قسم المعاملات الماليةباب الأسهم

الأسهم المختلطة

المسألة رقم 22

صورة المسألة

أن يكون نشاط الشركة المساهمة في أغراض مباحة, إلاَّ أنها تتعامل أحيانًا بالحرام؛ كالتعامل بالفوائد الربوية وغيرها، فسميت مختلطة لاختلاط نشاطها المباح بالمحرم، فما حكم المساهمة في هذه الشركة؟

حكم المسألة

اختلف العلماء المعاصرون في هذا المسألة على اتجاهين:

الاتجاه الأول: القول بالتحريم، هو ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, وصدر به قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي, ومجمع الفقه الإسلامي الدولي.

أهم أدلة هذا الاتجاه:

1/ قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آل عمران: 130].

2/ ما ورد في الحديث أنه “لعن رسول الله ﷺ آكِل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه”، وقال: (وهم سواء). [البخاري ح2086, ومسلم ح 1597].

وجه الدلالة: أن الربا حرام كثيره وقليله، والشركة مبنيَّة على الوكالة، فالمساهم إمَّا أن يعمل بنفسه أو يوكل شريكه، فهو مرابٍ، أو موكل المرابي.

3/ درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، فلو كان في الشركة مصلحة فنحن ندعها خوفًا من وجود مفسدة.

 

الاتجاه الثاني: جواز المساهمة بشروط، وإلى ذلك ذهب بعض المعاصرين، مع التأكيد على أنه لا يعني الجواز أن الربا اليسير حلال، ولا يعني أيضًا إقرار الشركات على معاملاتها الربوية.

ومن أهم الشروط:

1/ ألا ينص نظام الشركة على التعامل بالربا.

2/ أن يجتهد المساهم في معرفة الجزء الحرام والتخلُّص منه، ولا يجوز الانتفاع به بأي حال.

3/ اشترط بعضهم تحديد نسبة معينة لا يزيد عنها نسبة الحرام في الشركة.

وممَّن يرى الجواز غالب أعضاء الهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية، وأما الهيئة الشرعية ببيت التمويل الكويتي فلا تجيزها إلا بقصد تنقية أسهم الشركة وأسلمتها.

أهم أدلة هذا القول:

1/ أن من مقاصد الشريعة الإسلامية: رفع الحرج، ودفع المشقَّة، وتحقيق اليسر والمصالح للأمة؛ فقال الله – تعالى:(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة (185)]، وبناءً على هذا أُبِيحت المحظورات للضرورة.

2/ قاعدة: (يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالًا)؛ حيث يمكن اعتبار المساهمة في شركة ذات أغراض مباحة تتعامل بالربا من جزئيات هذه القاعدة.

3/ وجود نسبة من الحرام في المال الحلال لا يجعله حرامًا، وإنما يجب نبذ المحرم فقط، وهذا قول أكثر العلماء.

 

قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية والفتاوى العلمية.

أولًا: قرارات المجامع الفقهية: ـ

1/ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412 الموافق 9–14 أيار (مايو) 1992م،بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: “الأسواق المالية” الأسهم، الاختيارات، السلع، بطاقة الائتمان، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:

أولًا: الأسهم:

1/ الإسهام في الشركات:

أ/ بما أن الأصل في المعاملات الحل, فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز.

ب/ لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها.

ج/ الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة…

 

2/ قرر المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي, بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا, القرار التالي: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، التي بدأت يوم السبت 20 من شعبان 1415هـ-21/1/1995م قد نظر في هذا الموضوع وقرر مايلي:

1- بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر جائز شرعًا.

2- لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.

3- لايجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك.

4- إذا اشترى شخص وهو لايعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها. والتحريم في ذلك واضح، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءًا شائعًا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة، فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه، والتوكيل بعمل المحرم لايجوز. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد لله رب العالمين.

 

ثانيًا: قرارات وفتاوى الهيئات الشرعية:

1/فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

ورد سؤال إلى الهيئة عن موضوع الأسهم المختلطة ([1]).

فأجابت بما نصه:

أولًا: وضع الأموال في البنوك بربح حرام.

ثانيًا: الشركات التي تضع فائض أموالها في البنوك بربح لا يجوز الاشتراك فيها لمن علم ذلك.

2/ فتوى الهيئة الشرعية ببيت التمويل الكويتي.

ورد سؤال إلى الهيئة عن موضوع الأسهم المختلطة ([2]).

فأجابت بما نصه:

دار الحوار حول الجوانب الفقهية لهذه الطريقة، وجرى استعراض الآراء الفقهية التي قيلت في إمكانية شراء أسهم هذه الشركات، ثم ذكر السيد رئيس الجلسة أن هيئة الفتوى في بيت التمويل الكويتي قد استقر الرأي عندها في هذه المسألة على جواز شراء أسهم هذه الشركات بقصد تنقيتها من التعامل الربوي واعتماد المنهج الإسلامي، على أن تكون مدة هذه المحاولة ثلاث جمعيات عمومية للشركة, يمنع خلالها المتاجرة بأسهم الشركة إلا فيما بين أهل القصد، فإن قدر على التخلص من الربا وأسلمة الشركة خلال هذه المدة فهو المطلوب, وإلا فيجب الانسحاب منها، أو إعطاء فرصة إذا كانت هناك فرصة سانحة في مهلة قريبة.


[1]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (7468) .

[2]) ينظر : نص السؤال في فتوى رقم (692) .

المراجع

1/ مجلة المجمع (العدد السادس، ج2 ص1273 والعدد السابع ج1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5), قرار رقم: 63 (1/7) , وقرار رقم 77 (8/8)، وقرار رقم 87 (4/9).
2/ المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي, قرار رقم (4) الدورة الرابعة عشرة.
3/ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, فتوى رقم (7468).
4/الهيئة الشرعية ببيت التمويل الكويتي, فتوى رقم (692).
5/ الأسواق المالية (الأسهم والسندات) ضوابطها وأحكامها من منظور إسلامي (رسالة دكتوراه), د. محمد صبري هارون, المملكة الأردنية الهاشمية (1998م).

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى