الذهاب للكوافيرة.
انتشر في الوقت الحاضر مشاغل نسائية متخصصة تقوم المرأة فيها بتزيين المرأة، وذلك بوضع الحناء والماكياج وتصفيف الشعر ونحو ذلك.
للفقهاء المعاصرين ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: المنع, وأفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء, والشيخ محمد بن عثيمين وآخرون, وقالوا :
لا يجوز للمرأة الخروج من بيتها لتذهب إلى محلات تصفيف الشعر وتزيينه؛ لما يترتب على ذلك من الفتنة وإبداء زينتها خارج بيتها، ولأنه بإمكانها عمل ما تحتاج إليه من التزين داخل بيتها.
وفي الذهاب إلى محلات الكوافير محاذير عديدة, منها:
أولا: ما تفعله الكوافيرات من التحلية بحلي الكفار في الشعر وغيره، ومن المعلوم أن ذلك محرم؛ لأنه من التشبه بهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
الثاني: أن عملهن كما ذكر السائل يكون فيه النمص، والنمص قد لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعله، فلعن النامصة والمتنمصة، [رواه البخاري (5931) ومسلم (2125)]. واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ولايرضى مؤمنٌ أو مؤمنة أن يفعل فعلاً يكون سببًا لطرده وإبعاده من رحمة الله عز وجل.
الثالث: أن في هذا إضاعة للمال دون فائدة، بل إضاعة مال كثير؛ لما فيه مضرة، فالمرأة المصفصفة للشعور المحولة لشعور المؤمنات إلى مثل شعور الكافرات أو الفاجرات تأخذ أموالاً كثيرة طائلة لا يجني منها ثمرة سوى التحول إلى موضات قد تكون مدمرة.
الرابع: أن في ذلك تنمية لأفكار النساء أن يتخذوا مثل هذه الحلي التي يتمتع بها نساء الكافرين حتى تميل المرأة بعد ذلك إلى ما هو أعظم من هذا الأمر من تحلل وفساد في الأخلاق.
الخامس: أن هذه الكوافيرات يفعلن بالنساء من هتك العورات ما لا حاجة إليه، فإن هذه الكوافيرة تمرّ ما يسمونه بالحلاوة على أفخاذ المرأة، وعلى ما حول قبلها حتى تطلع عليه بدون حاجة، وقد روى أبوسعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة)، [رواه مسلم (338)]، ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة إلا إذا كان هناك حاجة تدعو إلى النظر، وهذا ليس بحاجة.
الاتجاه الثاني: كراهة ذهاب المرأة إلى الكوافيرة, وبه قال بعض فقهاء العصر, وقالوا:
لأن في ذلك تكلفا, وإنفاقا للمال في غير سبيله، وينبغي للنساء أن يحرصن على أن تكون هذه الأمور تتولاها المرأة بنفسها، ولا ينبغي لها أن تذهب إلى هذه الأماكن، لمافيها من استغلال لأموالهن، وربما يقع محظور من التشبه بغير المسلمات والافتتان بما يعرض لها من منكرات، هذا إذا كان يتولى ذلك امرأة, أما إذا تولاها رجل فهذا لا شك في تحريمه، والواجب منع ذلك والتحذير منه .
الاتجاه الثالث: قال بعض الفقهاء المعاصرين: يجوز ذهاب المرأة إلى الكوافيرة بشرط الالتزام بالضوابط التالية:
- أن يكون ذلك بإذن زوجها، أو ولي أمرها, فإن لم يأذن لها فلا يجوز لها أن تذهب.
- ألا تحرج زوجها أو ولي أمرها إذا كان هذا الأمر يكلفه ما لا يطيق.
- ألا تتعرض للفتنة عند ذهابها إلى الكوافيرة.
- ألا تكون هناك فتنة عامة نتيجة لهذا.
- أن يكون المكان مأموناً بحيث لا يطلع عليها أحد من الأجانب
أو التصوير الخفي. - ألا تكون (الكوافيرة)، كافرة يهودية أو نصرانية، أو مرتدة، أو فاسقة، لا تخاف الله تعالى.
- أن يكون نوع الزينة مما يباح بأصل الشرع، أما غير هذا فلا يجوز مثل النامصة أو المغيرة لخلق الله تعالى.
- ألا تضيع واجباً من الواجبات، كأن تترك إحدى الصلوات، لأنها مشغولة مع الكوافيرة.
- ألا تخرج متعطرة، أو تعود وهي كذلك، كما لا يجوز لها في الحالتين أن تخرج متزينة.
- أن تذهب معها رفقة مأمونة ولا تذهب لوحدها.
- ألا تكشف من عورتها شيئاً أمام الأجنبية (الكوافيرة) وغيرها، إلا ما يظهر منها عادة بين النساء.
- لا يجوز أن تضع ثيابها، أو تغيرها عند الكوافيرة.
- ألا تتشبه في هذه الزينة بالرجال، كبعض قصات الشعر، أو بالكافرات كالموضات التي تظهر بين الفينة والأخرى من باب التقليد الأعمى.
فإذا كان بهذه الضوابط المذكورة لا تُكشف فيه العورات، ولا يطّلع عليها الرجال، ويكون للتزيين الظاهري؛ فلا بأس به.
1. أحكام شعر الإنسان, محمد العبدلي , ص(89 ـ 92).
2. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (17/227)، فتوى(20392).
3. فتاوى ورسائل الأفراح، للشيخ ابن عثيمين ص(27-36).
4. مجلة البحوث الإسلامية, العد (60), 110.
5. الموقع الرسمي للشيخ عبد الله ابن جبرين http://ibn-jebreen.com