قسم المعاملات الماليةباب الشيكات

التكييف الفقهي للشيك

مسألة رقم 110

حكم المسألة

أولًا: تعريف الشيك:

اختلفت آراء الفقهاء المعاصرين في تعريف الشيك إلى عدة تعاريف, ولعل من أجودها القول: إن الشيك هو: عبارة عن صك محرر , قابل للتداول, وفق شكل قانوني معين, يتضمن أمرًا من الساحب إلى البنك بدفع مبلغ معين من النقود لحامله بمجرد الاطلاع.

 

ثانيًا: التكييف الفقهي للشيك:

تصدر البنوك اليوم دفاتر شيكات مطبوعة ومروّسة باسمها, ومطبوع على صدرها اسم الساحب, (مصدر الشيك, أو صاحب الحساب البنكي), وكل ورقة فيها مستكملة للشروط القانونية التي تجعل منها قيمة مالية محددة .

فإذا أراد شخص ما أن يفي بالتزاماته, فإنه بدلا من الدفع النقدي, وتحمل ما يرافقه من صعوبات, أو أخطار, أو نقل أموال من مكان إلى آخر, يقوم بتحرير شيك يعطيه, أو يرسله لصاحب الحق, أو من له عليه التزام مالي معين, وبهذا العمل يكون قد وفّى بما عليه من دين, أو حقوق مالية.

ويمثل الشيك محورًا في معاملة ثنائية بين طرفين مركزيين, فهي من طرف معاملة بين الساحب, وبين المستفيد (من حرر الشيك من أجله, أو صاحب الحق), يكون فيها الساحب مدينا للمستفيد, ومن طرف آخر, معاملة بين الساحب وبين البنك, يكون فيها البنك مدينا للساحب, وعندما يحرر الساحب شيكا للمستفيد يكون بذلك قد حول المستفيد إلى البنك المدين له بالدين الذي عليه على سبيل عقد الحوالة.

 

وعرف الفقهاء عقد الحوالة بأنه: نقل الدين من ذمة إلى ذمة أخرى.

وبهذا يتوافق إصدار الشيك للمستفيد مع مضمون عقد الحوالة في تحويل الحق من ذمة إلى أخرى, وهي هنا البنك المدين للساحب , والله أعلم.

وقد ندب النبي ﷺ إلى قبول الحوالة على مليء بقوله: (مطل الغني ظلم, فإذا اتبع أحدكم إلى ملئ فليتبع).

وقد ذهب إلى تخريج الشيك على عقد الحوالة من الباحثين المعاصرين كل من: الدكتور سعد بن تركي الخثلان, ومحمد بن بلعيد البوطيبي, وعيسى عبده.

فعند الرجوع إلى مصدر الشيك في حال رفض البنك أداء مبالغ الحوالة لأي سبب من الأسباب, على خلاف المعمول به في الشيك اليوم, من أن المستفيد يرجع بالشيك إذا لم يصرف إلى مصدره, وأنه يعد ضامنًا لقيمته حتى يتم سداده , وبهذا يتعارض الشيك مع الحوالة في هذه المسألة.

فمن حيث قبول المحيل له بالرفض والقبول فإن الفقهاء لم يتفقوا على براءة ذمة المحيل من الحوالة إن كانت على ملي , فقد ذهب إلى عدم براءة ذمة المحيل محمد بن الحسن الشيباني, إلا من المطالبة, وبقائها مشغولة بالدين, وكذلك زفر بن الهذيل الذي أبقى ذمة المحيل مشغولة بالمطالبة أيضًا مع انشغالها بالدين.

فالحنفية عموما عندهم تبرأ ذمة المحيل من الدين والمطالبة بالقبول, ولا يرجع المحال على المحيل إلا أن يتوى, والتوى عند أبي حنيفة: أن يجحد المحال عليه الحوالة, أو يموت أو يفلس.

وإلى هذا القول ذهب الشافعية مع إسقاط حق المحال في الرجوع إلى المحيل من غير بينة, إن كان المحيل عليه مفلسًا أو جحد الحق أو مات.

 

ويرى المالكية ألا رجوع للمحال إلى المحيل إلا إذا غرر به, فأحاله على مفلس وهو يعلم أو أفلس المحال عليه أو مات.

 

أما الحنابلة فلهم عدة أقوال :

1/ أن المحيل يبرأ بمجرد إتمام الحوالة, ولو أفلس المحال عليه, أو مات , ولا رجوع على المحيل, على الصحيح من المذهب.

2/ لا يبرأ المحيل من الدين إلا برضا المحتال , ولكن يبرأ من المطالبة بمجرد الحوالة.

3/ لا يبرأ مطلقًا وهو ظاهر كلام الخرقي.

المراجع

1/ أحكام الأوراق التجارية,رسالة دكتوراة، الدكتور سعد بن تركي الخثلان، دار ابن الجوزي (135) .
2/ الأوراق التجارية المعاصرة, محمد بن بلعيد البوطيبي (78).
العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية المعاصرة, عيسى عبده (257).
3/ أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه الإسلامي, رسالة ماجستير، ستر بن ثواب الجعيد, كلية الشريعة والدراسات الإسلامية , جامعة أم القرى.
4/ أحكام الشيك, دراسة فقهية تأصيلية مقارنة بالقانون, رسالة ماجستير، عيسى محمود عيسى العواوده, جامعة القدس (1432).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى