.
والوطء في الزواج المؤقت يعتبر زنًا تترتب عليه أحكام الزنا في حق من فعله وهو عالم ببطلانه، والزواج الشرعي: أن يعقد الإنسان على امرأة بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها إذا صلحت له الزوجة ورغب فيها، وإلا طلقها، قال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة 229].
وفتوى الشيخ عبد العزيز ابن باز على التحريم أيضاً، وقد جاء فيها:
وهناك أنكحة تخالف النكاح الشرعي، من ذلك نكاح المتعة: وهو أن يتزوجها لمدة معينة، ثم بعد ذلك يزول النكاح، كأن يتزوجها شهرًا أو شهرين أو ثلاثة، أو ما أشبه ذلك، لمدة يتفقان عليها، هذا يقال له: نكاح المتعة، وقد أُبيح في الإسلام وقتًا ما، ثم نسخ الله ذلك وحرّمه على الأمة سبحانه وتعالى، بأن جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: “إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنّ شيءٌ فليخَلِّ سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا”.
وثبت من حديث علي رضي الله عنه، وسلمة بن الأكوع، وابن مسعود، وغيرهم، أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن نكاح المتعة، فاستقرت الشريعة على تحريم نكاح المتعة، وأنه محرم، وأن النكاح الشرعي هو الذي يكون فيه الرغبة من الزوج للزوجة، ليس بينهم توقيت، بل يتزوجها على أنه راغب فيها([3]).
كما تحدث الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود عن مسألة نكاح المتعة، وانتهى إلى بطلان هذا النوع من النكاح، ومما قاله:”نكاح المتعة هو من قبيل متخذات أخدان، بحيث يختص بها واحد بدون مشارك في زمن محدد، كما هو الواقع من فعل كثير من النساء الزواني اللاتي يراعين التستر، وبذلك أنزل الله: ( فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) [النساء 25] فسمى الله الصداق أجرة وأجراً كما قال سبحانه:(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ )[النساء 25] ([4]).
كما أن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي([5])، قد نظر في موضوع: (عقود النكاح المستحدثة). ونص على الزواج المؤقت بالإنجاب، وهو: عقد مكتمل الأركان والشروط، إلا أن أحد العاقدين يشترط في العقد أنه إذا أنجبت المرأة فلا نكاح بينهما، أو أن يطلقها. وهذا الزواج فاسد لوجود معنى المتعة فيه؛ لأن التوقيت بمدة معلومة كشهر أو مجهولة كالإنجاب يصيره متعة، ونكاح المتعة مجمع على تحريمه.
ومن فتاوى العلماء المعاصرين فتوى الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي([6]) قال فيها: اتفقت المذاهب الأربعة وجماهير الصحابة على أن زواج المتعة ونحوه حرام باطل، إن المراد بالاستمتاع في آية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ) [النساء: 24]: النكاح؛ لأنه هو المذكور في أول الآية وآخرها، حيث بُدِئت بقوله تعالى: (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا)[النساء: 4/22] وختمت بقوله سبحانه: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) [النساء 25]، فدل على أن المراد بالاستمتاع هنا ما كان عن طريق النكاح، وليس المراد به المتعة المحرمة شرعًا. أما التعبير بالأجر: فإن المهر في النكاح يُسمَّى في اللغة أجرًا، لقوله تعالى: (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ) [النساء: 4/25] أي مهورهن، وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) [الأحزاب: 50] أي مهورهن.
وأما الأمر بإيتاء الأجر بعد الاستمتاع، والمهر يؤخذ قبل الاستمتاع، فهذا على طريقة في اللغة من تقديم وتأخير، والتقدير: فآتوهن أجورهن إذا استمتعتم بهن، أي إذا أردتم الاستمتاع بهن، مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) [الطلاق 65/1] أي إذا أردتم الطلاق، ومثل: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) [المائدة: 5/6] أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة.
وأما الإذن بالمتعة في السنة النبوية في بعض الغزوات، فكان للضرورة القاهرة في الحرب، وبسبب العُزْبة في حال السفر، ثم حرّمها الرسول ﷺ تحريماً أبديّاً إلى يوم القيامة، بدليل الأحاديث الكثيرة.
([1]) في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة في 10-14/3/1427هـ.
([2]) فتاوى اللجنة الدائمة ، الفتوى رقم:17030 ج 18 ص 446.
([3]) مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز 20/274.
([4]) مجلة البحوث الإسلامية العدد السادس الإصدار: من ربيع الثاني إلى جمادى الثانية لسنة 1402هـ..
([5]) في دورته الثامنة عشــرة المنعقــدة بمكة المكرمة في الفترة من 10-14/3/1427هـ..
([6]) موقع الدكتور وهبى الزحيلي على الإنترنت http://www.fikr.com/zuhayli/index.php.
• الخلاصة في فقه الأقليات 1-9 – (ج 1 ص 335).
• فتاوى اللجنة الدائمة.
• موقع الإسلام سؤال وجواب.
• قرارات المجمع الفقهي الإسلامي.
• موقع الدكتور وهبة الزحيلي http://www.fikr.com/zuhayli/index.php.