1. إرث المال المحرم.
2. الكسب الحرام.
3. إرث المقبوض بعقد فاسد.
إذا ترك الميت أسهما في شركة محرمة، فلا يخلو حال الورثة من أحد ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأول: أن يجهلوا حرمة تلك الأسهم.
الاحتمال الثاني: أن يعتقدوا أنها حلال.
الاحتمال الثالث: أن يعتقدوا حرمتها.
فإن كان الواقع أحد الاحتمالين الأولين فلا إشكال في جواز اقتسام الورثة لتلك الأسهم وعوائدها على سبيل الميراث.
وإن كان الواقع هو الاحتمال الأخير، فهل يجوز للورثة اقتسام تلك الأسهم بينهم حسب الميراث الذي فرضه الله لهم، أو يجب عليهم التخلص منها، أو تطهيرها كما كان واجبا على مورثهم؟
السهم – باعتباره – حصة شائعة من رأس مال شركة المساهمة يدخله التحريم، بسبب أصل نشاط الشركة المحرم كالشركات التي تتاجر في الأمور المحرمة، وإما بسبب غلبة العوائد والقروض الربوية، وبيان حكم ذلك في الحالين التاليين:
الحال الأولى: أن يكون تحريم السهم ناتجا عن حرمة أصل نشاط الشركة، فلا يجوز في هذه الحال تملكه مطلقاً، ولا يحل للورثة تملكه عن طريق الإرث.
ومن الأدلة على أن الأعيان المحرمة لا تنتقل إلى الورثة: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أبا طلحة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمراً؟ قال: (أهرقها) قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: (لا) أخرجه الإمام أحمد في المسند ح (12210) 3/119، وأبو داود، ح: 3675، وصححه الألباني.
الحال الثانية: أن يكون تحريم السهم ناتجا عن غلبة العوائد والقروض الربوية ونحوها من العقود الفاسدة، فهل يحل لمن انتقل إليه هذا السهم عن طريق الإرث أن يتملك عوائده وأرباحه، وهو يعلم أنها مكتسبة بطريق محرم شرعاً، أو لا يحل له تملكها، وإنما يجب عليه التخلص منها كما كان واجبا على مورِّثه؟
اختلف العلماء في هذه المسألة: على قولين:
القول الأول: وجوب إخراج الورثة للربح المحرم، كما هو قول الجمهور.
وبهذا الحكم صدرت فتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية (16383) التي نصت على ما يأتي: ” فإن كان شيء من المساهمات… في شركة تتعامل بالربا، أو غيره من المحرمات فيجب سحبها منها والتخلص من الربح بدفعه للفقراء والمساكين…”.
القول الثاني: عدم وجوب إخراج الورثة للربح المحرم. وقد نسب إلى بعض العلماء المعاصرين.
وتتخرج هذه المسألة: على المقبوض بعقدٍ فاسد.
وقد اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: أن انتقال المقبوض بعقد فاسد إلى الورثة بالإرث انتقال باطل، ويجب ردّه، ولا يثبت فيه الملك لمن انتقل إليه، ذهب إلى هذا القول بعض الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
وتخريجا عليه فإن الأسهم المقبوضة بعقد فاسد لا يملكها من انتقلت إليه بطريق الإرث، بل يجب عليه فسخ العقد، فيرد الأسهم، ويأخذ الثمن إن أمكن وإلا تخلّص منها، ولا تطيب له.
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية على أن المال المتروك “إن كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء جاز للوارث الانتفاع به”(1).
ويتخرج على هذا الرأي جواز تملُّك الورثة لعوائد الكثير من المعاملات المصرفية والتمويلية التي اختلف في مشروعيتها الفقهاء المعاصرون.
القول الثاني: أن انتقال المقبوض بعقد فاسد إلى الورثة بالإرث انتقال صحيح.
ذهب إلى هذا القول بعض الحنفية، والحسن البصري والزهري والثوري، وسحنون من المالكية.
وتخريجا عليه فإن الأسهم المقبوضة بعقد فاسد يملكها من انتقلت إليه بطريق الإرث، ولا يجب عليه ردها ولا فسخ العقد.
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بأن المال المكتسب بطريق غير مشروع لا ينتقل إلى الورثة ولا يحل لهم تملكه، بأدلة منها:
- الإجماع، يقول ابن رجب: “ومتى علم أن عين الشيء حرام، أخذ بوجه محرم، فإنه يحرم تناوله، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن عبد البر وغيره”(1).
- قياس الوارث على المورث، فما دام المورث يحرم عليه تملك المال ويجب عليه التخلص منه، فكذلك الوارث، ينطبق عليه الحكم نفسه (2).
- قياس المال المكتسب بطريق غير مشروع على حقوق الله الثابتة في ذمة الميت (الزكاة)، فمادام الوارث يلزمه إخراج الزكاة التي هي حق لله، ولا يلزم من ترك إخراجها أكل مال حرام، فمن باب أولى لزوم التخلص من أسهم الشركات المحرمة.
- القياس على المال المغصوب، بجامع أن كلاًّ منهما لم يثبت عليه ملك المورث، فلا ينتقل إلى الورثة.
أدلة القول الثاني:
استدل القائلون بأن انتقال المقبوض بعقد فاسد إلى الورثة انتقال صحيح، بأن المال المكتسب بطريق حرام – مع رضا الدافع – لا يوجد من يطالب به، وبالتالي فإنه يحل للورثة، قياسا على اللقطة.
(1) الفتاوى الكبرى، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: حسنين محمد مخلوف(1/477)
(1) جامع العلوم والحكم، ابن رجب، دار الصفوة، القاهرة – مصر. ص: 84 – 85.
(2) المقدمات الممهدات، ابن رشد، دار الغرب الإسلامي، 3/424 – 425.
1. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب أحمد بن عبدالرزاق الدويش، دار المؤيد، الفتوى رقم: (16383)، المجلد: 14.
2. إرث الحقوق في الفقه الإسلامي، ماجستير، عياد بن عساف بن مقبل العنزي، كلية الشريعة/ قسم الفقه، 1418هـ، المكتبة المركزية.
3. مسائل في تطهير الأسهم، فيصل بن سلطان المري، بحث منشور على موقع الإسلام اليوم، نافذة “بحوث ودراسات”.
(ttp://islamtoday.net/bohooth/artshow86-127232.htm).