أن يقوم العميل بإيداع أمواله في بنك ربوي, في بلاد الكفر, سواء كان الإيداع بفائدة, أو دونها.
ذهب الشيخ ابن باز رحمه الله, وقطاع الفتوى بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت إلى عدم جواز إيداع المال في البنوك الربوية, إلا عند الاحتياج لذلك مع عدم وجود البنوك الإسلامية، ويقتصر حينئذ على الإيداع في الحساب الجاري دون فوائد، من باب ارتكاب أهون الضررين , ووجه التحريم أن البنك يستفيد من هذا المال، ويستعين به على أعماله المحرمة من ربا وغيره.
القرارات والفتاوى الصادرة عن الهيئات الشرعية:
فتوى قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
ورد إلى القطاع سؤال عن موضوع الإيداع في البنوك الربوية في بلاد الكفر([1]).
فأجابت بما يلي:
إذا تيسر للمسلم إيداع ماله في غير البنك الربوي, فلا ينبغي أن يودع ماله في البنك الربوي، أما إن احتاج إلى الإيداع في بنك ربوي كأن لم يكن هناك بنك إسلامي أو قامت حاجة معتبرة للإيداع في بنك ربوي، فيجوز ذلك مع وجوب أن يكون الإيداع في حساب ليس عليه فوائد كالحساب الجاري.
وإذا صح ما يذكره السائل من أن البنوك في أمريكا أو الدول الأوروبية تعطي فوائد على الحسابات الجارية، ثم إذا رفض المودع أخذ الفوائد فإن البنوك تعطيها للجهات الدينية غير الإسلامية ونحوها، فحينئذٍ يجوز للمودع أخذ تلك الفوائد والتخلص منها، بأن تصرف في وجوه الخير العامة, ما عدا طبع المصاحف وبناء المساجد، ولا يحلّ لمن هي في يده أن يؤدي منها حقًا عليه، سواء كان لله تعالى أو للأفراد أو للدولة كالضرائب مثلًا, ولا ينفقها على نفسه أو أهله.
والأولى أن تنفق هذه الفوائد الربوية في الحالات الاضطرارية في الجوائح والمجاعات والكوارث العامة والخاصة.
وهذا الحكم ينطبق على كلّ مال محرّم، سواء نتج عن تجارة أو غيرهـا. والله أعلم.
ثانيًا: الفتاوى العلمية:
فتاوى لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.
وقد سئل رحمه الله عن موضوع الإيداع في البنوك الربوية في بلاد الكفر([2]).
فأجاب رحمه الله:
لا يجوز وضع الأموال في البنوك الربوية سواء كان القائمون عليها مسلمين أو غيرهم؛ لما في ذلك من إعانتهم على الإثم والعدوان، ولو كان ذلك بدون فوائد، لكن إذا اضطر إلى ذلك للحفظ بدون فوائد فلا حرج إن شاء الله؛ لقول الله عز وجل: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) أما مع شرط الفائدة فالإثم أكبر؛ لأن الربا من أكبر الكبائر، وقد حرمه الله في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين، وأخبر أنه ممحوق وأن من يتعاطاه قد حارب الله ورسوله، وفي إمكان أصحاب الأموال الإنفاق منها في وجوه البر والإحسان، وفي مساعدة المجاهدين، والله يأجرهم على ذلك ويخلفه عليهم، كما قال سبحانه: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ، وقال سبحانه: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ، وهذا يعم الزكاة وغيرها، وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال: (ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه) [أخرجه مسلم (رقم 2588)]،وصح عنه ﷺ أيضًا أنه قال:( ما من يوم يصبح فيه الناس إلا وينزل فيه ملكان، أحدهما يقول: اللهم أعط منفقًا خلفًا، والثاني يقول: اللهم أعط ممسكًا تلفًا) [أخرجه البخاري (رقم 1374), ومسلم (رقم 1010)], والآيات والأحاديث في فضل النفقة في وجوه الخير والصدقة على ذوي الحاجة كثيرة جدًّا.
لكن لو أخذ صاحب المال فائدة ربوية جهلًا منه أو تساهلًا, ثم هداه الله إلى رشده, فإنه ينفقها في وجوه الخير وأعمال البر، لا يبقيها في ماله؛ لأن الربا يمحق ما خالطه، كما قال الله سبحانه: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (2076) .
[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (258) .
1/ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية, قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية, فتوى رقم (2076).
2/ مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز – المجلد التاسع عشر – كتاب البيوع – باب الوديعة – حكم إيداع المال في البنوك في بلاد الكفر (جزء: 19 صفحة: 420 – 422).