الحديث بين الشباب والفتيات عن طريق الإنترنت
مسألة رقم 102
التواصل عبر غرف الشات.
يتم دخول الشباب والفتيات إلى غرف الدردشة الإلكترونية المعروفة بـ (الشات) عن طريق الكتابة والمراسلات دون سماع الصوت أو المشاهدة, وينتج عن ذلك تكوين صداقات فيما بينهم.
للفقهاء المعاصرين اتجاهان :
الاتجاه الأول: التحريم, وقال به بعض الفقهاء لما يأتي :
1- أن مراسلة الرجل امرأة أجنبية عنه؛ ذريعة إلى الفتنة, والإفضاء إلى الشر والفساد, وقد يظن المراسل أنه ليس هناك فتنة, ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها, ويغريها به.
2- أن فيه إثارة الشهوة بين الاثنين, مما يدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال, وكثيرًا ما تحدث تلك المراسلة فتنًا، وتغرس حب الزنى في القلب مما يوقع في الفواحش أو يسببها.
3- أن الشريعة جاءت بقواعد وكليّات تصلح لكل زمان ومكان, ومنها قاعدة سـدّ الذرائع، وقاعدة: درء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح، وما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم.
وفي ضوء هذه القواعد يعلم حُـكم المُحادثة بين الجنسين عبر برنامج
المحادثة (الماسنجر) ولو كان ذلك عن طريق الكتابة، ومثله غرف
الدردشة، وهو ما يُسمّى بـ “الشات” فيجب أن يُغلق الباب، وأن ذلك من باب سدّ الذرائع والوسائل التي تؤدي إلى ارتكاب ما حرّم الله.
ثم إذا تصوّر متصوّر، أو زيّن له الشيطان هذا العمل بحكم الصداقة أو التعارف بقصد الزواج، فهذه مصلحة موهومة مُتخَـيّـلة، ودرء ودفع المفاسد يُقدّم على جلب المصالح، ولذا حُرّمت الخمر مع ما فيها من منافع، إلا أن ما فيها من الإثم أكبر من منافعها، ولذلك قال سبحانه وتعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) الآية [البقرة: ٢١٩] وكذا الأمر بالنسبة للميسر.
وكم أدّت تلك المحادثات إلى الوقوع في الحرام، وأفضت إليه، وما أفضى إلى حرام فهو حرام.
الاتجاه الثاني: قال بعض الفقهاء المعاصرين: يجوز ذلك بالضوابط الآتية:
1/ أن يكون الحوار دائراً حول إظهار حق، أو إبطال باطل.
2/ أن يكون من باب تعليم العلم وتعلمه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [الأنبياء: 7].
3/ ألا يخرجا عن دائرة آداب الإسلام في استعمال الألفاظ واختيار التعابير غير المريبة أو المستكرهة الممقوتة كما هو شأن كثير من أهل الأهواء والشهوات.
4/ ألا يكون الحوار مضراً بالإسلام والمسلمين، بل عوناً لهم، ليتعلموا دينهم عن طريق القنوات الجديدة، فكما أن الكفار يصرفون أوقاتهم لنشر الباطل فإن المسلم يصرف كل جهوده في سبيل نشر الفضيلة والخير والصلاح.
5/ أن يكون بينهما ثقة بالنفس للوقوف عند ثبوت الحق لا يتجاوزه أحدهما انتصارا للنفس، فإن ذلك يؤدي إلى طمس الحقائق وركوب الهوى والعياذ بالله من شرور النفس الأمارة بالسوء.
6/ أن يكون الحوار عبر ساحات عامة يشارك فيها جمع من الناس، وليس حواراً خاصاً بين الرجل والمرأة لا يطلع عليه غيرهما، فإن هذا باب من أبواب الفتنة، فإذا توافر في الحوار هذه الأصول، وكان جارياً كما ذكر السائل من عدم الرؤية والخطاب المباشر، فلا حرج فيه، والأولى ترك ذلك وسد هذا الباب، لأنه قد يجر الإنسان إلى المحرم، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. والله أعلم.
1. فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/898).
2. فتاوى اللجنة الدائمة (17/67).
3. فتاوى المرأة المسلمة للشيخ ابن جبرين (2/579).
4. موقع الشبكة الإسلامية، فتوى (1759): http://www.islamweb.net