رمي المخلفات الطبية
النفايات: من نفي الشيء ينفي نفيًا، يقال: نفي الشيء نفيًا:نحاه وأبعده، والنُفاية بالضم: ما نفيته من الشيء لرداءته( 1 ).
والمقصود بكونها طبية: أنها تنتج عن العمل الطبي خاصة، سواء أكان ذلك داخل المؤسسات الطبية أم خارجها.
ويقصد بالنفايات الطبية: أية مخلفات تنتج عن مؤسسة معالجة طبية، ويشمل ذلك المستشفيات والمختبرات الطبية والعيادات الصحية وغيرها( 2 ).
أقسام نفايات المنشآت الصحية:
تنقسم نفايات المنشآت الصحية إلى قسمين:
القسم الأول:نفايات غير خطرة: وهي مواد النفايات المكونة من الأنواع المختلفة العادية، ولا تشكل خطرًا بيولوجيًا أو إشعاعيًا، كالنفايات الناتجة عن المطابخ وأماكن تحضير الطعام، وهذه لا تشكل خطرًا على الإنسان والبيئة، وكذلك النفايات المكتبية والمنزلية الأخرى كالأخشاب والبلاستيك والمعادن والمفارش للمرضى بأمراض اعتيادية غير معدية، وهذه النفايات يمكن التعامل معها كالتعامل مع النفايات المنزلية، ويتم تصريفها في مكبات النفايات العامة، وتمثل النفايات غير الخطرة نسبة 75-90%.
القسم الثاني: نفايات خطرة: وهي النفايات الناتجة عن الأنشطة الطبية، والتي بسبب كميتها أو تركيزها، أو خصائصها الكيميائية أو الفيزيائية أو الحيوية تشكل خطرًا على صحة الإنسان، وسلامة بيئته، من خلال التداول، والتخزين والنقل، والمعالجة، والطرح التلقائي.
ويراد بالنفايات الخطرة في المجال الطبي: تلك النفايات التي تأتي نتيجة المواد التي يحتمل أنها ملوثة بالعدوى أو المواد الكيميائية أو البيولوجية، مما يؤثر على البيئة بما فيها الكائن الحي، وتمثل هذه النفايات نسبة 10-25% من نفايات المؤسسات الصحية( ).
أصناف النفايات الطبية الخطرة تتمثل في الآتي:
1- النفايات المعدية: وهي النفايات التي يحتمل أن تنقل الأمراض المعدية؛ لاشتمالها على البكتريا أو الفيروسات أو الفطريات وغيرها، والتي يكون مصدرها الجسم المصاب، وكذلك الأدوات التي تستخدم بها أو لامستها.
2- النفايات الكيميائية: سواء كانت صلبة أو سائلة أو غازية، والتي تنتج عن إجراءات التشخيص والتجارب المخبرية وعمليات التطهير، وسواء كانت هذه المادة الكيمائية آكلة، أو متفاعلة، أو قابلة للاشتعال أو سامة.
3- النفايات الحادة: وهي ذات الحواف الصلبة والحادة كالإبر، والمشارط والشفرات والمناشير وغيرها.
4- نفايات الأدوية الكيميائية المسببة للتغيرات الجينية: وتشمل بقايا العقاقير المستخدمة لعلاج السرطان عند تحضيره أو إعطائه، أو الأدوية المنتهية الصلاحية، أو القفازات والملابس، أو إفرازات المريض وغيرها.
5- نفايات المعادن الثقيلة: وتتمثل تلك النفايات في المواد والأجهزة التي تدخل في تصنيعها المعادن أو إحدى مشتقاتها كالبطاريات، وأجهزة قياس درجات الحرارة الزئبقية، وأجهزة قياس ضغط الدم.
6- نفايات مشعة: وهي تشمل على بقايا غرف الأشعة، والمختبرات المتخصصة والمحاليل المشعة، المستخدمة في التحاليل الطبية في الأشعة السينية، كبقايا السوائل التي تستخدم للبحث العلمي أو العلاج الإشعاعي.
7- نفايات حاويات الغازات المضغوطة: وتكمن خطورتها في تعرضها للحرارة أو الصدمة الشديدة التي قد تؤدي لانفجارها، فيتسبب ذلك في إحداث حريق أو تلويث الهواء المحيط( ).
الأضرار الصحية والبيئية الناتجة عن النفايات الطبية:
أولاً: الأضرار الصحية:
إن الأضرار الصحية للنفايات الطبية تختلف بإختلاف أنواع تلك النفايات، فالنفايات المعدية والحادة تحتوي على كميات كبيرة متنوعة ومختلفة من ميكروبات المرض كالالتهابات المعوية، وميكروبات الجلد والسل، والتهاب السحايا وبكتريا الجهاز التناسلي وغيرها، وتعتبر النفايات الحادة، مثل إبر الحقن والمشاريط والأمواس من أخطر تلك المخلفات للجسم وأكثرها تسببًا في إحداث العدوى، ويرجع ذلك لسهولة دخول الميكروب للجسم عبر الوخز أو القطع إلى مجرى الدم مباشرة.
أما النفايات الكيميائية والصيدلانية والنفايات السامة والمؤثرة على الجينات والتي تستعمل في المؤسسات الصحية، فتعتبر من ضمن مصادر الضرر للعاملين والعاملات، عند تحضيرها أو إعطائها للمرضى، وكذلك النفايات الطبية المشعة، وعليه فإن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأضرار الصحية من جراء النفايات الخطرة هم المحيطون بها، كالأطباء والممرضات والعاملين في المستشفيات، ثم المرضى ثم الزوار، ثم العاملون في المغسلة وفي عملية الجمع والنقل والتخلص من النفايات بالمؤسسات الطبية وخارجها.
ثانيًا: الأضرار البيئية:
نظرًا لأهمية البيئة فإن المخلفات الطبية تحدث تغيرًا في خواص البيئة، مما قد يؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى الإضرار بالكائنات الحية أو المنشآت.
المبادئ العامة التي يجب مراعاتها عند التعامل مع النفايات الطبية الخطرة:
1- لابد أن يكون لكل مستشفى خطة واضحة للتخلص من النفايات.
2- توضيح الأدوار والمسؤوليات الملقاة على عاتق فريق العمل في التعامل مع المخلفات.
3- التخلص من جميع الأدوات الحادة التي سبق استخدامها.
4- مراعاة أسباب الصحة والسلامة المهنية للعاملين من إرتداء الملابس وغيرها.
ويمكن التخلص من النفايات الطبية وفق الآتي:
1- الحرق أو التدمير.
2- الردم أو الدفن.
3- أنظمة التعقيم الحراري أو التعقيم البخاري.
4- أنظمة المعالجة بالميكروويف أو المعالجة الكيميائية أو بالأشعة( ).
إن المحافظة على البيئة أمر تقره الشريعة الاسلامية، وذلك دفعًا للضرر وحفاظًا على الصحة العامة، ورعاية لمصالح الخلق. وقد دلت الأدلة على تحريم وتجريم التلويث للبيئة بالنفايات الطبية الخطرة، ومن الأدلة على ذلك ما يلي:
1-قول الله تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) [ الأعراف:56]
2- وقوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (سورة البقرة:11)
3-وقوله تعالى: (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11 ) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ )(سورة الفجر: 10-12).
ولا ريب أن وضع النفايات في غير موضعها من الإفساد.
4- تحريم الاعتداء والتطاول من الإنسان على نفسه أو على غيره كما قال الله تعالى: ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ) جزء من الآية 195 من سورة البقرة، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (سورة المائدة: 87).
5-الإنسان يحتاج إلى الأمن البيئي كما يحتاج إلى الأمن الديني والنفسي، وكل تصرف سلبي في البيئة يؤثر سلبا على صحة الإنسان فهو غير مقبول شرعا.
6-دلت القواعد الفقهية المستندة إلى الأدلة الشرعية على تحريم الإضرار بالبيئة، ومنها قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، وقاعدة (الضرر يزال قدر الإمكان).
وبناء على ما سبق فإن جريمة إلقاء النفايات الطبية الخطرة بطريقة لا يقرها النظام، يمكن وصفها فقهيًا بأنها من الإفساد في الأرض.
وبهذا يتبين أن ما ينتج من المخلفات الطبية الخطرة لها أثرها المدمر على النظام البيئي، ومن الواجب على الأشخاص الحقيقيين والمعنويين الحرص على ألا يترتب على أعمالهم التطويرية وأنشطتهم الإنتاجية في المجال الطبي والصناعي (صناعة الأدوية والعقارات) إضرار بالبيئة، وذلك عن طريق اتباع البرامج المعدة للتخلص منها، وإلا فهم مسؤولون عن جريمة تلويث البيئة بالنفايات الخطرة، سواء كانوا أفرادًا أو جماعاتٍ، فلابد من التخلص من هذه النفايات وفق الأنظمة المقررة من قبل وزارة الصحة، والرئاسة العامة لحفظ البيئة.
وعلى ولي الأمر أو الحاكم أو من يقوم مقامه من الجهات الرقابية مسؤولية المتابعة، على اعتبار أن من واجباته المحافظة على التوازن البيئي، وعدم السماح لأحد بالعبث بالموارد الطبيعية.
وجريمة تلويث البيئة بالنفايات الخطرة، طبية كانت أو غيرها، جرائم لها خصوصيتها بحيث لا يمكن إخضاعها للأوضاع العادية، ولا يمكن إدراجها ضمن الجرائم التقليدية، فالعقوبات التي يمكن أن يفرضها ولي الأمر على الساعين في تلويث البيئة وإفسادها بالنفايات الخطرة، وإن لم تحدث ضررًا مباشرًا: عقوبات تعزيزية، تتدرج من التوبيخ، إلى السجن والغرامات المالية، إلى القتل؛ وذلك لكون هذا النوع من الجرائم لا عقوبة فيه مقدرة شرعًا.
كما يمكن تطبيق حد الحرابة في الجرائم الجسيمة منها، على اعتبار أن التعرض لأمن الأفراد في أنفسهم وذرياتهم، وإخافتهم بقطع الطريق عليهم، واستنزاف أموالهم هو صورة مباشرة من صور التعرض للأمن البيئي العام والبعيد المدى، ويلحق به ما كان مثله أو أعظم ضررًا وأوسع، كما أنه يتعلق بذلك بعض الأحكام الشرعية منوجوب الضمان أو عدمه على المتسبب لحصول الضرر للغير بسبب مخالفة أنظمة البلاد.
([1]) لسان العرب، مادة (نفى) دار صادر – بيروت، مختار الصحاح، مادة(نفى) دار الفكر -بيروت، المعجم الوسيط، مادة (نفي) المكتبة الإسلامية – تركيا.
([1])النوازل في الجرائم الطبية والمسؤولية الجنائية المترتبة عليها،د.أمل بنت إبراهيم الدباسي، رسالة دكتوراه مقدمة لقسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض، مقال: النفايات الطبية على الناس والبيئة، لعواطف مدلول.http.ipna22.worppress.com.
([1]) الموسوعة الطبية الفقهية، د.أحمد كنعان،170، 174، دار النفائس – بيروت، مقال: النفايات الطبية: المخاطر البيئية والصحية، د. أكمل عبد الحكيم، جريدة الغد الأردنية، 4/7/2006م،http:www.gghod.com print.html، مقال أساليب معالجة النفايات الطبية الخطرة، للمهندس رياض قابلي،www.jeraan.com.
([1]) أساليب معالجة النفايات الطبية الخطرة، للمهندس رياض قابقلي، انظر الرابط:www.deraan.com.
1- الأشباه والنظائر، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1403.
2- الأشباه والنظائر، لابن نجيم الحنفي، للمؤلف الشيخ زين العابدين بن ابراهيم ابن نجيم، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، 1400.
3- النوازل في الجرائم الطبية والمسؤولية الجنائية المترتبة عليها،د.أمل بنت إبراهيم الدباسي، رسالة دكتوراه مقدمة لقسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض
4- مقال مخاطر النفايات الطبية على الناس والبيئة، لعواطف مدلول، على الرابط: http:dna22.wordbress.com.
5- مجلة مجمع الفقه الاسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي سابقا) بجدة، الجزء الثالث عشر.
6- الموسوعة الطبية الفقهية، د. أحمد محمد كنعان، دار النفائس، الطبعة الثانية، 1427.
7- مقال أساليب معالجة النفايات الطبية الخطرة، للمهندس رياض قابقلي، مدير معالجة النفايات الصلبة، دمشق، من موقع جيران على الرابطhttp: www.jeraan.com 3ioomanodo36900.
8- مقال: النفايات الطبية: المخاطر البيئية والصحية، للدكتور أكمل عبد الحكيم، جريدة الغد الأردنية، 4/7/2006م،http:www.gghod.com print.html،