سفر المرأة وحدها بالطائرة للحج.
إذا سافرت المرأة في أي وسيلة من وسائل النقل السريعة في عصرنا الحاضر كالطائرات التي سهل الله بها السفر، وقطع المسافات الطويلة في وقت وجيز، فهل تنتفي حاجة المرأة إلى المحرم في هذه الحالة، وهل يجوز للمرأة أن تسافر للحج في الطائرة بدون محرم؟
للعلماء قولان في هذه المسألة:
القول الأول: أن المحرم شرط لسفر المرأة للحج أو العمرة بالطائرة وغيرها، سواءً كان للفرض أو التطوع، وبهذا قال أكثر الفقهاء المعاصرين([1]).
جاء في فتوى للجنة الدائمة ما نصه: ” قد تقرر في الشرع المطهر: تحريم سفر المرأة بلا محرم، للأدلة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن ذلك، وهذا يعم أي سفر كان، وقد صدرت فتوى في تقرير ذلك برقم (16042)” فالمرأة ممنوعة من كل ما يسمى سفراً إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها، والمحرم هو: زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، لقرابة أو رضاع أو مصاهرة: كأبيها، وابنها، وأخيها، وابن أخيها، وعمها، وخالها، وأبي زوجها، وابن زوجها، وابنها من الرضاع، أو أخيها من الرضاع، ونحوهم، وسواءً كانت المرأة شابةً أو عجوزاً، وسواءً كانت وحدها أو مع مجموعة نساء، فالجمع من النساء لا يكفي عن المحرم، لعموم الأحاديث ولعدم انتفاء المحذور..”.
القول الثاني: يجوز للمرأة الحج بالطائرة وحدها، وبهذا قال بعض الفقهاء المعاصرين([2])
أدلة أصحاب القول الأول القائل باشتراط المحرم في الطائرة وغيرها:
استدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
- حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم” أخرجه البخاري، ح: (4). ومسلم، ح: 413.
- حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: “لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم”. فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجّة قال: ” اذهب فحجّ مع امرأتك” أخرجه البخاري، ح: 140. ومسلم، ح: 425.
أدلة أصحاب القول الثاني القائل: بعدم اشتراط المحرم للحج في الطائرة.
استدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
- أن السفر في هذه الأيام غير محفوف بالمخاطر الموجودة في الأزمنة الماضية.
- أن السفر في هذه الأيام لن يجعل المرأة وحدها في موطن من المواطن.
([1]) ومنهم الشيخ ابن عثيمين. في حوار فقهي معه. في مجلة الاستجابة، العدد 8 – 9، شعبان – رمضان 1406هـ، واللجنة الدائمة.
([2]) ممن أفتى بجوازه عند المشقة الشيخ عبد الله ابن جبرين رحمه الله، فقال :لا بأس عند المشقة على المحرم، كالزوج، أو الأب إذا اضطرت المرأة إلى السفر ولم يتيسر للمحرم صحبتها، فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار فلا يفارقها حتى تركب في الطائرة ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة، وذلك لعدم الخلوة المنهي عنها ولعدم المحذور من سفرها وحدها الذي تكون فيه عرضة للضياع أو لاعتراض أهل الفساد، وأيضاً فالمدة قليلة إنما هي ساعة أو بضع ساعات، وهذه المدة قد لا تسمى سفراً أصلاً، لأن السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال، فلا ينطبق على المدة القصيرة، ولأن الضرورات لها أحكامها، والله أعلم، انتهى، المصدر : موقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين.
1. فتاوى اللجنة الدائمة، المجموعة الأولى، جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش 17 / 332.
2. فتوى إدارة الإفتاء والبحوث الشرعية، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت. في مجلة الوعي الإسلامي، العدد (83) – شهر ذي القعدة، 1391م – 19 ديسمبر كانون الأول 1971م، ص106.
3. الخلوة وما يترتب عليها، د/ عبد الله الطريقي، 28/256، مجلة البحوث الإسلامية، الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء والدعوة والإرشاد.
4. أثر وسائل السفر الحديثة على رخص السفر وعلى سفر المرأة بدون محرم، د/ حميد فرحان العفيف، جامعة صنعاء.
5. المنهج لمريد العمرة والحج، الشيخ العثيمين، الجامعة الإسلامية.