يشترط عامة أهل العلم حولان الحول لوجوب الزكاة في الأموال الزكوية (ما عدا الخارج من الأرض فتجب فيه وقت حصاده، وماعدا نتاج السائمة وربح التجارة فحولهما تبع لحول أصليهما)، وذلك لأن الزكاة تتكرر في هذه الأموال فلا بد لها من ضابط كي لا يفضي عدم الضابط إلى تكرر الوجوب في زمن واحد، فكان مضي الحول هو المناسب لذلك لأنه مظنة نماء المال.
وفي الوقت الحاضر يعتمد كثير من الناس في معاملاتهم على التاريخ الميلادي القائم على السنة الشمسية، فهل يجوز اعتبار الزكاة بالحول الشمسي أم يجب الاعتماد في ذلك على الحول القمري المتمثل في السنة الهجرية؟
التوقيت الشرعي يكون بالحول القمري لا الشمسي لدلالة النصوص الشرعية على وجوب الأخذ بالتوقيت القمري المتمثل بالتاريخ الهجري وطرح التوقيت الشمسي المتمثل بالتاريخ الميلادي، وهو قول جماهير العلماء([1]).
ويدل لهذا القول:
قول الله – تعالى -: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة: 189].
ووجه الدلالة: أن الله – تعالى- جعل الهلال علما على بداية الشهر ونهايته فتكون الأهلة مواقيت بهذا المعنى كما يصح أن يكون الشهر بذلك قمريا لارتباطه بالأهلة وهي منازل القمر.
وقول الله – تعالى -: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) [يونس: 5].
ووجه الدلالة: أن الله – تعالى- جعل السنين والحساب معلقا بمنازل القمر ولا يكون ذلك إلا باعتبار الأشهر القمرية المعلقة بطلوع الهلال دخولا وخروجا.
ومن السنة قول النبي ﷺ: (إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما)، [البخاري(1906) ومسلم 1080)].
ووجه الدلالة: أن الرسول ﷺ علق دخول الشهر وخروجه برؤية الهلال ورتب الحكم الشرعي -وهو الصوم هنا -على ذلك.
وقد نقل إجماع الصحابة على ذلك.
وقد أفتت اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية بأن السنة المعتبرة في إخراج الزكاة هي السنة الهجرية حيث جاء في الفتوى رقم 9410): (السنة المعتبرة هي السنة الهجرية والأشهر القمرية، ولا يؤخذ بالسنة الميلادية ولا الأشهر غير القمرية).
وذهب بيت الزكاة الكويتي إلى مراعاة الحول القمري في إخراج الزكاة إلا إذا تعسر ذلك بسبب ربط الميزانية للشركة أو المؤسسة بالسنة الشمسية، فإنه يجوز مراعاة السنة الشمسية وتزداد النسبة المذكورة بنسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية على القمرية فتكون النسبة عندئذ (2,575%).
وعند التأمل يبدو الخلاف بين الاتجاهين أشبه باللفظي، إذ الجميع متفقون على اعتبار الحول القمري، وإنما أجاز بيت الزكاة احتساب الزكاة وفق الحول الشمسي مع معادلته بالقمري لإخراج القدر الزائد من المال الزكوي المقابل للزمن الزائد من الحول الشمسي، وقيدوا ذلك عند تعسر إخراجه بالحول القمري، إلا أن الأصل المتفق عليه هو احتساب الزكاة وفق التاريخ الهجري.
([1]) المبسوط (2/15), بداية المجتهد (3/114), روضة الطالبين (2/184), الشرح الكبير مع الإنصاف (6/350).
1. أحكام وفتاوى الزكاة والصدقات والنذور والكفارات الصادر من بيت الزكاة في الكويت ص(20).
2. التاريخ الهجري ص(52).
3. فتاوى اللجنة الدائمة (9/200).
4. نوازل الزكاة للغفيلي ص(81-88).