قسم المعاملات الماليةباب الربا

التعامل مع صاحب المال المشبوه

مسألة رقم 96

العناوين المرادفة

التبايع مع المرابي.

صورة المسألة

أن يقوم شخص بعقد صفقة بيع مع شخص, يشك أن في ماله شبهة, أي: اكتسبه من طريق حرام, أو غير ذلك من المعاملات المالية.

حكم المسألة

اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة على قولين:

القول الأول: جواز ذلك، مستدلين بأن النبي ﷺ أجاب دعوة يهودي, وأكل من طعامه، فعن أنس رضي الله عنه (أن يهوديا دعا النبي ﷺ إلى خبز شعير وإهالة سنخة, فأجابه). [أخرجه أحمد (3/210) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (رقم 2494) وصححه محققها الدكتور عبدالملك بن دهيش]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (اشترى رسول الله ﷺ من يهودي طعامًا بنسيئة, ورهنه درعه). [أخرجه البخاري (رقم 1990) ومسلم (رقم 1603)]، واليهود وصفهم الله بأنهم أكّالون للسحت.

القول الثاني: كراهة ذلك، ذهب له الإمام الشافعي والإمام أحمد, وذلك اتقاءً للشبهة, لأمر النبي ﷺ في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه المتفق على صحته، قال: (إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات, لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام: كالراعي حول الحمى, يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، وحمى الله محارمه) [البخاري (52) ومسلم (1599)]، هذا لفظ رواية مسلم، وفي لفظ للبخاري: (فمن ترك ما شُبه عليه كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من المأثم أوشك أن يواقع ما استبان) [البخاري (1]946).

ولقوله ﷺ : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) [أخرجه الضياء في الأحاديث المختارة (رقم 2748) والحاكم (رقم 166), (رقم 2170) وابن حبان (رقم 722) وابن خزيمة (رقم 2348) والنسائي في الكبرى (رقم 5220) والترمذي (رقم 2518) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الترمذي].

 

القرارات والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية:

1/ فتوى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالإمارات.

سئلت الهيئة عن موضوع التعامل مع صاحب المال المشبوه ([1]).

فأجابت بما نصه:

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..

فلا بأس بالتعامل مع قريبك هذا, بشرط أن تتجنب معه الوقوع في الربا، كأن تقوم معه بشركة مباحة، وتستفيد من خبرته, ويستفيد من المال الذي بحوزتك، فالعلماء ذكروا أنه يجوز التعامل مع المرابي أو صاحب المال المشبوه في غير الربا: كشراء سلعة منه مثلا، ومشاركته في غير نشاطه الربوي، إذا كان أكثر ماله حلالا، ومجرد قرض ربوي واحد لا يجعل المال كله محرما، قال العلامة ابن الحاجب رحمه الله تعالى: (وإذا اكتسب مالًا عن ربا أو غلول أو غصب أو خمر, وكان الغالب على ماله الحلال, فالمشهور جواز معاملته واستقراضه, وقبض الدين منه, وقبول هديته وهبته, وأكل طعامه)، بالإضافة إلى أن تعاملك معه بالحلال يمكن أن يكون سببا في توبته، وإقلاعه عن التعامل بالحرام، والله أعلم.

 

2/فتاوى سماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله-

سئل سماحة الشيخ رحمه الله عن موضوع التعامل مع صاحب المال المشبوه([2]).

فأجاب رحمه الله:

الحمد لله, لا ينبغي لك يا أخي أن تقترض من هذا, أو أن تتعامل معه, ما دامت معاملاته بالحرام, ومعروف بالمعاملات المحرمة الربوية أو غيرها, فليس لك أن تعامله, ولا أن تقترض منه، بل يجب عليك التنزُّه عن ذلك, والبعد عنه.

لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام , يعني معاملته مخلوطة فيها الطيب والخبيث, فلا بأس, لكن تركه أفضل؛ لقوله ﷺ : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )، ولقوله ﷺ : (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) متفق عليه. ولقوله ﷺ: (الإثم ما حاك في نفسك, وكرهت أن يطلع عليه الناس) [مسلم (رقم 2553) ].

فالمؤمن يبتعد عن المشتبهات, فإذا علمت أن كل معاملاته محرمة, وأنه يتجر في الحرام, فمثل هذا لا يعامل ولا يقترض منه ” انتهى.


[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (11777) .

[2]) ينظر : نص السؤال في مجموع فتاوى ابن باز (19/286) .

المراجع

1/ الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف (الإمارات) , فتوى رقم (11777).
2/ فتاوى ابن باز – رحمه الله-, مجموع فتاوى ابن باز (19/286).
3/ كتاب أحكام المال الحرام للدكتور عباس أحمد الباز.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى