الاعتداء على الطرف الصناعي
مع تطور العلوم والأبحاث الطبية ظهرت في العصر الحاضر إمكانية الاستعاضة عن جملةٍ من الأعضاء الأصلية بأعضاء صناعية كالساق والقدم واليد والعين والسن، ونحوها، فإذا اتخذ إنسان مكان أحد أطرافه الأصلية طرفاً صناعياً , كأن يفقد ساقه أو ساعده فاتخذ ساقاً صناعياً أو يداً صناعية, أو ركب سنا صناعية أو شعراً صناعيا، فإن جنى شخص على هذا الطرف أو العضو الصناعي المتخذ فماذا يجب؟
يتعلق بهذه المسألة ثلاثة أحكام:
الحكم الأول: حكم القصاص.
لا قصاص في هذه الجناية وإن كانت عمداً لأن هذا الطرف الصناعي ليس جزءاً من بدن الإنسان، والقصاص إنما يكون في الجناية على النفس أو ما دونها من الأطراف الأصلية والجروح والشجاج ونحوها، واليد الصناعية خارجة عن ذلك كله، فلا يكون في الجناية عليها قصاص لذلك، ولكن يعزر الجاني إن كانت جنايته عمداً, بما يردعه عن الاعتداء على الغير.
الحكم الثاني: حكم الدية.
لا تجب الدية بقطع وإزالة ذلك الطرف الصناعي, لأنه ليس طرفاً أصلياً للمجني عليه ولا هو جزء من بدنه.
الحكم الثالث: حكم الحكومة.
أما بالنسبة لوجوب الحكومة على الجاني بإزالته وجنايته على هذه اليد الصناعية القائمة مقام العظم من ساعد وكف وغير ذلك, فقد اختلف الفقهاء فيها على قولين:
القول الأول: أن الحكومة واجبة على الجاني إذا أزال أو أتلف الطرف الصناعي القائم مقام عظم المجني عليه.
وهذا مقتضى قول بعض الشافعية، والمذهب عند الحنابلة.
ومن أدلة هذا القول: أن المجني عليه مباح له في الجملة اتخاذ هذا الطرف الصناعي لحاجته إليه, وقد حصل له باتخاذ هذا الطرف جمال ومنفعة وقد أزالها الجاني وأتلفها عليه فلزمته الحكومة لذلك.
ويكون تقدير الحكومة بأن يدفع الجاني تكاليف شراء وإعادة هذه اليد الصناعية على ما كانت عليه قبل الجناية.
وأما ما حصل للمجني عليه من ألم وضرر بدني إن وجد فيقدر بحسابه أيضا.
القول الثاني: أنه لا يجب على الجاني حكومة إذا جنى على يد صناعية قائمة مقام الساعد والكف ونحوهما فأتلفها.
وهذا مقتضى قول بعض الشافعية وهو الأظهر عندهم، ووجه عند الحنابلة.
ومن أدلة هذا القول: أن الحكومة إنما تجب عند الجناية على البدن، والجاني هنا لم يجن على بدن المجني عليه، بل أزال وأتلف ما ليس من بدنه، وهو اليد الصناعية، فلا يجب عليه شيء لذلك.
• أحكام التشوهات البدنية، إبراهيم الزبيدي(322، 325).
• أحكام المنفصل في الفقه الإسلامي (رسالة دكتوراه ـ قسم الفقه ـ كلية الشريعة)، د. أمل الصغير (373) فما بعدها.
• المصلحة التي يحميها القانون في جرائم الاعتداء على حق الإنسان في التكامل الجسدي. ص51.