إثبات رؤية الهلال بأجهزة تكبير الرؤية الحديثة.
الأصل هو رؤية الهلال بالعين المجردة، وهو الذي عليه العمل من صدر الإسلام، ولكن في وقتنا الحاضر اخترعت أجهزة لتكبير الرؤية بدرجات تفوق العين المجردة كالمناظير، وبعضها يجمع بين تكبير الرؤية وتركيزها كالتليسكوبات والمراصد، فما أن يكتب اسم القمر إلا ويتجه التليسكوب تلقائيا إلى القمر ويتبعه إلى أن يغرب..
فهل رؤية الهلال عن طريق هذه الأجهزة معتبرة شرعا أو أنها لا تعتبر إلا الرؤية بالعين المجردة فقط؟
المعتبر هو رؤية الهلال لعموم قول النبي ﷺ : (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا). [البخاري (1900) ومسلم (1080)].
وذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن المعتبر هو الرؤية بالعين المجردة، وأن هذه الأجهزة يستعان بها ولا يعتمد عليها، فلو لم ير الهلال بالعين المجردة ورُئي عن طريق هذه الأجهزة فلا تعتبر هذه الرؤية، واستدلوا بأن المقصود بالرؤية الواردة في الأحاديث النبوية – ومنها الحديث السابق – الرؤية بالعين المجردة؛ لأن هذه الأجهزة لم تكن موجودة قطعا على عهد النبي ﷺ.
وذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى اعتبار الرؤية عن طريق أي وسيلة من وسائل تكبير الرؤية، كالمناظير والتلسكوبات والمراصد، وقد أخذ بهذا الرأي مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وفيما يأتي نص القرار:-
قرار رقم (108) وتاريخ 2\11\1403هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وبعد:
ففي الدورة الثانية والعشرين لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الطائف، ابتداء من العشرين من شهر شوال حتى الثاني من شهر ذي القعدة عام 1403هـ بحث المجلس موضوع إنشاء مراصد فلكية يستعان بها عند تحري رؤية الهلال، بناء على الأمر السامي الموجه إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم (4\ص\19524) وتاريخ 18\8\1403هـ، والمحال من سماحته إلى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (2652\1\د)، وتاريخ 1\9\1403هـ واطلع على قرار اللجنة المشكلة بناء على الأمر السامي رقم (6\2) وتاريخ 2\1\1403هـ، والمكونة من أصحاب الفضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي عضو هيئة كبار العلماء وأعضاء الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى، والشيخ محمد بن عبد الرحيم الخالد، ومندوب جامعة الملك سعود الدكتور فضل أحمد نور محمد، والتي درست موضوع الاستعانة بالمراصد على تحري رؤية الهلال، وأصدرت في ذلك قرارها المؤرخ في 16\5\1403هـ المتضمن:
أنه اتفق رأي الجميع على النقاط الست التالية:
1 – إنشاء المراصد كعامل مساعد على تحري رؤية الهلال لا مانع منه شرعا.
– إذا رئي الهلال بالعين المجردة، فالعمل بهذه الرؤية، وإن لم ير بالمرصد.
3 – إذا رئي الهلال بالمرصد رؤية حقيقية بواسطة المنظار تعين العمل بهذه الرؤية، ولو لم ير بالعين المجردة؛ وذلك لقول الله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) ولعموم قول رسول الله ﷺ: « لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما »، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم.. . » الحديث، إذ يصدق أنه رئي الهلال، سواء كانت الرؤية بالعين المجردة أم بها عن طريق المنظار، ولأن المثبت مقدم على النافي.
4 – يطلب من المراصد من قبل الجهة المختصة عن إثبات الهلال تحري رؤية الهلال في ليلة مظنته، بغض النظر عن احتمال وجود الهلال بالحساب من عدمه.
5 – يحسن إنشاء مراصد متكاملة الأجهزة للاستفادة منها في جهات المملكة الأربع، تعين مواقعها وتكاليفها بواسطة المختصين في هذا المجال.
6 – تعميم مراصد متنقلة؛ لتحري رؤية الهلال في الأماكن التي تكون مظنة رؤية الهلال، مع الاستعانة بالأشخاص المشهورين بحدة البصر، وخاصة الذين سبق لهم رؤية الهلال. ا هـ.
بعد أن قام المجلس بدراسة الموضوع ومناقشته ورجع إلى قراره رقم (2) الذي أصدره في دورته الثانية المنعقدة في شهر شعبان من عام 1394هـ في موضوع الأهلة قرر بالإجماع: الموافقة على النقاط الست التي توصلت إليها اللجنة المذكورة أعلاه، بشرط أن تكون الرؤية بالمرصد أو غيره ممن تثبت عدالته شرعا لدى القضاء كالمتبع، وأن لا يعتمد على الحساب في إثبات دخول الشهر أو خروجه.
1. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/98)،
2. فقه القضايا المعاصرة في العبادات، عبدالله أبوزيد (1/963،964).
3. مجلة البحوث الإسلامية، عدد: 29 ، ص342.
4. مجلة مجمع الفقه الإسلامي. عدد: 3، ج2.