إعطاء مصل الحقيقة من أجل الحصول على الاعتراف والإقرار
مسألة رقم 252
1. استعمال مصل الحقيقة في التحقيق.
2. استخدام العقاقير المخدرة في التحقيق.
3. استعمال مصل الحقيقة في الاستجواب.
4. استعمال عقار مصل الحقيقة في إثبات الجرائم.
مصل الحقيقة: هو عقار مخدر يقدم للمتهم، وله تأثير يشبه إلى حد كبير تأثير الكحول؛ بحيث يسبّب لمتعاطيه الشعور بالصفاء والألفة والانشراح مما يفقده السيطرة على نفسه، ويصبح ثرثارا، يناقش أفكاره ومعاناته دون أن يتحكم في إرادته.
وترى بعض الجهات الأمنية – وهو رأي لبعض القانونيين – أن هذه الحالة تسمح لهم باستجوابه للكشف عن الجريمة، واستخلاص الأدلة والقرائن التي تفيد في التعرف على ملابساتها، ومن يقف وراءها.
ولكن المشكلة أن هذا العقار يجعل الكلام الصادر من الإنسان في حالة مصل الحقيقة مزيجا من الحقيقة والخيال مما قد يؤدي إلى ضياع خطوط الاستدلال، وفوات الوقوف على الحقيقة.
فهل يجوز استعمال هذه الوسيلة في إثبات الجرائم من خلال الحصول على إقرار المتهم؟
يحرم استعمال عقار مصل الحقيقة لغرض الحصول على الاعتراف من المتهم؛ وذلك لأمرين:
أولا: النظر في ذاته، وهو بهذا الاعتبار يجمع جملة من المعاني المقتضية للتحريم، ويمكن إيجازها فيما يلي:
- أن استعمال هذا العقار في التحقيق يمثل اعتداء على عقل الإنسان، ويفقده الإرادة والاختيار، والشريعة سعت لحماية العقول، ومنَعت كل ما يسبب لها الخلل أو الاضطراب حالا أو مآلا.
- أنه ينافي مراعاة الكرامة الإنسانية في الاستجواب والتحقيق باستعمال ما يؤثر في وعيه وإدراكه، والشريعة الإسلامية قد قررت الكرامة الإنسانية من خلال قول الحق سبحانه: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) ]الإسراء: 70[.
- أنه يفضي إلى ضرر محقق بما يسببه من اضطرابات في شخصية الإنسان، الذي ينتج عنه ضعف الإدراك والتوازن النفسي بسبب تأثير المخدر على الجهاز العصبي، والضرر منفى في الشريعة.
- أنه يفضي إلى إقرار لا قيمة له في ميزان الشرع، ولا يترتب عليه آثاره؛ إذ من شرط الإقرار أن يكون صادرا من مكلف حال اختياره، وعقار مصل الحقيقة يفقد الإرادة والاختيار، ومن ثم لا يترتب عليه أثره.
ثانيا: النظر في نتائج التحقيق باستعمال مصل الحقيقة، فهي أيضا ليست مؤكدة؛ وذلك لأمرين:
الأول: أن الدراسات الصادرة من بعض الجامعات الغربية تؤكد أن بعض المتهمين لا يبوحون بالاعتراف تحت تأثير عقار مصل الحقيقة، وأن مرضى المازوشتيه قد يعترفون بجرائم لم يرتكبوها، وإنما بقيت في مرحلة التفكير.
الثاني: أنه قد يفضي إلى نتائج وهمية؛ لأن ما يدور في رأس الإنسان لا يعبر بالضرورة عن الحقيقة، فقد يكون تفكير المتهم – الواقع تحت تأثير مصل الحقيقة – مجرد أوهام لا حظ لها في واقع الوجود([1]).
([1]) وكثير من الدول الغربية مثل: الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما تحرم قوانينها استعمال مصل الحقيقة في التحقيق باعتبار أنه يسيء لكرامة الإنسان، وتعتبر الإقرار الواقع تحت تأثيره لاغيا، لا قيمة له في مجال الإثبات.
1. الإثبات بالخبرة بين القضاء الإسلامي والقانون الدولي وتطبيقاتها المعاصرة- دراسة مقارنة، إعداد: عبدالناصر بن محمد شنور.
2. أحكام استخدام وسائل التحقيق الحديثة، للباحث عبدالله بن عبدالعزيز الفحام، ماجستير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المعهد العالي للقضاء عام: 1431 ه الموافق: 2010 م.
3. استخدام المحققين لوسائل التقنية وعلاقتها بالكشف عن الجريمة، إعداد: محمد فريج العطوي، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في جامعة مؤتة، العام 2009م.
4. تقارير خبراء الأدلة الجنائية وعلاقتها بإثبات الجريمة، محمد بن أحمد أبو حميد، ماجستير بقسم العلوم الشرطية، تخصص تحقيق وبحث جنائي، جامعة نايف، عام: 1424 ه الموافق: 2003 م.
5. التقنيات الحديثة في التحقيق الجنائي وأثرها في ضبط الجريمة، للباحث سالم بن حامد البلوي، ماجستير في العلوم الشرطية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عام: 1430 ه الموافق: 2009 م.
6. مصل الحقيقة وموقف القانونيين منه على موقع:
(www.startimes.com)