1. التشخيص الطبي.
2. الاستشارة الوراثية.
3. الرعاية الصحية الإنجابية.
4. الكشف الطبي قبل الزواج.
تتجه بعض الدول إلى إلزام المقبلين على الزواج بالفحص الطبي كشرط لإجراء عقد النكاح، للحد من انتشار بعض الأمراض الوراثية أو المعدية، فهل يجوز الإلزام بإجراء هذا الفحص الطبي للخاطب والمخطوبة؟
ومعنى الفحص الطبي: إجراء فحوصات طبية مخبرية، أو سريرية قبل عقد النكاح لكل من الذكر والأنثى العازمين على الزواج، من أجل التأكد من خلوهما من أي أمراض وراثية أو مُعدية أو مضرة قد تحول دون الزواج، أو تمنع من الإنجاب، أو تؤثر على الجنين، أو تهدد استمرار الحياة الزوجية واستقرارها، وتقديم المشورة المناسبة للطرفين بناء على نتائج هذه الفحوصات.
اتفق الفقهاء المعاصرون على مشروعية الفحص الطبي قبل الزواج([1])، ولكنهم اختلفوا في حكم الإلزام به على قولين:
القول الأول: يجوز الإلزام بالفحص الطبي، لكن عدم تنفيذه لا يؤثر على صحة عقد النكاح إذا توفرت فيه شروط الانعقاد.
القول الثاني: لا يجوز الإلزام به، والبعض استثنى حالات الأمراض الوراثية، فجعل جواز الإلزام به قاصرا على أصحاب تلك الحالات فقط.
أدلة القول الأول (جواز الإلزام بالفحص الطبي):
- أن دفع الضرر عن الخطيبين، وأسرتهما، ومستقبلهما، أهم من دفع كلفة ومشقة الفحص الطبي، اتباعاً لقاعدة: “الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف”، وقاعدة: “إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما”.
- أن تحقيق المصلحة العامة للمجتمع أمر واجب، اتباعاً لقاعدة: “التصرف على الرعية منوط بالمصلحة، والفحص الطبي قبل الزواج فيه ما يحقق المصلحة العامة للمجتمع.
- الأدلة العامة الآمرة بالتداوي، كقوله صلى الله عليه وسلم:(تداووا، ولا تتداووا بمحرم) وغيره من النصوص، ومعروف أن الفحص الطبي قبل الزواج من باب الوقاية، والوقاية خير من العلاج.
- أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية طلب الأولاد، ومقصود أيضاً أن تكون الذرية صالحة صحيحة جسما وعقلا، ولا تكون الذرية كذلك إلا إذا كانت خالية من الأمراض الوراثية والمعدية، قال الله تعالى عن زكريا عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ ([2]).
ودعا المؤمنون ربهم ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ ([3])، ولا تكون الذرية قرة عين، وذرية طيبة، إذا كانت ذرية مشوهة الخلقة، أو ناقصة الأعضاء، أو متخلفة عقلياً، أو مصابة بأمراض مستعص علاجها.
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث من أراد الزواج أن يحسن اختيار الزوجة، فقد ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء، وانكحوا إليهم) أخرجه ابن ماجة، ح: 1968، وقال الشيخ الألباني، حديث حسن، كما في صحيح سنن ابن ماجة 1/333.
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا الودود الولود) أخرجه أبو داوود، ح: 2050، والنسائي، ح: 3227، وصححه ابن حبان 9/363، والألباني في صحيح الترغيب (1921).
وسئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ما حق الولد على أبيه؟ قال: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن).
وهذا الانتقاء للزوجة يشمل الصفات الخلقية، والمعنوية، ويتفق مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) أخرجه البخاري، ح: 4802، ومسلم، ح: 3230.
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا توردوا الممرض على المصح) أخرجه البخاري، ح: 5439.
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أنظرت إليها قال لا قال فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) أخرجه مسلم، ح: 1424، فهذا الحديث يدل على أنه ينبغي للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، لئلا يكون فيها عيوب.
- أن الفقهاء أجازوا للزوج أن يفسخ الزواج، لوجود عيب جنسي في زوجته يمنع من الدخول عليها.
وكذلك أجاز الفقهاء للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به علة تحول دون دخوله بها.
وبناء على ما تقدم فإن إجراء الفحص الطبي قبل الزواج خير من اكتشاف العيوب والأمراض الجنسية والوراثية التي تجيز الفسخ، أو طلب التفريق بينهما، بعد الزواج، فيفترقان، ويقعان في مشكلات اجتماعية ومالية كان بإمكانهما تفاديها بإجراء الفحوصات الطبية قبل العقد.
أدلة القول الثاني (لا يجوز الإلزام بالفحص الطبي):
- أن النكاح له شروطه وأركانه التي إذا توفرت فيه صح العقد وتم النكاح، وعلى هذا فلو أن الفحص الطبي أثبت وجود مرض في أحد الزوجين، إلا أنهما رضيا به، لم يمنعهما أحد من إتمام العقد، وهذا دليل على عدم جواز الإلزام بالفحص الطبي.
- أن الخوف من نتائج الفحوصات قد تدفع الشباب إلى تأخير الزواج، أو التحايل عليه، أو شراء الشهادات الصحية.
- إشكالات الفحص الطبي حيث قد يكشف المستور والإسلام حث على الستر، وقد يصاب من يظهر فيه المرض – خاصة الأمراض الجنسية – بضرر في حالته النفسية، أو ضرر في سمعته، وربما كان بريئاً من اقتراف المحرم، ولكنه أصيب بسبب آخر.
([1] ) فقد أوصى مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م، بإجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج لتجنب مخاطر الأمراض المعدية وأهمها الإيدز.
1. قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 82 (13/8) بشأن مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز).
2. المجلس الإسلامي للإفتاء، بيت المقدس.
3. مجموع فتاوى ابن باز (22/200).
4. مجموعة الفتاوى الشرعية الصادرة عن قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بالكويت، الطبعة الأولى 1417هـ، 2/192.
5. الفحص قبل الزواج والاستشارة الوراثية، محمد علي البار، دمشق: مطابع التقنية للأوفست.
6. الزواج في الشريعة الإسلامية، علي حسب الله، مطابع المقاولون العرب “عثمان أحمد عثمان وشركاه” 1996م.
7. بحوث فقهية، حكم الكشف الجبري عن الأمراض الوراثية د. محمد الشريف، نسخة إلكترونية.
8. الفحص الطبي قبل الزواج، دراسة شرعية قانونية تطبيقية، المفتي صفوان محمد عضيبات.
9. الفحص الطبي قبل الزواج من منظور الفقه الإسلامي ـ دراسة علمية فقهية ـ بقلم: أ.د. علي محي الدين القره داغي المجلة العلمية للمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، العدد السابع جمادى الثانية 1426هـ يوليو 2005 م.
10. ندوة الفحص الطبي قبل الزواج من منظور طبي وشرعي، جمعية العفاف الخيرية، الأردن، 1415هـ.