العمليات التجميلية.
تطور الطب فانتقل من مرحلة الضروريات والحاجيات إلى مرحلة التحسينيات، فأصبح الإنسان بمقدوره – بإذن الله – عن طريق الطب أن يحسن بعض الشكل لديه.
تنقسم العمليات التجميليّة عند المتخصصين إلى نوعين([1]):
1) عمليات لابد من إجرائها، لوجود الداعي لذلك، إما لإزالة عيب يؤثر على الصحّة، أو على استفادته من العضو المعيب، أو لوجود تشوّه غير معتاد في خلقة الإنسان المعهودة.
ومن أمثلة هذه العمليات: العمليات التي تجرى لإزالة العيوب التالية:
- الشفة الأرنبيّة (الشق الشفي)، والشق الحلقي.
- التصاق أصابع اليد أو الرجل.
- انسداد فتحة الشرج.
- المبال التحتاني.
- إزالة الوشم والوحمات والندبات.
- إزالة شعر الشارب واللحية عند النساء.
- إعادة تشكيل الأذن.
- شفط الدهون إذا رافقها إصابة أو مرض يستدعيه.
- تصغير الثدي إذا رافقه مرض يستدعيه (كأمراض الظهر مثلاً).
- زراعة الثدي لمن استؤصل منها.
- تصحيح الحاجز الأنفي أو الأنف المصاب بتشوه.
- تشوه الجلد بسبب الحروق أو الآلات القاطعة أو الطلقات الناريّة.
- تصحيح كسور الوجه (بسبب الحوادث مثلاً).
وغيرها من أنواع العيوب التي يجمعها ويضبطها أن لها دافعًا صحيًّا، أو أنها لإصلاح تشوّه حادث أو عيب يخالف أصل خلقة الإنسان أو صورته المعهودة.
2) عمليات اختياريّة، لا داعي لإجرائها سوى رغبة المريض، فهي عمليات تهدف لتحسين المظهر ليس لوجود عيب أو تشوّه، وإنما تجديد الشباب وإزالة مظاهر الشيخوخة.
ومن أمثلة هذه العمليات:
- إزالة الشعر وزرعه.
- تقشير البشرة.
- شد الجبين ورفع الحاجبين.
- شد الوجه والرقبة.
- حقن الدهون.
- شفط الدهون.
- تجميل الأنف تصغيرًا أو تكبيرًا.
- تجميل الذقن.
- تجميل الثديين تكبيرًا أو تصغيرًا.
وغيرها من أنواع العمليات التي يجمعها أنها لا دافع لها سوى انزعاج المريض من مظهره ورغبته في إصلاحه إلى مستوى مقبول لديه.
العمليات التجميليّة منها لا بد من إجرائها، ومنها عمليات اختياريّة، فالعمليات التجميليّة التي لابد منها لتضمنها علاجًا لمرض ما، أو للحاجة إليها، فإنَّ الباحثين المعاصرين أجازوا إجراءها، ومنهم من قيدها بشروط تشمل كل أنواع العمليات الجراحيّة([2])
ويستدل على جوازها بأنّها نوع من التداوي، فهي إما علاج لمرض، أو إصلاح لعيب محسوس، والتداوي مشروع، كما أن هذه العمليات لا يقصد بها التجميل قصدًا أوليًا بل جاء التجميل تابعًا لإزالة الضرر ومعلوم أن التابع لا يفرد بحكم([3]) (ينظر للتفصيل: علاج التشوهات بالجراحة التجميلية)
وأما العمليات العبثيّة المشوهة للإنسان فهي ليست تجميلاً بل عبث وتشويه وحكمها التحريم، لما فيها من المثلة وطلب الشهرة.
وأمّا العمليات التجميليّة الاختيارية، والتي يطلق عليها: جراحة التجميل التحسينيّة فقد اختلف المعاصرون فيها على اتجاهين:
الاتجاه الأول: يرى المنع منها وتحريمها، لأنّ فيها تغييراً لخلق الله تعالى، ولأنه قد وردت نصوص تدل على منع الوشم والنمص والتفليج والوصل، وذلك لما فيها من التغيير طلبًا للتحسين وهذا المعنى موجود في هذه العمليات، ولما فيها من غش وتدليس وأضرار ومضاعفات لا تخفى([4]).
الاتجاه الثاني: يرى أن تبحث كل عملية تجميليّة لوحدها، فمن هذه العمليات ما دل الشرع على تحريمه والمنع منه، ومنه ما يمكن قياسه عليها، ومنها ما بحثه الفقهاء سابقًا أو يمكن تخريجه على أقوالهم، فلا تجعل العمليات من هذا النوع كلها في مرتبة واحدة([5]). وسبب ذلك أن الشرع مع نهيه عن الوشم والنمص والوصل جاء بالإذن بأنواع من الزينة والتحسين كصبغ الشعر مثلاً وهذا يدل على أن تعميم العلة بمنع التحسين غير مقبول، والعلّة متى فُقد اطرادها دَلّ على إبطال عليتّها([6])
وهناك ضوابط لابد من مراعاتها عند إجراء عملية التجميل منها:
الضابط الأول: ألا تكون العمليّة محل نهي شرعي خاص.
الضابط الثاني: ألاّ تكون العملية محل نهي شرعيًّ عام.
الضابط الثالث: أن تكون خاضعةً للتصوّر الإسلامي للجمال.
الضابط الرابع: أن يتحقق فيها ضوابط الأعمال الطبيّة عمومًا، وهي (مراعاة أحكام كشف العورة – ألاّ يترتب عليها ضرر أكبر – أن يكون الطبيب مؤهّلاً – أن يأذن بها المريض – أن يغلب على الظن نجاحها).
ولابد كذلك أن تخلو من المحاذير التالية:
أولاً: انتفاء القصد لتغيير ما خلق الله بلا ضرورة.
ثانيًا: انتفاء قصد الغش والتدليس والخداع.
ثالثًا: انتفاء قصد تشبه أحد الجنسين بالآخر.
رابعًا: انتفاء قصد التشبه بغير المسلمين.
خامسًا: إصلاح العيوب الخلقية.
سادسًا: تغليب المصلحة وأمن الضرر.
سابعًا: عدم استخدام النجاسات والمحرماًت في الجراحة.
وقد جاء في توصيات الندوة الثالثة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية سنة 1987م ما يلي:
الجراحات التي يكون الهدف منها: علاج المرض الخلقي والحادث بعد الولادة لإعادة شكل أو وظيفة العضو السوية المعهودة له جائزة شرعاً.
ويرى الأكثرية: أنه يعتبر في حكم هذا العلاج إصلاح عيب أو دمامة تسبب للشخص أذى عضويًا أو نفسيًا.
ولا تجوز الجراحات التي تخرج بالجسم أو العضو عن خلقته السوية، أو يقصد بها التنكر فرارًا من العدالة، أو للتدليس، أو لمجرد إتباع الهوى “.
([1]) انظر في تقسيم العمليات : نقل وزراعة الأعضاء الآدمية. عبد السلام السُّكري ص 23، أحكام الجراحة الطبية. محمد المختار الشنقيطي ص 183، الموسوعة الطبيّة الحديثة ( 3/455 )، فقه القضايا الطبيّة المعاصرة ص 530. وقد اخترت هذه التعبيرات لكي لا تتداخل مع التعبيرات الفقهيّة ذات المدلول الخاص.
([2]) أحكام الجراحة الطبيّة ص 173، نقل وزراعة الأعضاء ص 234، المسائل المستجدة د. محمد النتشة ( 2/260 ).
([3])انظر في هذه القاعدة : الأشباه والنظائر للسيوطي ص 130، ولابن نجيم ص 120، قواعد الزركشي ( 1/234 ).
([4]) أحكام الجراحة الطبيّة ص 183، نقل وزراعة الأعضاء ص 242.
([5]) أحكام جراحة التجميل د. محمد عثمان شبير ضمن دراسات فقهية في قضايا طبيّة معاصرة ( 2/524 )، فقه القضايا الطبيّة المعاصرة ص 532.
1. “فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء” (25/62).
2. الضوابط الشرعيّة للعمليات التجميليّة،ورقة علميّة مقدمة لندوة (العمليات التجميليّة بين الشرع والطب) أعدها د/ هاني بن عبد الله بن محمد الجبير.
3. الوجيز في أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، بقلم فهد بن عبد الله الحزمي.
4. أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي، المؤلف/ هشام بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، الناشر: مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1427هـ.
5. حكم التشريع وجراحة التجميل في الشريعة الإسلامية، د/ محمود السرطاوى، مجلة دراسات، العدد 3 لسنة 1984م.
6. الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة، المؤلف: صالح بن محمد الفوزان، الناشر: دار التدمرية، الرياض، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1428هـ.
7. أنواع وضوابط العمليات التجميلية (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: أحمد بن عائش المزيني، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
8. من الضوابط الشرعية للعمليات التجميلية، (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف/ إبراهيم محمد الميمن، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
9. طبيعة المسؤولية والتزام الطبيب في الجراحة التجميلية (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: محمد بن حسن آل الشيخ، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
10. العمليات التجميلية، (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: إبراهيم بن أحمد الشطيري، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
11. العمليات التجميلية، (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: صالح بن محمد الفوزان، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – السعودية، سنة الطبع: 1431هـ
12. الضوابط الشرعية للعمليات التجميلية (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: آمال يس عبدالمعطي بنداري، عميد كلية الدراسات الإسلامية بالقليوبية الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
13. الضوابط الشرعية للعمليات التجميلية، (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: مصلح بن عبدالحي النجار، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
14. الضوابط الشرعية للعمليات التجميلية، (السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني – قضايا طبية معاصرة) المؤلف: شريفة بنت علي الحوشاني، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – السعودية، سنة الطبع: 1431هـ.
15. القضايا الطبية من منظور الإسلام، عبد الفتاح محمود إدريس،مكتبة جامعة الأزهر، 1993م.
16. حكم جراحة التجميل في الفقه الإسلامي، د. حسن المرزوقى، بحث مقدم لمؤتمر “الطلب والقانون” الذي نظمته كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية في 3/5/1998م.
17. أحكام الجراحة الطبية، لمحمد محمد الشنقيطى، مكتبة الصحابة.
18. أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي، للدكتور محمد عثمان شبير، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت.
19. أثر قاعدتي ” المشقة تجلب التيسير” و” لا ضرر ولا ضرار” في المسائل الطبية المستجدة – إعداد د. محمد بن عبد العزيز بن سعد، بحوث ندوة ” تطبيق القواعد الفقهية على المسائل الطبية” والتي أقامتها إدارة التوعية الدينية بالشؤون الصحية بمنطقة الرياض.برعاية سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، الفترة من 5-7 محرم عام 1429هـ، الموافق 14-16 يناير 2008م، نسخة إلكترونية.
20. القواعد الفقهية المتعلقة بأحكام التداوي وتطبيقاتها الطبية المعاصرة، د/ أحمد بن محمد السراح، الأستاذ المشارك بقسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض” بحث مقدم لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني”
21. فقه القضايا الطبية المعاصرة ” دراسة فقهية طبية مقارنة “، أ.د./ علي محيي الدين القره داغي، أ.د./ علي يوسف المحمدي، دار البشائر الإسلامية – بيروت، الطبعة الثانية 1427هـ.
22. الندوة الثالثة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية عنوانهــا: بعض الممارسات الطبية، الكويت ـ شعبان 1407 هـ أبريل 1987 م.
23. الجراحة التجميلية، د/ صالح بن محمد الفوزان، الناشر: دار التدمرية.