جرى العمل في بعض البلدان بما يعرف بنظام الكفالة الشخصية لمن يرغب في العمل، ويكون الكفيل غالبا أحد المواطنين، فهل يجوز للكفيل منع مكفوله من أداء فريضة الحج بناء على عقد العمل أو لا؟
– لا خلاف أن الموظف أو العامل إذا كان عقد عمله أو العرف الجاري يشير إلى أن فترة الحج إجازة رسمية أو أخذ فيها إجازة؛ فإنه يحق له أن يحج في هذه الحال بلا استئذان من مرجعه أو كفيله؛ وذلك لعدم التعارض بين عمله وأدائه الحج.
– لا خلاف أن المرجع أو الكفيل إذا أذن للموظف أو العامل بالحج في وقت العمل بأن حجه جائز؛ لأن عمله في تلك الفترة حقهما وقد تنازلا عنه.
– لا خلاف أن العمل إذا كان مطلوباً وقت الحج؛ ولا يمكن تركه لما يترتب عليه من الإضرار بالمصلحة العامة أو الإخلال بالأمن, أو الإضرار المحقق بمصلحة الكفيل؛ فإنه لا يجوز له الحج في هذه الحال؛ لأن دفع المفسدة المحققة مقدم على جلب المنفعة؛ ولأنه في حكم من لم يستطع فلا يجب عليه الحج.
– أما من لا يوجد ضرر من تركه العمل, ولم يأذن له مرجعه بالحج, فهل يجوز له الحج في هذه الحال أو لا؟
خلاف بين أهل العلم المعاصرين على اتجاهين:
الاتجاه الأول: أن حجه في هذه الحال جائز, ويقدم على إذن مرجعه. وهو الظاهر من كلام الشيخ محمد بن إبراهيم, وفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء. ومن أدلتهم:
الدليل الأول: قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [آل عمران: 97].
وما ورد من أحاديث تحذر من تأخير الحج للمستطيع, ومَن هذه حالته فإنه مستطيع فيجب عليه الحج.
الدليل الثاني: أن تعلق الحج في ذمته سابق لشغل ذمته بالعمل, وما كان له حق السبق يقدم.
الاتجاه الثاني: أن إذن المرجع أو الكفيل مقدم؛ فلا يجوز له الحج إلا بإذنهما. وهو قول الشيخ عبدالعزيز بن باز, والشيخ محمد بن عثيمين. وغيرهما، ومن أدلتهم:
الأول: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ) [المائدة: 1].
ومقتضى العقد أن لا يحج الموظف أو المكفول إلا بإذن مرجعه فوجب الوفاء به.
الدليل الثاني: أن حجه مع عدم إذن مرجعه فيه مخالفة لولي الأمر, والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء: 59].
1. فتاوى ابن باز (17/122).
2. فتاوى ابن عثيمين (12/56), و(21/56), و(24/42).
3. فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (5/189).
4. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/118).
5. مجلة البحوث الإسلامية (13/67).
6. النوازل في الحج للشلعان ص(73).