قسم الأطعمة واللباس والزينة والآدابباب الأطعمة

الأطعمة المشتملة على الأنفحة

مسألة رقم 9

العناوين المرادفة

حكم الجبن المصنوع الذي تدخل في صناعته الأنفحة.

صورة المسألة

الأنفحة والمنفحة هي: عبارة عن أنزيمات تستخرج من معدة الحيوانات الصغيرة المجترة بعد ذبحها قبل الفطام حيث يوضع جزء قليل منها في اللبن فينعقد ويتكاتف ويصبح جبنًا.

حكم المسألة

تحرير محل النزاع:

أولاً: أن الأنفحة إذا أخذت من حيوان مأكول اللحم بعد تذكيته شرعًا، فإنها تكون طاهرة.

ثانيًا: إذا أخذت الأنفحة من حيوان غير مأكول اللحم كالخنزير، فلا خلاف في نجاستها.

ثالثًا: إذا أخذت الأنفحة من الميتة أو من حيوان غير مذكى ذكاة شرعية، فقد اختلف العلماء قديما في ذلك على قولين:

 

القول الأول: أن أنفحة الميتة والمذكى ذكاة غير شرعية طاهرة، وهذا رأي الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.

القول الثاني: أن أنفحة الميتة والمذكى ذكاة غير شرعية نجسة، وهو مذهب الجمهور، المالكية والشافعية والحنابلة في الأرجح من مذهبهم.

والذي يعنينا من المسألة هو حكم الأجبان وما شابهها من مشتقات الحليب الذي يدخل في تصنيعها الإنفحة.

 

وقد اختلف فيه العلماء قديما وحديثا، ولهم في ذلك اتجاهان:

الاتجاه الأول: جواز تناول هذه الأجبان، وهو ما عليه كثير من المعاصرين، وبه صدرت فتوى المجلس الأوربي للإفتاء، وتوصية الندوة الطبية للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.

أدلة هذا القول:

  • أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي في غزوة الطائف بجبنة، فجعلوا يقرعونها بالعصا، فقال: أين يصنع هذا، فقالوا: بأرض فارس، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (اذكروا اسم الله عليه وكلوا) رواه أحمد في المسند (1/234).

فأباح النبي -صلى الله عليه وسلم- الجبن المصنوع بأنفحة ذبائح المجوس، ومن المعلوم أنها ميتة.

  • آثار عن الصحابة في أكل مثل ذلك الجبن.
  • قالوا ثم إن هذه المنفحة لا يخلو إما أن تكون قد استحالت عن أصلها أو استهلكت فيما وضعت فيه، فلم يبق لها أثر، لأن المخلوط منها شيء يسير جدا يوضع في كميات كبيرة من اللبن، وهذا لا يؤثر أبدا في طهارة اللبن على القول بنجاستها.

الاتجاه الثاني: أن الأجبان التي يدخل في إنتاجها الإنفحة المستخلصة من حيوان نجس العين أو من الميتة لا يجوز تناولها، وهو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث، فقد سئلت عن حكم أكل الجبن المصنوع من أنفحة البقر؟

فأجابت: “لا حرج في أكل الأجبان المصنوع من إنفحة البقر، ولا يجب السؤال عنها، فإن المسلمين ما زالوا يأكلون من أجبان الكفار من عهد الصحابة ولم يسألوا عن نوع الأنفحة ، فإذا علم يقينا أن هذه الإنفحة تستخدم من أبقار لم تذبح على الطريقة الشرعية فإنه يحرم حينئذ تناولها، إذا شك في شيء منها هل يحل أو يحرم؟ بالنظر لما احتف به من الملابسات والقرائن فالاحتياط تركه لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) [أحمد (3/169) والترمذي (2518)]”([1]).

أدلة هذا القول:

  • أن الجبن يدخل في تصنيعه أنفحة الميتة، والميتة محرمة بقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة:3] فالآية شاملة لجميع أجزاء الميتة.
  • قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنتفعوا من الميتة بشيء). رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار1/468.

وبهذا يتضح حكم الجبن المعقود بأنفحة الميتة.


([1]) فتاوى اللجنة الدائمة (22/262-264) فتوى رقم(2928).

المراجع

1. أحكام الذبائح واللحوم المستوردة في الشريعة الإسلامية، عبدالله بن محمد الطريقي، ص(325).
2. الحلال والحرام في المواد الغذائية المصنوعة بديار الغرب، للجلاصي ص(28).
3. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. (22/262) فتوى(2928).
4. المواد المحرمة والنجسة في الغذاء، نزيه حماد، ص(60)
5. النوازل في الأطعمة، لبدرية الحارثي (2/663-679).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى