تختص بعض الجهات الحكومية بمخيمات خاصة في مشاعر الحج, وتقوم هذه الجهات بالإذن لبعض منسوبيها باستخدام هذه المخيمات, وتوفر لهم ما يحتاجونه من أكل وشرب وتنقلهم على نفقتها, فما حكم اختصاص تلك الجهات بهذه المخيمات؟ وما حكم حج منسوبي تلك الجهات وغيرهم على نفقتها؟
أما اختصاص تلك الجهات بهذه المخيمات فلا بأس به, لما يلي:
- أن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة كما نصت القواعد الشرعية([1]), فإذا روعيت المصلحة العامة جاز لولي الأمر تخصيص بعض الجهات بهذه المخيمات.
- أن منى مناخ من سبق كما جاء في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت: يا رسول الله ألا نبني لك بمنى بيتاً أو بناء يظلك من الشمس ؟ فقال: لا إنما هو مناخ من سبق إليه). [أبو داود (2019) وابن ماجه (3007) وابن خزيمة (4/284)].
وهذه الجهات سبقت إلى هذه الأمكنة فيحق لها الاستفادة منها:
- أن هذه الجهات تقدم خدمات أمنية وطبية ودعوية وإعلامية وخدمات أخرى للحجاج, ولذلك كان لابد من وجود مخيمات لمنسوبيها لأداء مهامهم على الوجه المطلوب.
أما من يحج مع هذه الجهات فإن حاله لا يخلو من إحدى الحالات الأربع التالية:
الأولى: من يحج مع هذه الجهات من موظفيها المكلفين بالعمل لخدمة الحجاج في ما يوكل إليهم من مهام, وهؤلاء يجوز حجهم إذا لم يترتب على ذلك الإخلال بعملهم, وأذنت لهم الجهات التي يعملون فيها.
الثانية: من يحج من موظفي تلك الجهات ممن يتم اختيارهم لأداء الحج بناء على معايير تحددها تلك الجهات؛ إما لكونهم لم يحجوا من قبل, أو لتميزهم في عملهم أو غير ذلك, وإذا قلنا باستحقاق تلك الجهات لهذه المخيمات فلها أن تأذن بالحج معها لمن ترى فيه تحقق مصلحة؛ لأن التصرف في المال العام ممن أذن له بالتصرف منوط بالمصلحة.
الثالثة: من يحج مع تلك الجهات من غير موظفيها, ولكن حاجة تلك الجهات لهم دعتها لاستضافتهم؛ إما لأنهم يقومون بجانب دعوي كطلاب العلم والدعاة, أو لأي مصلحة من مصالح تلك المخيمات, وهؤلاء كسابقيهم في جواز حجهم مع تلك المخيمات لتحقق المصلحة منهم.
الرابعة: من يحج مع هذه الجهات من موظفيها أو من غير موظفيها ولم يؤذن لهم بالحج مع هذه الجهات؛ وإنما لوجود من يعرفون في هذه المخيمات؛ فإنهم يتمكنون من الدخول والسكن, فهؤلاء إن كان المكان متسعاً وأذن لهم من إدارة المخيم؛ فإنه يجوز لهم أن يسكنوا مع تلك الجهات عندئذ. وهو قول الشيخ محمد بن عثيمين, ويستدل له بما ورد في الحديث السابق: ( لا إنما هو مناخ من سبق)، وحيث إن المكان ما زال متسعاً وسبقوا إليه فيحق لهم النزول فيه، أما الأكل والشرب فإن أذن لهم المسؤول عن المخيم جاز لهم ذلك ويكون بمنزلة الضيافة.
([1]) المنثور في القواعد للزركشي (1/309), الأحكام السلطانية للمارودي (1/212), الحاوي للمارودي (7/495), الكافي لابن قدامة (2/442).
1. فتاوى ابن عثيمين (24/75).
2. الفتاوى السعدية ص(167).