قسم المعاملات الماليةباب البنوك والقروض

إقراض الأسهم واقتراضها

المسألة رقم 196

صورة المسألة

قرض مؤقت للأسهم من قبل المقرض للمقترض، يحق فيه للمقترض إرجاع الأسهم في أي وقت، كما يحق للمقرِض طلب استعادة الأسهم في أي وقت، والذي من شأنه أن يسمح بإرجاع الأسهم ضمن دورة تسوية السوق العادية، وذلك بصرف النظر عن موعد الاستحقاق المتفق عليه.
ويترتب على قرض الأسهم: ملكية الأسهم، مع منح المقترض بعض الحقوق، مثل الحق في بيع الأسهم أو إقراضها إلى مقترض آخر، وحضور الجمعيات العمومية العادية، كما يكون للمقترض الحق في بعض الفوائد الاقتصادية، منها على سبيل المثال أرباح الأسهم، كما أنه من الممكن أن يتضمن اتفاق إقراض واقتراض الأسهم إلزام المقترض بسداد دفعات مالية إلى المقرض مساوية للمبلغ الذي اقترضه.
والأسباب التي تدعو إلى قرض الأسهم عديدة، منها
1) استدرار المقترض أرباح الأسهم، كما لو استقرض بقرة لاستدرار حليبها.
2) استقراضها في حال رخصها ثم بيعها في حال غلائها، ثم إذا رخصت ردها.
3) قد يستقرضها لتملك نسبة في عدد الأسهم للدخول في الإدارة أو التأثير في القرارات .

حكم المسألة

المسألة لها ثلاث صور:

  • الصورة الأولى: أن يكون إقراض الأسهم من السماسرة وشركات الوساطة أو البنوك لأجل البيع على المكشوف، وهذه الصورة تم بحثها في مسألة “البيع بالهامش”، وبيان تحريمها لاشتمالها على الانتفاع بالقرض.
  • الصورة الثانية: أن يكون إقراض الأسهم بقيمتها السوقية لأجل تمويل العميل، على أن يسدد بأكثر من قيمتها، وهذا في حقيقته ليس قرضا؛ لأن القرض أن يرد مثله لا أكثر منه.
  • الصورة الثالثة: إقراض الأسهم في غير الصورتين السابقتين:

وتحتها مسألتان:

المسألة الأولى: حكم قرض الأسهم.

والمسألة الثانية: كيفية رد قرض الأسهم.

 

المسألة الأولى: حكم قرض الأسهم:

وفي هذه المسألة ثلاثة اتجاهات:

الاتجاه الأول: الجواز، وهذا اختيار كثير من المعاصرين، ومنهم الصديق الضرير، ومحمد المختار السلامي، ومحمد علي القري.

واستدلوا بما يلي:

  • حقيقة السهم أنه حصة شائعة في رأس مال الشركة، ولم يختلف الفقهاء في جواز قرض المشاع([1]).
  • أنه كما يجوز بيع الأسهم فإنه يجوز قرضها؛ لأن كل ما جاز بيعه جاز قرضه.
  • القرض ليس من عقود المعاوضات، وإنما من عقود الإرفاق والإحسان، وهو مبني على المسامحة.

 

الاتجاه الثاني: المنع، وهذا اختيار بعض الباحثين.

الأدلة:

  • أن الأسهم تتقلب أثمانها بدرجة كبيرة، فيفضي ذلك إلى النزاع والخصومة وشعور أحد الطرفين بالغبن الفاحش.
  • أن موجودات الشركة تتغير من وقت لآخر فإذا ألزم المقترض برد حصة شائعة في الشركة فقد يترتب على ذلك أن يرد شيئا غير مماثل لما اقترضه.
  • أن واقع الشركات يتعذر معه العلم بمقدار وحقيقة ما يمثله السهم من موجودات عند القرض؛ فإن الغالب على موجودات الشركات أن تكون خليطا من النقود والديون والأعيان، ويتعذر في العادة معرفتها على جهة التفصيل في كل وقت، بحيث إذا أراد أحد المساهمين أن يقرض أسهمه استطاع معرفة ما تمثله تلك الأسهم تفصيلا، ولما كان الأمر كذلك، وكان قرض النقود والديون لا يصح إلا أن تكون معلومة المقدار، وقرض الأعيان لا يصح إلا بشرط العلم بها فإن قرض الأسهم والحالة هذه غير جائز.

 

الاتجاه الثالث: التفصيل: وذلك بالنظر إلى موجودات الشركة، فيجوز إن كانت مثلية لا قيمية، أما إذا كانت الموجودات مختلفة فالعبرة بالغالب، وهذا القول بناء على أن المال القيمي لا يجوز إقراضه، وهذا اختيار الصديق محمَّد الضرير.

المسألة الثانية: كيفية رد قرض الأسهم:

للمعاصرين عدة اتجاهات في كيفية رد قرض الأسهم:

الاتجاه الأول: أن السهم مثلي مطلقا، بصرف النظر عما يمثله، فيجوز اقتراضه، ويرد سهما مثله من نفس الشركة، وهذا قول محمد علي القري.

الأدلة:

  • أنه يمكن رد مثل الأسهم بدون تفاوت، وهذا هو ضابط المثلي، أما تغير قيمة الأسهم فإنه لا يؤثر في صحة القرض كما لو استقرضت نقودًا، فتغيرت قيمتها، فالواجب رد مثلها.
  • أن الواجب في القرض رد مثل العين المقترضة بضرف النظر عن قيمتها السوقية إذ القرض عقد إرفاق وإحسان وليس عقد معاوضة.
  • أن إلزام المقترض برد قيمة الأسهم السوقية وقت القرض هو إلزام له بأن يرد شيئا آخر ليس مثلا لما اقترض فعلا، وذلك مخالف لحكم القرض؛ إذ الواجب في القرض رد المثل إذا كان المال المقترض مثليا، وهو لم يقترض نقودا فكيف يرد نقودا؟

 

الاتجاه الثاني: أن السهم قيمي، وعليه أن يرد قيمته السوقية عند القرض لا رد السهم نفسه، وهذا قول محمد المختار السلامي.

الأدلة:

  • أن السهم إنما ينظر فيه إلى قيمته المالية التي تظهر في تداوله بالبورصات، وهي الغالبة التي تتوجه إليها الأغراض، لا الناحية المالية في موجودات الشركة، وما لها، وما عليها.
  • أن مشتري السهم لا يهمه النشاط الاقتصادي للشركة، وإنما يهمه وضعها المالي في البورصة، فتوقعه لارتفاع ثمن السهم أو انخفاضه، هو الذي يوجه اختياره في الشراء والبيع.

الاتجاه الثالث: النظر إلى موجودات الشركة، فإن كانت الموجودات مثلية فإنه يرد مثله، وإذا كانت موجوداتها قيمية فإنه يرد قيمة السهم السوقية عند القرض؛ وذلك لأن السهم حصة شائعة في رأس مال الشركة، والمثلي يرد بمثله والقيمي يرد بقيمته.


([1]) البناية شرح الهداية (10/283)، معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام (ص: 139).

المراجع

1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، العدد السابع.
2) المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، دبيان الدبيان، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض- المملكة العربية السعودية، الطبعة: الثانية، 1432هـ.
3) اقتراض الأسهم، أو رهنها، أو بيعها مرابحة، أو تأجيرها. د. الصديق الضرير، أعمال الندوة الفقهية الثالثة، تنظيم بيت التمويل الكويتي..
4) اقتراض الأسهم أو رهنها، أو بيعها مرابحة أو تأجيرها، محمد المختار السلامي، بحث مقدم لأعمال الندوة الفقهية الثالثة، تنظيم بيت التمويل الكويتي.
5) أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة: مبارك آل سليمان، كنوز إشبيليا، الطبعة الأولى: 1426 هـ / 2005 م.
6) الأسهم وأحكامها في الفقه الإسلامي، محمد صالح بن ألفا عمر جالو “ضيف الله الغيني”، دار الكتب العلمية، بيروت.
7) النوازل في القرض، صالح بن علي الجوعي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،1432هـ-1433هـ.
8) الأسهم والسندات، أحمد الخليل، نشر دار ابن الجوزي – الدمام، الطبعة الأولى 1424 هـ.
9) موقع طريق الإسلام، المفتي: محمد بن سعود العصيمي، تاريخ الفتوى: 7-6-2008م، رابط المادة http://iswy.co/euu11
10) موقع دبي المالي DFM الصفحة الرئيسية، المنتجات، إقراض واقتراض الأوراق المالية، رابط المادة:
11) https://www.dfm.ae/ar/products/securities-lending-borrowing

مسائل ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى