قسم الأسرةباب النكاح

الدعوة إلى وليمة العرس عبر البطاقات

المسألة رقم 71

العناوين المرادفة

1. الدعوة إلى وليمة العرس عبر الرسائل الالكترونية.
2. الدعوة إلى وليمة العرس عبر وسائل الاتصال الحديثة.

صورة المسألة

تنوعت وسائل الدعوة للعرس، فهل تأخذ حكم الدعوة المباشرة؟

حكم المسألة

قبل الحديث عن الوسائل المعاصرة ومن أشهرها بطاقات الدعوة لابد من بيان حكم إجابة دعوة العرس.

للفقهاء قولان في المسألة:

القول الأول: وجوب إجابة دعوة العرس.

وبهذا قال عامة أهل العلم بل حُكي فيه الاتفاق([1]).

القول الثاني: عدم الوجوب.

وأصحاب هذا القول منهم من قال بأن الإجابة فرض كفاية وليست واجبة وجوباً عينياً، كما يقوله أصحاب القول الأول. وهذا وجه عند الشافعية([2]) وقول في مذهب الحنابلة([3]).ومنهم من يقول بالاستحباب فقط.

وهو قول لبعض الحنفية([4])، وقول عند الشافعية([5])، وقول في مذهب الحنابلة([6]) أخذ به شيخ الإسلام([7]).

 

أدلة القائلين بالوجوب:

[ 1 ] عن البراء بن عازب رَضِيَ الله عَنْهُ قال: ” أمرنا النبي ﷺ بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا: باتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس. ونهانا عن: آنية الفضة، وخاتم الذهب، والحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق ” متفق عليه: البخاري (1239)، مسلم (2066).

[ 2 ] عن أبي هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ” متفق عليه: البخاري (1240)، مسلم (2162).

[ 3 ] ولمسلم (2162): حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ” إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه “.

[ 4 ] عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: “إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ” متفق عليه: البخاري (5173)، مسلم (1429)، ولمسلم (1429): ” إلى وليمة عرسٍ فليجب “.

[ 5 ] عن أبي موسى رَضِيَ الله عَنْهُ عن النبي ﷺ قال: “فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض “.

[ 6 ] عن أبي هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ أن النبي ﷺ قال: “شر الطعام طعام الوليمة، يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ” أخرجه البخاري (5174).

 

دليل القائلين بعدم الوجوب:

يظهر أن أقوى أدلة عدم الوجوب هو عدم وجود الدليل الموجب، وحملهم ما جاء في الأدلة من الأمر بإجابة الدعوة على غير الوجوب.

فأما من قال بأنها فرض كفاية فمن أدلته:


[ 1 ] أن إجابة الدعوة إكرام ومودة فهي كرد السلام (أخرجه مسلم (1432) مرفوعاً، وأخرجه البخاري (5177)، وسلم في رواية أخرى (1432) من قول أبي هريرة رضي الله عنه)[8].

[ 2 ] أن المقصود من الدعوة إظهار النكاح والدعاء إلى وليمته، وذلك حاصل بحضور البعض([9]).

وأما من قال بالاستحباب فلم نقف لهم على دليل سوى ما يمكن الاستدلال لهم بحمل الأحاديث الواردة والتي سبقت على الاستحباب.

شروط وجوب إجابة الدعوة ([10]):

  • تعيين المدعو، فإن كانت الدعوة بغير تعيين فلا تجب.
  • خلو الدعوة من منكر إلا أن استطاع الإنكار.
  • عدم حضور من يتأذى بحضوره.
  • ألا يكون له عذر يمنع حضور الجماعة في المسجد كمرض أو خوفٍ على مال أو خوفٍ من عدو ونحو ذلك.
  • عدم اختصاص الدعوة بالأغنياء.
  • ألا يكون المقصود من الدعوة الخوف من المدعو أو الطمع فيه.
  • كون الداعي مسلماً.
  • كون الدعوة في يوم واحد فإن تكررت فالواجب هو إجابة الوليمة في اليوم الأول فقط.
  • ألا يعتذر المدعو ويُقبل اعتذاره.
  • ألا تكون الدعوة من أكثر من شخص في وقت واحد فإن حصل فالواجب إجابة الأسبق إذا تمت الشروط في حقه.

هذه أهم الشروط، وقد أطال بعضهم فيها وفصل كما في كشاف القناع([11]) وغيره.

إجابة الدعوة حين تكون عن طريق بطاقة الأفراح ونحوها من الوسائل المعاصرة:

قد تقدم في شروط الوجوب تعيين المدعو فإن لم يعينه الداعي بأن كانت الدعوة عامة فلا تجب الإجابة بل قال بعضهم: ولا تستحب ([12]).

وإذا نظرنا إلى الدعوة إلى العرس في هذا العصر فإن غالب حالاتها أن تكون عن طريق البطاقات التي تسمى بطاقات الأفراح أو بطاقات الدعوة.

فهل يكون حكم الإجابة فيها على الوجوب بناءً على أنها وسيلة للدعوة كالمشافهة في الماضي؟.

أو تكون على الاستحباب بناءً على أنها دعوة عامة؟

الذي يظهر لنا بعد التأمل أنه ينبغي التفريق بين حالين:

الحال الأولى: أن يغلب على ظن المدعو أن البطاقة التي وصلته هي دعوة خاصة له يقصده بها الداعي وقد تدل على ذلك قرائن منها:

  • أن يسلمه البطاقة بنفسه مع سابق الصلة بينهما.

وإنما قيّدت ذلك بسابق الصلة، لأنه قد يسلمه البطاقة بنفسه مجاملة لكونه أخاً لصديقه أو لكونه زميله في العمل دون صلة خاصة أو نحو ذلك مما يدل على أنه لا يقصده بعينه.

وهذا واقع في حال البطاقات أكثر منها في حال المشافهة، لأن البطاقة صارت سهلة التداول ويطبع منها المئات، فتجد الكثيرين يرون أنها من المجاملة حين يقدمونها لزملائهم في العمل مثلاً أو لأي شخص له أدنى صلة وإن لم يقصدوا حضورهم حقيقة.

  • أن يقترن بتسليمه البطاقة التأكيد على الدعوة، وهنا تكون الدعوة مشافهة ولكن لأن أصلها بالبطاقة نبهت عليها.
  • أن يقترن ببطاقة الزفاف بطاقة أخرى للدعوة بعد الزفاف كما يفعل كثيرون وتكون الدعوة الثانية للخاصة من المدعوين كما هو المعتاد فهذه قرينة على التخصيص وقصد التعيين.

الحال الثانية: أن يغلب على ظن المدعو أن الدعوة عامة أو أنه غير مقصود على وجه التعيين، كما إذا اقترن بذلك بعض الدلائل .

([1] ) انظر : المغني (10/193)، الإنصاف (8/318)، فتح الباري (9/242)، وانظر : للحنفية : الاختيار (4/176)، حاشية ابن عابدين (6/368)، وانظر للمالكية : الاستـذكار (16/351)، القوانين الفقهية ص (194)، الذخيرة (4/451)، شرح الخرشـي (3/302)، وللشافعية : روضة الطالبـين (5/647)، شرح المحلي (3/295)، وللحنابلـة : المغـني (10/193)، الإنصـاف (8/318)، كشاف القناع (5/166).

([2] ) روضة الطالبين (5/647)، شرح المحلي (3/295).

([3] ) الإنصاف (8/318).

([4] ) كما تقدم في الصفحة السابقة هامش (2).

([5] ) روضة الطالبين (5/647)، شرح المحلي (3/295).

([6] ) الإنصاف (8/318).

([7] ) الإنصـاف (8/318)، ولم يصرح في الفتاوى بعدم الوجوب (32/206).

  • المغني ( 10/ 193).

([9] ) شرح المحلي (3/295).

([10]) انظر: الذخيرة(4/452)، شرح الخرشي (3/302)، حاشية العدوي على شرح الخرشي (3/303)، روضة الطالبين (5/647)، شرح المحلي مع حاشية القليوبي (3/295)، المغني (10/194)، الإنصاف (8/318)، كشاف القناع (5/166)، فتح الباري (9/242).

([11] ) (5/166-168).

([12] ) انظر : روضة الطالبين (5/647).

المراجع

• اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية، من كتاب العارية إلى نهاية كتاب النكاح – دراسة مقارنة، أ.د فهد بن عبد الرحمن اليحيى.الناشر: دار كنوز إشبيليا.
• العرف حجيته وأثره في فقه المعاملات المالية عند الحنابلة، عادل بن عبد القادر قوته، رسالة الماجستير في الفقه وأصوله، جامعة أم القرى1415هـ
• أثر العرف في كتاب النكاح بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في الفقه المقارن، عبد الله بن عبد الرحمن الحمدان، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن، 1425 – 1426هـ.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى