اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو مؤسسة تتعهد برعايته بدفع مبلغ محدد أو مقسط لجهة معينة, على أن تلتزم تلك الجهة بتغطية العلاج أو تغطية تكاليفه خلال مدة معينة.
للمعاصرين في مسألة التأمين الصحي اتجاهان:
الاتجاه الأول: منع التأمين الصحي التجاري وإباحة التأمين الصحي التعاوني، وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء، وهو ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي الدَّولي، وأضافوا كون التأمين الصحي مباشرًا مع المؤسسة العلاجية بالضوابط, التي تجعل الغرر يسيرًا مغتفرًا مع توافر الحاجة التي تُنزل منزلة الضرورة, لتعلق ذلك بحفظ النفس والعقل والنسل, وهي من الضروريات التي جاءت الشريعة بصيانتها.
الاتجاه الثاني: منع التأمين الصحي التجاري إلا في حالات الضرورة، وهو ما ذهب إليه مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا والمجمع الفقهي الإسلامي بالهند.
اختلف المعاصرون في حكم التأمين الصحي إلى رأيين: رأي بالجواز, ورأي بالحرمة.
قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.
أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ
1/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي(دولة الإمارات العربية المتحدة)30صفر-5ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9 – 14 نيسان (إبريل) 2005م. بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع التأمين الصحي، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:….
حكم التأمين الصحي:
أ- إذا كان التأمين الصحي مباشرًا مع المؤسسة العلاجية فإنه جائز شرعًا بالضوابط التي تجعل الغرر يسيرًا مغتفرًا مع توافر الحاجة التي تُنزل منزلة الضرورة, لتعلق ذلك بحفظ النفس والعقل والنسل, وهي من الضروريات التي جاءت الشريعة بصيانتها.
ومن الضوابط المشار إليها:
1/ وضع مواصفات دقيقة تحدد التزامات كل من الطرفين.
2/دراسة الحالة الصحية للمستأمن, والاحتمالات التي يمكن التعرض لها.
ب- إذا كان التأمين الصحي عن طريق شركة تأمين إسلامي (تعاوني أو تكافلي) تزاول نشاطها وفق الضوابط الشرعية, التي أقرها المجمع في قراره رقم 9(9/2) بشأن التأمين وإعادة التأمين، فهو جائز.
ج- إذا كان التأمين الصحي عن طريق شركة تأمين تجاري فهو غير جائز، كما نص على ذلك قرار المجمع المشار إليه أعلاه.
4- الإشراف والرقابة:
على الجهات المختصة القيام بالإشراف والرقابة على عمليات التأمين الصحي بما يحقق العدالة, ويرفع الغبن والاستغلال وحماية المستأمنين.
التوصيات:
يوصي مجلس المجمع بما يلي:
1- دعوة الحكومات الإسلامية والجمعيات الخيرية ومؤسسات الأوقاف إلى توفير التأمين الصحي مجانـًا أو بمقابل مناسب, لغير القادرين على الحصول على التأمين من القطاع الخاص.
2- عدم استخدام البطاقات الصحية إلا من أصحابها, لما في ذلك من مخالفة لمقتضيات العقود، وما تتضمنه من غش وتدليس.
3- التحذير من إساءة استخدام التأمين الصحي: كادعاء المرض أو كتمانه, أو تقديم بيانات مخالفة للواقع.
4- إدراج موضوع التأمين التعاوني (الإسلامي أو التكافلي) في دورات المجمع القادمة في ضوء ما توصلت إليه المؤتمرات والندوات الأخيرة والتطبيقات المتنوعة, التي ظهرت بعد إصدار المجمع قراره السابق.
2/ صدرت فتوى عن حكم التأمين الصحي من مجمع الفقه الإسلامي بالهند بشأن التأمين الصحي:
إن الشرع لا يقر القمار في أي صورة، والتأمين الصحي الرائج اليوم يدخل في القمار باعتبار مآله، وهو الذي حول العلاج فيه من خدمة إلى تجارة رابحة، وانطلاقًا من هذه الحقيقة قرر المجمع ما يلي:
- أن التأمين الصحي هو كأنواع التأمين الأخرى, يحتوي على المحرمات الشرعية، فلا يجوز في الظروف العادية، ولا فرق في الحكم بين مؤسسات التأمين الحكومية وغير الحكومية.
- في حالات الإجبار القانوني يجوز التأمين الصحي، ولكنه يجب على المستطيع إذا استفاد في علاجه بأكثر من مبلغه أن يتصدق بقدره دون نية الثواب.
- يمكن توفير البديل الإسلامي للتأمين الصحي، فينبغي للمسلمين إنشاء مؤسسة كهذه, تهدف إلى علاج المحتاجين وإعانتهم.
3/ مجمع فقهاء الشريعة أمريكا:
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن الأصل في عقود التأمين التجاري سواء أكان تأمينا صحيا أو غيره أنها من العقود الفاسدة, نظرًا لما يكتنفها من الغرر الفاحش، فإن كل طرف لا يعرف سلفا ما الذي سيبذله وما الذي سيأخذه، ولا يباح من ذلك إلا ما تلزم به القوانين, نظرًا لجانب الإكراه، أو ما يكون من ذلك من العقود التابعة, لأنه يغتفر تبعًا ما لا يغتفر ابتداءً واستقلالا، أو ما تمس الحاجة إليه عند انعدام البدائل، ولما كان التأمين الصحي من الحاجات العامة الماسة، وقد يرتقي في بعض الحالات إلى مستوى الضرورات, فإنه يترخص فيه إلى أن تتوافر البدائل المشروعة، وعلى هذا فأرجو ألا حرج في الاستفادة من هذا التأمين, لا سيما مع الظروف الصحية التي طرأت في حياة الزوج، نسأل الله جل وعلا أن يجمع له بين الأجر والعافية، وأن يمسح عليه بيمينه الشافية، والله تعالى أعلى وأعلم.
ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:
1/اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
سئلت اللجنة عن موضوع التأمين الصحي ([1]).
فأجابت بما نصه:
بالنظر في العقد المذكور، تبين أنه مشتمل على غرر ومقامرة، وأنه من أنواع التأمين الصحي التجاري، وعليه فيكون محرمًا، فلا يجوز التعامل به.
[1]) ينطر : فتوى رقم (20587) .
1/مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي,قرار رقم149(7/16).
2/فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, فتوى رقم: (20587)، 15 / 317 – 320.
3/مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا بتاريخ 24/1/2009م دكتور:صلاح الصاوي.
4/ التأمين الصحي في الفقه الإسلامي (رسالة دكتوراه), د. مشاعل بنت فهد الحسون, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, كلية الشريعة – الرياض.
5/ التأمين الصحي التعاوني في الفقه الإسلامي وتطبيقاته في المملكة العربية السعودية (رسالة ماجستير), عائدة بنت عبد القادر فلمبان, جامعة الملك سعود, كلية التربية – قسم الثقافة الإسلامية.
6/ التأمين الصحي واستخدام البطاقات الصحية، د. محمد جبر الألفي، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي.