الدعاية لحملات الحج.
حملات الحج ظهرت في الأزمان المتأخرة, وتقوم بتقديم خدمات للحجاج تتعلق بالسكن والمواصلات والأكل والشرب, وهي حملات تجارية ربحية, ولا يتعدى معنى التقرب فيها معناه في أي عمل دنيوي آخر إذا أحسن الإنسان فيه قصده لله تعالى, وذلك بإرادة نفع الناس والتيسير عليهم وتخفيض الأسعار عليهم, ونحو ذلك من المقاصد الحسنة؛ فإنه مع الربح سيحصل أجراً بإذن الله تعالى.
قد جاء في كلام السلف([1]) ما يشير إلى ما يشبه حملات الحج ممن كانوا ينقلون الحجاج بالكراء؛ ومن ذلك ما رواه أبو أمامة التيمي قال: (كنت رجلاً أكري في هذا الوجه, وكان الناس يقولون لي: إنه ليس لك حج, فلقيت ابن عمر؛ فقلت يا أباعبدالرحمن, إني رجل أكري في هذا الوجه وكان أناس يقولون لي إنه ليس لك حج؟ فقال ابن عمر: ألست تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ قال: قلت: بلى, قال: فإن لك حجا, جاء رجل إلى النبي ﷺ فسأل عن مثل ما سألتني عنه, فسكت عنه رسول الله ﷺ , فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ۚ) [البقرة: 198] فأرسل إليه, وقرأ عليه هذه الآية, وقال: لك حج) [أبو داود (1733), وابن خزيمة 4/350, والدارمي 2/292. قال النووي: إسناده صحيح. المجموع 7/9].
قال ابن قدامة: “أجمع أهل العلم على إجارة الإبل إلى مكة وغيرها.. ولأن بالناس حاجة إلى السفر, وقد فرض الله تعالى عليهم الحج, وأخبر أنهم يأتون رجالاً وعلى كل ضامر يأتون من كل فج عميق, وليس لكل أحد بهيمة يملكها, ولا يقدر على معاناتها والقيام بها والشد عليها, فدعت الحاجة إلى استئجارها فجاز دفعاً للحاجة”.
وإذا جاز عمل الحملات فإن الإعلان عنه جائز مع مراعاة تحري الصدق والأمانة في الإعلان، بأن يعلن عن موقع الحملة كما هو في الحقيقة, وأن يتم توضيح التفاصيل التي يستطيع صاحب الحملة تأمينها غالباً؛ أما ما يتوهم أو يظن فلا يعتد به لكي لا يترتب عليه كذب وخلف في الوعد.
([1]) المدونة (1/365), الحاوي الكبير (4/214).
الإعلان التجاري، شيخة المبرد ص(247).