قسم الفقه الطّبيباب التداوي

التداوي بالمخدرات

المسألة رقم 57

العناوين المرادفة

العلاج المشتمل على مواد مخدرة.

صورة المسألة

المخدرات: مواد نباتية أو كيماوية لها تأثيرها الفعلي والبدني على من يتعاطاها، فتصيب جسمه بالفتور والخمول وتشل نشاطه، وتغطي عقله كما يغطيه المسكر، وإن كانت لا تحدث الشدة المطربة التي هي من خصائص المسكر المائع([1]).

وفي الاصطلاح الطبي:المخدر: كل مادة تذهب الحس([2]).

وقال بعضهم: المخدر: كل مادة خام أو مستحضر يحتوي على عناصر مسكنة أو منبهة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية المخصصة لها وبقدر الحاجة إليها دون مشورة طبية أن تؤدي إلى حالة من التعود والإدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع.

وتعرف المخدرات علميًا: بأنها مادة كيميائية تسبب النعاس أو النوم وغياب الوعي المصحوب بتسكين الألم([3]).

أنواع المخدرات:

يمكن تصنيف المخدرات باعتبار طبيعتها إلى ما يلي:

  1. مواد مخدرة طبيعية: وهي من أصل نباتي مثل الحشيش والأفيون والكوكا والقات.
  2. مواد مخدرة تصنيعية: وهي التي تستخلص من المواد المخدرة الطبيعية وتجرى عليها عمليات كيميائية لتصبح في صورة أخرى أشد تركيزًا وأثرًا مثل: المورفين والهروين والكوكايين وغيرها.
  3. مواد مخدرة تخليقية: وهي عقاقير من مواد كيميائية لها نفس تأثير المواد المخدرة الطبيعية والتصنيعية، وتصنع على شكل كبسولات أو حبوب أو أقراص أو حقن وأشربة ومساحيق، ومنها ما هو منوم مثل كبسولات السيكنال، أو منبه مثل حبوب الكبتاجون، أو مهدئ مثل الفاليوم، ومنها ما هو مهلوس مثل عقار (إل. إس. دي).

 

ويمكن تصنيفها على أساس خطورتها، وهي بهذا الاعتبار على نوعين:

1-المخدرات الكبرى وهي التي لها خطورة كبيرة على متعاطيها عند استخدامها والإدمان عليها مثل: الأفيون، المورفين، الكوكايين ونحوها.

2-المخدرات الصغرى وهي التي خطورتها أقل من سابقتها، وتمثل جانبًا كبيرًا من العقاقير المستخدمة كعلاج طبي، وإن كانت تسبب التعود والإدمان والأضرار الجسمية لمتعاطيها.

أما تصنيفها على أساس الأضرار الناجمة عنها صحيًا ونفسيًا فهي بهذا الاعتبار على أنواع:

أ – المواد المهبطة وتشمل:

1- المورفين، الهيروين، ونحوها، حقنا واستنشاقا.

2-المسكنات المخدرة كالأفيون.

3-المنومات والمهدئات.

4-المذيبات الطيارة كالغراء ونحوه.

ب) المنشطات: كالكوكا والكوكايين، وغيرها.

ج) المهلوسات:وتشمل الميسكالين، والقنب الهندي..وغيرها

د) الحشيش: ويضم الأوراق المزهرة والقمم النامية وحشيش كاراس..وغيرها

هـ) القات.

و) التبغ.

حكم المسألة

في هذه المسألة خمسة اتجاهات لأهل العلم:

الاتجاه الأول: بنى بعض الفقهاء حكم استخدام المخدرات في الدواء على مسألة كونها مسكرة أم لا، فمن رأى أنها مسكرة لم يبح التداوي بها مهما كانت ضآلة القدر المستعمل في ذلك، وذلك للأحاديث الكثيرة الواردة في عدم جواز التداوي بالخمر، وأنها داء لا دواء.

الاتجاه الثاني: رأى بعضهم أن الحرمة إنما هي لضررها أو لإفسادها العقل فإنه يبيح القدر اليسير منها إذا كان بقصد التداوي؛وذلك لانتفاء علة الحرمة وهي الضرر والإفساد، وذلك قياسًا على حرمة الميتة، فإنها تنتفي عن المضطر لقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )سورة الأنعام الآية 145.

الاتجاه الثالث:من الفقهاء من يرى جواز التداوي بالمواد المخدرة مثل الأفيون والبنج وجوزة الطيب وما جرى مجراها من الأدوية بشرطين:

1-أن تدعو الحاجة إلى التداوي بها ولم يكن منها بد.

2-أن لا يوجد ما يقوم مقامها.

ومما يستدل به لهذين الاتجاهين:

  • أنه لا يتناوله قوله ﷺ عن الخمر: «إنها ليست بدواء» أخرجه الترمذي (ح 2046)،وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

بل هو خاضع للتجربة في كونه يفيد في الدواء أو لا، وقد دلت التجارب على نفع كثير منه في مجال الدواء بالقدر الذي يحدده أهل الخبرة.

  • أن القدر المستخدم في الدواء لا يسبب الإدمان إذا استخدم على وجهه.
  • أن الضرورة تبيح تناول المحرم الذي يدفع عن المكلف ضررًا يهدد حياته فيجوز استخدام القليل من المخدر في مجال الدواء من هذا الباب.

الاتجاه الرابع: يرى أصحابه أن المواد المخدرة إن استحالت في الدواء جاز استخدامه؛ لأن للاستحالة أثرًا في الدواء فهي تقلب النجس طاهرا أو المحرم مباحًا، وإن لم تستحل المواد المخدرة في الدواء جاز استخدامه بالضوابط السابقة، كما تقدم..

ومنهم من يرى أن الاستحالة لا أثر لها على إباحة الدواء وأنه لا يجوز استخدامه إلا بالضوابط السابقة.

الاتجاه الخامس: أن الأدوية المستحضرة من المخدرات لا تخلو من حالتين:

الأولى: أن تكون مشتقة من مخدر زالت منه المادة المخدرة، فإن كان زوالها بنفسها فحكمها حكم الأدوية المباحة، وإن كانت بفعل آدمي فحكمها حكم ما استحال بفعل آدمي،ويجري فيه الخلاف في تخليل الخمر.

الثانية: أن تكون مشتقة من مخدر لم تذهب منه المادة المخدرة فإن كانت مخدرًا خالصًا فحكمها عند من يرى أن المخدرات من المسكرات حكم الأدوية من الخمر الخالصة، وإن كانت من مخدرات مضافة إلى غيرها فإن زال أثر المخدر منها فحكمها حكم ما استحال من المسكرات بفعل آدمي عند من يرى أنها من المسكرات وإن كان أثرها باقيًا فحكمها حكم الأدوية من الخمر الخالصة عند من يرى أن المخدرات من المسكرات.


([1]) المخدرات والعقاقير النفسية، د. صالح السدلان، بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد 30

([2]) الموسوعة الطبية الفقهية، د. أحمد محمد كنعان، مادة (مخدر) ص 841، دار النفائس، بيروت

([3]) المخدرات والعقاقير النفسية، د. صالح السدلان، بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد 30.

المراجع

1. المخدرات والعقاقير النفسية، د. صالح بن غانم السدلان، مجلة البحوث الإسلامية العدد (32).
2. التداوي بالمحرمات،د. ابتسام المطرفي، السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني. قضايا طبية معاصرة،جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.
3. أحكام الأدوية في الشريعة الإسلامية،د. حسن بن أحمد بن حسن الفكي،ط.1، 1425، مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع، الرياض.
4. أحكام التداوي بالمحرمات، بحث فقهي مقارن،د. عبدالفتاح محمود إدريس، ط.1، 1414.
5. التداوي بالمحرمات،د. الوليد بن عبدالرحمن آل فريان، السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني،جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.
6. فتاوى الأزهر في موقع وزارة الأوقاف المصرية،10/3507 مسألة رقم 1289، فتوى للشيخ جاد الحق مفتي مصر سابقًا، على الرابط التالي http://www.islamic-council.com
7. التداوي بالوسائل الطبية المعاصرة،د. منال سليم رويفد الصاعدي، السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني قضايا طبية معاصرة،جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض.
8. الخمر بين الطب والفقه، د. محمد علي البار، دار الشروق، جدة.
9. التداوي بالمحرمات،د. شريفة بنت سالم بن علي آل سعيد، ضمن بحوث السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني، قضايا طبية معاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض.
10. التداوي بالمحرمات، د. محمد بن سعود الخميس، ضمن السجل العلمي لمؤتمر الفقه الإسلامي الثاني، قضايا طبية معاصرة. جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض.
11. قرارات المجمع الفقهي التاسع لمنظمة االمؤتمر الإسلامي قرار رقم 23 (11/3)، ومجلة المجمع العدد الثالث ج2/1087، والعدد الثاني ج1/199.
12. توصيات الندوة الطبية الثامنة المنعقدة بالكويت في الفترة من 22-24/5/1995م، وذلك في موقع المنظمة على الرابط التالي:
http://www.islamset.com/arabic.

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى